اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | هل يمكن وقف الخرف قبل بدايته؟ اليابان تقدّم الإجابة

  • اليابان | هل يمكن وقف الخرف قبل بدايته؟ اليابان تقدّم الإجابة 1/7
  • اليابان | هل يمكن وقف الخرف قبل بدايته؟ اليابان تقدّم الإجابة 2/7
  • اليابان | هل يمكن وقف الخرف قبل بدايته؟ اليابان تقدّم الإجابة 3/7
  • اليابان | هل يمكن وقف الخرف قبل بدايته؟ اليابان تقدّم الإجابة 4/7
  • اليابان | هل يمكن وقف الخرف قبل بدايته؟ اليابان تقدّم الإجابة 5/7
  • اليابان | هل يمكن وقف الخرف قبل بدايته؟ اليابان تقدّم الإجابة 6/7
  • اليابان | هل يمكن وقف الخرف قبل بدايته؟ اليابان تقدّم الإجابة 7/7

بين من يتمتعون بقدرات إدراكية طبيعية ومن يعانون من خرف متقدم، توجد فئة واسعة من الأشخاص المصابين بضعف إدراكي خفيف، غالبًا ما يمرّ وضعهم بين السطور. اليوم، يسعى المتخصصون إلى إيجاد سُبل لا تقتصر على إبطاء تقدّم هذا الضعف فحسب، بل عكس مساره في بعض الحالات، عبر مناهج جديدة تمزج بين التدريب الإدراكي والتمارين البدنية، في محاولة لفتح نافذة أمل أمام المصابين وأسرهم.

ربط العقل بالجسد

وفقًا لبحث أجراه نينوميا توشيهارو، الأستاذ بجامعة كيوشو، يُقدر عدد اليابانيين المصابين بالخرف بحلول عام 2025 بنحو 4.7 مليون نسمة، بينما يعاني 5.6 مليون آخرون من ضعف إدراكي خفيف (MCI). وهذا يعادل أكثر من 10 ملايين نسمة إجمالًا، ويرتبط بحقيقة أن جيل طفرة المواليد، الذي يُعرّف عمومًا بأنه جيل المولودين في أواخر أربعينيات القرن الماضي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تجاوز الآن 75 عامًا.

حالات الخرف والضعف الإدراكي الخفيف في اليابان

يُعرف الضعف الإدراكي الخفيف بأنه حالة تؤثر على الذاكرة والتفكير دون أن تعيق الحياة اليومية بشكل كبير. على سبيل المثال، قد ينسى الشخص محتويات عشائه (نسيان طبيعي)، لكنه قد ينسى أنه أكل العشاء تمامًا فهذا علامة على الضعف الإدراكي الخفيف. هنا يأتي دور ”كوجنيسايز“ (Cognicise)، وهي تقنية تدريبية مزدوجة المهام تجمع بين ”الإدراك“ (cognition) و”التمارين“ (exercise). تهدف إلى تعزيز الوظائف الإدراكية من خلال ربط النشاط الذهني بالحركة الجسدية، مما يخلق روابط عصبية جديدة في الدماغ.

إذا تُرك الضعف الإدراكي الخفيف دون علاج، فقد يتطور إلى الخرف، لكن العلاج المناسب يزيد من فرص تأخير ظهور الخرف، أو حتى استعادة الوظيفة الإدراكية. وتحظى تقنية التدريب ثنائية المهام (cognicise) - وهي مزيج من ”الإدراك“ و”التمرين“ - باهتمام خاص في الوقت الحالي، وتهدف إلى تنمية الوظيفة الإدراكية من خلال الحركة البدنية.

54db0c756d.jpg

مستشفى «تسوروكاوا ساناتوريوم» في مدينة ماتشيدا بطوكيو مُصنَّف رسمياً من قِبل حكومة العاصمة كمستشفى عام متخصص في رعاية مرضى الخرف. وفي أبريل 2022، افتتح المستشفى استوديو «أسمو»؛ وهو مركز تدريبي مُصمَّم خصيصاً لمرضى الخرف المزمن، يقدم حالياً دروساً أسبوعية مدتها ثلاث ساعات كل يوم ثلاثاء.

زرتُ «أسمو» في أحد أيام بداية أغسطس، وحضرتُ جلسة ضمَّت 12 مسنّاً ومسنّة. بعد تمارين الإحماء الشاملة، انتقلنا إلى النشاط الرئيسي المعروف باسم «الكوينسايز»؛ وهو برنامج رياضي هوائي يربط بين الحركة الجسدية والنشاط الذهني في الوقت نفسه.

يضع المعالج المهني، ماتسو ريوسوكي، قواعد بسيطة تربط الأرقام بالخطوات؛ فقد يعني الرقم «1» خطوة للأمام، و«2» خطوة للخلف، و«3» خطوة لليمين، و«4» خطوة لليسار. والمدهش أن معظم المشاركين – رغم إصابتهم بالخرف – ينجحون في متابعة التعليمات بدقة تامة حتى عندما يُنطق المعالج الأرقام بترتيب عشوائي تماماً.

المعالج الوظيفي ماتسوو ريوسوكي. (© موتشيدا جوجي)
المعالج الوظيفي ماتسوو ريوسوكي. (© موتشيدا جوجي)

رفع ماتسو ريوسوكي بعدها مستوى التحدي، فانتقل من الأرقام البسيطة إلى عمليات حسابية متنوعة مثل ”اثنان زائد اثنان“، و”عشرة ناقص ستة“، و”تسعة وتسعون ناقص سبعة وتسعين“. ثم زاد الصعوبة أكثر باستخدام عمليات طرح من أربعة أرقام، مثل ”9998 ناقص 9995“. هنا بدأ بعض المشاركين يتباطؤون قليلاً أو يرتكبون أخطاء بسيطة، وبعضهم الآخر توقف لحظات متردداً في اختيار الاتجاه الصحيح، بل إن أحدهم كاد يفقد توازنه. ورغم شعورهم بالإحباط الواضح لعدم إتقانهم المهمة تماماً، إلا أن الجميع استمر في بذل جهد صادق وابتسامة لا تفارق وجوههم.

يوضح ماتسو: ”الهدف ليس الإجابة الصحيحة بسرعة البرق، بل تنشيط الدماغ نفسه. لا بأس إطلاقاً إن تأخرت الاستجابة، فمجرد المحاولة والتفكير تكفي لتحفيز الخلايا العصبية“.

إلى جانب الحصص الأسبوعية، يُجري مركز «أسمو» في نهاية كل شهر تقييماً فردياً دقيقاً لمتابعة التغيرات في الوظائف الإدراكية لكل مشارك. ويؤكد ماتسو أن غالبية المتدربين يلاحظون تحسناً ملموساً مع الوقت، إذ يعود الكثيرون إلى ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، بل ويستعيدون هواياتهم المفضلة التي كانوا قد تخلوا عنها منذ سنوات.

وفي السياق ذاته، تشير إحصاءات المركز الوطني لطب الشيخوخة وطب الأعصاب إلى أن 5 إلى 15% فقط من المصابين بالضعف الإدراكي الخفيف يتطور لديهم الخرف كل عام. ورغم أن الأطباء لا يزالون حذرين في إطلاق تأكيد علمي قاطع على فعالية هذا النوع من العلاج، فإن تجربة «أسمو» تثبت يوماً بعد يوم أنها قادرة – على الأقل – على إبطاء التدهور الإدراكي بشكل واضح، بل وتحسين جودة حياة المشاركين في كثير من الحالات.

آليات التحفيز

من بين المشاركين في برنامج «أسمو»، تبرز قصة السيدة فومي أوتاكي، التي تجاوزت الثمانين من عمرها. انضمّت إلى التدريبات قبل ثلاث سنوات بناءً على نصيحة أفراد عائلتها، وهي اليوم لا تكفّ عن القول إن أكبر تغيير طرأ عليها هو عودة الحيوية والحماس إلى حياتها. تضيف أوتاكي بابتسامة: ”كلما التقيتُ بصديقاتي القديمات يندهشن من نشاطي، ويقُلن لي دائماً: يا فومي-سان، أنتِ لم تتغيري إطلاقاً!“.

عندما بدأت البرنامج، كانت في حالة مختلفة تماماً؛ فقدت الرغبة في أي نشاط، وتوقفت عن هواياتها التي كانت تعشقها يوماً، مثل الذهاب إلى السينما وحضور المسرحيات. تُرجع جزءاً كبيراً من هذا التراجع إلى فقدانها زوجها قبل سنوات، الذي ترك فراغاً عاطفياً عميقاً.

في الأشهر الأولى، كانت تتغيب كثيراً، وتبحث عن أي عذر لعدم الحضور. لكن مع الوقت، وبفضل صبر المعالجين الشباب وتشجيعهم الدائم، بدأت إرادتها تعود خطوة بخطوة. تختم السيدة أوتاكي حديثها بثقة واضحة: ”في البداية قالوا لي: (فقط استمري، وسوف ترين النتيجة). صدّقتهم، والحمد لله تحقق ذلك فعلاً. المعالجون الشباب هنا مخلصون جداً، وهذا يدفعني كل مرة إلى بذل أقصى ما أستطيع“.

التدريب في مركز أسـمو. (بتصريح من مستشفى تسوروكاوا ساناتوريوم)
التدريب في مركز أسـمو. (بتصريح من مستشفى تسوروكاوا ساناتوريوم)

يؤكد هيرويوكي كوماتسو، مدير مركز علاج الخرف بالمستشفى، أن تمارين كوجنيسايز تعمل على إنشاء روابط عصبية جديدة بين مناطق الدماغ المسؤولة عن الحركة البدنية وتلك المعنية بالوظائف الإدراكية، ما يعزز نشاط الأجزاء السليمة من الدماغ. ويشير كوماتسو إلى أن هذه العملية تساعد على تعويض التراجع الذي قد يصيب مناطق أخرى، بما يسهم في الحفاظ على التوازن الوظيفي للدماغ رغم التقدم في العمر أو ظهور مؤشرات عن وجود الضعف الإدراكي.

الضعف الإدراكي الخفيف

ما الذي يسبب الضعف الإدراكي الخفيف؟ يؤكد هيرويوكي كوماتسو، مدير مركز علاج الخرف، أن هذه الحالة قد تنجم عن مجموعة من العوامل، أبرزها اضطرابات نمط الحياة اليومية، والإفراط في شرب الكحول، والإكثار من تناول الطعام. ويشير إلى أن المرضى لديهم فرصة لاستعادة وظائفهم الإدراكية الطبيعية عبر تبني نمط حياة صحي، وممارسة تمارين (كوجنيسايز) أو برامج مشابهة، والتي تُسهم في التعامل مع التراجع المؤقت للقدرات العقلية.

هيرويوكي كوماتسو، مستشفى تسوروكاوا ساناتوريوم. (© موتشيدا جوجي)
هيرويوكي كوماتسو، مستشفى تسوروكاوا ساناتوريوم. (© موتشيدا جوجي)

يُعَدّ مرض ألزهايمر أحد الأسباب الرئيسية المحتملة للضعف الإدراكي الخفيف. فمع تقدّم العمر، تقلّ كفاءة الدماغ في التخلّص من الفضلات، مما يؤدي إلى تراكم بروتين «أميلويد بيتا» داخل الدماغ، وهو المشتبه به الأول في إحداث مرض ألزهايمر. هذا التراكم يتسبب تدريجياً في تلف الخلايا العصبية وضمور أنسجة الدماغ، وعندما يتجاوز مستوى معيّناً، تبدأ أعراض الضعف الإدراكي الخفيف في الظهور.

يوضح الدكتور هيرويوكي كوماتسو أن ألزهايمر مرض تدهوري لا يمكن عكس مساره للأسف، وفي النهاية يصل معظم المرضى إلى مرحلة الخرف الكامل. لكن حتى بعد تأكيد التشخيص، لا يزال هناك مجال للتدخل المبكر: فاستخدام الدواء الحديث ليكانيماب (Lecanemab) في مرحلة الضعف الإدراكي الخفيف قد يُبطئ تقدّم المرض بشكل ملحوظ، فيما تظل تمارين «كوجنيسايز» أداة فعّالة جداً للحفاظ على القدرات الوظيفية اليومية لأطول فترة ممكنة.

ويشدّد الدكتور كوماتسو على نقطة جوهرية: ”التمييز بين مجرد ضعف الذاكرة وبين فقدان القدرة على أداء المهام اليومية هو الفارق الحقيقي. بالنسبة لي، ليست المشكلة الأساسية هي كمية لويحات الأميلويد المتراكمة في الدماغ، بل هل لا يزال الشخص قادراً على تناول طعامه بنفسه، والاستحمام، واستخدام الحمام باستقلالية، ومواصلة حياته الطبيعية، والاستمتاع بهواياته، والحفاظ على جودة حياته إلى أبعد مدى ممكن. هذا هو الهدف الحقيقي الذي ينبغي أن نركّز عليه“.

الضعف الإدراكي الخفيف غير المشخّص

إذا تم تشخيص المرض في مرحلة الضعف الإدراكي الخفيف، تتسع أمام المريض خيارات العلاج، ولا تقتصر على تمارين كوجنيسايز فحسب. ومع ذلك، يبقى التمييز بين الضعف الإدراكي الخفيف والنسيان الطبيعي المرتبط بالتقدم في السن تحديًا كبيرًا، إذ لا يواجه المصابون صعوبة ملحوظة في أداء مهامهم اليومية. ولهذا السبب، غالبًا ما يتأخر طلب الرعاية الطبية حتى تتفاقم الأعراض، ويكتشف المرض عادةً بعد أن يتطور إلى مرحلة الخرف.

التشخيص المبكر مفتاح الوقاية من الخرف.

ويُقدَّر عدد المصابين بالضعف الإدراكي الخفيف في اليابان بنحو 5.6 مليون شخص، إلا أن هذا الرقم يبقى مجرد تقدير تقريبي، إذ لا يستند إلى تشخيصات فعلية من قبل مقدمي الرعاية الصحية. ومن هنا، يكتسب اكتشاف حالات الضعف الإدراكي الخفيف غير المشخّصة أهمية كبيرة للحد من انتشار الخرف.

في هذا السياق، تُنظّم بعض البلديات برامج مثل (فحوص صحة الدماغ) أو اختبارات النسيان، التي تهدف إلى تقييم المشاركين للكشف عن احتمالية إصابتهم بالضعف الإدراكي الخفيف، ومع ذلك، كما يشير كوريتا شونيتشيرو من معهد الصحة والسياسات العالمية، إلى أن هذا الأمر بالتحديد يعود للفرد نفسه لإجراء الفحص، ولا يمكن للسلطات المختصة إجبار الناس على الخضوع له.

ويُشير ذلك إلى أن مدى قدرة هذه البرامج على الوصول إلى جميع المرضى يظل محدودًا. ويؤكد هيرويوكي كوماتسو، من مستشفى تسوروكاوا ساناتوريوم، على الدور الحيوي الذي يلعبه المقربون من المصابين، مشيرًا إلى أن هؤلاء غالبًا ما يكونون الأقدر على ملاحظة علامات بالضعف الإدراكي الخفيف بموضوعية، نظرًا لأن المصابين بأنفسهم قد لا يدركون حالتهم، مما يتيح فرصة ثمينة للكشف المبكر.

ويستشهد كوماتسو بمواقف يومية يمكن أن تكشف الحالة، مثل صعوبة المريض المفاجئة في تناول الأدوية المقررة أو ظهور سلوكيات غير معتادة، حيث يمكن للطبيب العائلي أو أفراد الأسرة أو الأصدقاء المقرّببن رصد هذه العلامات سريعًا، ومن ثم التوصية بتقييم متخصص.

ويختتم كوماتسو بالقول إن الفحوص الإدراكية لن تصبح روتينية ما لم تتحسن معرفتنا وفهمنا للضعف الإدراكي الخفيف

وأعراضه. والأهم، بحسبه، أن يكون المقربون من المصابين واعين بهذه الحالة وعلاماتها، ليتمكنوا من تقديم الدعم المناسب في الوقت المناسب.

(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان الرئيسي: يشارك المشاركون في مركز أسـمو في تمرين إدراكي من خلال السير على الأرقام بترتيب محدد. © مستشفى تسوروكاوا ساناتوريوم)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | هل يمكن وقف الخرف قبل بدايته؟ اليابان تقدّم الإجابة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا