تُعَدُّ تقاليد تبادل الهدايا في اليابان مرآةً تعكس عمق الثقافة والعلاقات الاجتماعية في البلاد. فبينما يُنظر إلى بعض الهدايا تاريخيًا باعتبارها رموزًا سلبية أو مسيئة بسبب دلالاتها الثقافية، فإن المجتمع الياباني اليوم يشهد تحولًا تدريجيًا في هذه المفاهيم. لم يعد الاختيار مقيدًا بالتحفظات القديمة بقدر ما أصبح مرتبطًا بفكرة أساسية: أن الهدية يجب أن تعبّر عن الاحترام والاهتمام، وأن تُرضي ذوق المتلقي. ومع ذلك، تبقى بعض الأشياء المستبعدة بطبيعتها، لأنها ببساطة غير مرغوبة أو غير ملائمة.
تجنب دلالات غير مرغوبة للهدايا
تقدم الهدايا في اليابان عادة في المناسبات التذكارية أو عند بلوغ مراحل جديدة في الحياة أو في المحطات المفصلية خلال العام. ويمكن أن تؤثر حروف الكانجي أو العبارات التي تعتبر بشائر خير أو على العكس نذير شؤم في اختيار نوع الهدية المناسبة لكل مناسبة. ولتجنب الوقوع في أخطاء غير مقصودة، إليك بعض الأمور التي يجدر معرفتها حول الأشياء التي يستحسن تجنّبها.
تلعب الأرقام دورا هاما في الممارسات المتبعة عند تقديم الهدايا. ففي العصور القديمة، كانت الأرقام الفردية تعتبر ”ميمونة“، وكان الرقم تسعة على وجه الخصوص أكثرها حظا، لذا كانت تقدّم تسعة هدايا كهدايا خطوبة ”يوئنو“. أما الرقم ثمانية، والذي يكتب بالكانجي 八(هاتشي)، والذي يوحي بالانفراج والتوسع بسبب شكله المشابه للمروحة اليدوية، حيث يتباعد فيه الضلعان المشكلان له، ولذا كان يعتقد أيضا أنه ميمون. أما في الوقت الحالي فمن المناسب أن يبدأ المبلغ النقدي المقدم كهدية تهنئة أو كمواساة في الجنازات برقم فردي، مع تجنب رقم تسعة (كو) لأنه يتشابه في اللفظ مع كلمة ”المعاناة“. وكذلك رقم أربعة (شي) لأنه يتشابه في نطقه مع كلمة ”الموت“.
هدايا يوئنو التسعة المقدمة عند الخطوبة
مجموعة من هدايا يوئنو في منطقة كانتو (طوكيو) (© بيكستا)
تشمل هدايا يوئنو عند الخطوبة الكثير من العناصر ذات الدلالات الرمزية، مثل الكومبو لارتباط اسمه بكلمة يوروكوبو (الفرح) وأذن البحر المجفف، وهو من أشهى الأطعمة يقدم على شكل ناغانوشي، إلى جانب قائمة ”موكوروكو“ التي تضم الهدايا.
أدى تطور قطاع الصناعة والخدمات اللوجستية في العصر الحديث إلى تنوعٍ أكبر بكثير في خيارات الهدايا المتاحة. كما ظهرت عادات جديدة، كثير منها مأخوذ من الغرب. فعلى سبيل المثال، أصبح من الشائع تقديم باقات الأزهار الآن، ويعد القرنفل الأحمر الهدية التقليدية في عيد الأم. أما أزهار أوركيد فالاينوبسيس الفاخرة فتزين المتاجر أو الشركات الجديدة، وترمز أيضا إلى السعادة في لغة الأزهار الرمزية. أما أزهار سيكلامين (التي تنطق باليابانية شي-كو-را-مين)، فهي غير مناسبة لاحتوائها على المقطعين شي وكو، واللذين كما ذكر سابقا يشابهان كلمتي ”الموت“ و”المعاناة“.
بدأ تقليد إهداء أزهار أوركيد فالاينوبسيس في عصر مييجي (1868-1912) (© بيكستا)
كانت الأمشاط (كو-شي وهو نطق يرتبط بكلمتين مشؤومتين) تعتبر هدية غير لائقة، على الرغم من أنها كانت تقدم في فترة إيدو (1603-1868) للنساء من قبل الرجال عند التقدم للزواج. أما السكاكين فقد ينظر إليها أيضا بنوع من التحفظ لأنها تذكر بفكرة ـ”قطع (العلاقات)“، مع أنها كانت تعتبر قبل قرون هدية مرموقة بين عائلات الساموراي، وكان يعتقد أنها تدرأ الشر. لكن في الوقت الحالي تغيرت المفاهيم، وأصبح بعض الناس يهدون الأمشاط أو السكاكين، ما يشير إلى أن ما يعتبر مقبولا من الهدايا يتغير مع مرور الزمن.
أمثلة على الهدايا المحظورة
الأمشاط
مشط تقليدي مصنوع من خشب البقس. توضح هذه الصورة أن بعض الهدايا قد تكون مقبولة، ولكن يستحسن الحذر. (© بيكستا)
ترتبط الأمشاط (كوشي) بصور مشؤومة متعددة. ولكن في الآونة الأخيرة، بدأ تسويقها على أنها مثالية لـ ”حل التشابكات“، وبمعنى مجازي تشير إلى تعزيز العلاقات وجعلها أكثر سلاسة، ما أدى إلى تلاشي صورتها السلبية كهدية إلى حد ما.
الأدوات الحادة
سكّينتان ومقص مطبخ (© بيكستا)
ترتبط السكاكين والمقصات لدى البعض بـفكرة ”قطع العلاقات“، ولذا ينظر إليها بعين التحفظ كهدايا في مناسبات مثل حفلات الزفاف أو الانتقال إلى منزل جديد. لكن من ناحية أخرى، قد تعتبر فألا حسنا، لأنها تساعد على ”فتح الطريق إلى المستقبل“.
مناديل الجيب القماشية
تستخدم المناديل البيضاء عادة في الجنازات (© بيكستا)
غالبا ما يتم اختيار المناديل كهدية لصديق أو زميل مغادر، لأنها مفيدة في مسح الدموع عند الفراق. لكن في بعض الحالات النادرة، يفسرها بعض الناس على أنها رمز لقطع العلاقات بسبب قراءة بديلة للكانجي الخاص بها. ولتخفيف أي انطباع سلبي عن هذه الهدية، يستحسن اختيار نقشة مختارة بعناية أو ملاحظة مكتوبة بعبارات لطيفة.
الأحذية
الجوارب والأحذية الرسمية. توضح هذه الصورة أن هذه الهدايا من الأفضل تجنبها (© بيكستا)
تعد الجوارب والأحذية هدايا غير مناسبة للوالدين أو المديرين، لأن كل ما يرتبط بالدعس فوق شيء ما يعتبر غير مهذب. كما تختلف الأذواق الشخصية، لذا من الأفضل تجنب هذا النوع من الهدايا.
الساعات والقرطاسية
ساعة يد وقلم حبر. (© بيكستا)
يستحسن تجنب تقديم هذا النوع من الهدايا للشخص الأعلى مرتبة منك، لأن ذلك قد يفهم على أنه تلميح بأنه يجب عليه العمل بجهد أكبر.
الأواني الزجاجية كهدية في حفلات الزفاف
كوبان زجاجيان منقوشان. (© بيكستا)
تنكسر الأواني الزجاجية بسهولة، ما يوحي بفكرة فسخ الخطوبة أو الطلاق.
الشموع أو الأشياء المولدة للحرارة كهدية عند الانتقال إلى منزل جديد
شموع عطرية (© بيكستا)
نظرا للدلالات المرتبطة بالنار، ينصح بعدم تقديم أي شيء مرتبط بالحرارة سواء منفضة سجائر أو مدفأة أو شموع عطرية، كهدية للمنزل الجديد. ولنفس السبب، يتجنب البعض تقديم أي شيء أحمر اللون في هذه المناسبة.
أصيص نباتات منزلية عند عيادة المرضى
أصيص نبات منزلي. (© بيكستا)
لتجنب الإيحاء أن المرض قد يتجذر ويستمر، يستحسن عدم تقديم نبات مزروع في أصيص عند عيادة مريض. ومن الناحية العملية، لا ينبغي أن تحمّل صديقك أو قريبك عند زيارته في المستشفى عبء العناية بالنبات ثم حمله معه لاحقا عند عودته للمنزل.
إن العديد من المعتقدات المرتبطة بالهدايا هي ببساطة خرافات معاصرة لا أساس لها. على سبيل المثال، غالبا ما يرتبط الشاي الأخضر بالجنازات، لذا يتجنب بعض الناس تقديمه في مناسبات التهنئة بسبب هذا الطابع السلبي. ولكن حقيقة أن الشاي الأخضر خفيف الوزن وقابل للتخزين ويستمتع به معظم الناس، تجعله هدية مثالية رمزية للعزاء.
هناك بعض الناس حساسون جدا للدلالات السلبية المرتبطة بأنواع معينة من الهدايا، لكن المواقف تتغير، وما كان محظورا بالأمس قد يكون مقبولا اليوم. ويبقى الغرض الأساسي من تقديم الهدايا هو التعبير عن الشكر أو الاهتمام. أما الفائدة أو المتعة التي ستمنحها الهدية للمتلقي فيجب أن تكون المعيار الأهم عند اختيار أي هدية.
(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. كتبت تحت إشراف شيبازاكي ناؤتو، أستاذ مشارك في جامعة غيفو، متخصص في تعليم الآداب والسلوك من منظور نفسي، ويعمل على توجيه معلمي الآداب، وهو مدرب في تقاليد إتيكيت أوغاساوارا-ريو. الرسوم التوضيحية من ساتو تاداشي. صورة العنوان: تتضمن رسوم توضيحية من ساتو تاداشي، © بيكستا)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | لماذا تعتبر الهدايا لغة خاصة في الثقافة اليابانية؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.