انت الان تتابع خبر قطار روبلوكس أسرع من قيود الدول... انتهاكات تفتك بالأطفال والعراق في الطليعة! والان مع التفاصيل
بغداد - ياسين صفوان - فما بدأ كفضاء ترفيهي ضخم تحوّل إلى محور نقاش حول حماية القاصرين، وتنظيم العملات الرقمية، ومسؤولية الشركات التكنولوجية عن سلامة مستخدميها. واليوم، تجد Roblox Corporation نفسها في مواجهة سلسلة من التحقيقات والدعاوى التي قد تعيد رسم مستقبل صناعة الألعاب بالكامل.
وتواجه المنصة التي تضم عشرات الملايين من المستخدمين النشطين يومياً تحديات قانونية كبيرة في دولٍ مختلفة حول العالم تتمحور حول سلامة الإنترنت والمتحرشين الإلكترونيين.
وتتيح "روبلوكس" للأطفال اللعب لوحدهم أو مع أصدقائهم عبر المنصة، وقد رُوّجت بنجاح بين العائلات، خاصةً أنها تقدم مواضيع تعليمية مثل البرمجة والفيزياء. لكن الانتقادات تزايدت مؤخراً لأسباب متعددة، إذ سمحت أداة تتيح للمستخدمين إنشاء ألعابهم الخاصة، ظهور ألعاب عنيفة أو ذات محتوى جنسي. كما اعترض الكثيرون على خاصية أخرى، تتيح للمستخدمين التفاعل مع الغرباء عبر الإنترنت، بسبب احتمال تعريض الأطفال للتواصل مع أشخاص خطرين.
إجراءات في أميركا ضد روبلوكس
في ولاية فلوريدا، أصدر مكتب المدعي العام إجراءات استدعاء جنائية ضد Roblox لمطالبة الشركة بتسليم سجلات داخلية متعلقة بحماية الأطفال، الاتصالات ضمن المنصّة، وممارسات المراقبة والتبليغ.
في ولايات مثل لويزيانا وكنتاكي، رفعت جهات دعاوى مدنية ضد Roblox تتهمها بعدم توفير الحماية الكافية للقاصرين ومواجهة المحتوى الضار أو التواصل غير المراقب داخل المنصّة.
لدى الشركة إشارات في تقاريرها المالية للهيئات التنظيمية الأميركية إلى أن “قد تتعرض لإجراءات تنظيمية أو إنفاذ قانوني من جهات فيدرالية أو ولايات” بشأن العملة الافتراضية “Robux” وتنظيمها باعتبارها قد تُصنّف كأوراق مالية أو تخضع لقوانين حماية المستهلك.
هناك دعاوى جماعية ضد الشركة من مستثمري الأسهم تتهمها بـ “إخلال بتصريحاتها للمستثمرين” أو تضخيم الأرقام أو إغفال مسائل السلامة والمخاطر.
أما في ولاية تكساس فقد أعلن المدّعي العام، كين باكستون، رفع دعوى ضد شركة روبلوكس بسبب "تجاهلها الصارخ" لقوانين السلامة و"خداعها الأهل" بشأن المخاطر التي تمثلها منصة ألعاب الفيديو على الأطفال والمراهقين، بحسب ما نقله موقع بي بي سي.
ووصف باكستون "روبلوكس" في منشور على منصة إكس بأنها "أرضٌ خصبة للمتحرشين"، واتهمها بأنها "تمنح الأولوية للمنحرفين والأرباح" على حساب سلامة الأطفال.
دول حظرت روبلوكس
العراق: الحكومة أعلنت بأن المنصة تشكّل "خطرًا على الأطفال والمراهقين" بسبب ما وصفته بـ «تواصل مباشر بين المستخدمين ما يعرضهم للاستغلال أو الابتزاز»؛ وتم حظرها على خلفية هذه الملاحظات.
تركيا: حُجِب الوصول إلى المنصة في آب/أغسطس 2024 لأسباب تتعلّق بـ “محتوى قد يؤدي إلى استغلال الأطفال".
قطر: حُظرت في اب 2025، مع الإشارة إلى أن الأسباب تتعلق بسلامة الأطفال والمحتوى الذي لا يتماشى مع القيم المحلية.
الكويت: مؤقتًا أو جزئيًا حُظِرت بسبب مخاوف حول سلوكيات على المنصة تؤثر على الأطفال.
عُمان والأردن: تم تسجيل حظر أو قيود منذ سنوات سابقة لأسباب مشابهة تتعلق بالمحتوى وسلامة المستخدمين الصغار.
الجزائر: أعلنت حظرًا رسميًا في 2025 مستندة إلى رؤيتها بأن أدوات الحماية في المنصة غير كافية للأطفال.
الصين: اللعبة خاضعة لقيود كبيرة أو غير متاحة بالكامل في الصين طبقاً لسياسات الرقابة على الإنترنت.
استدراج إلى الانتحار... العراق نجم الأزمة
صُدم العديد من الآباء والأمهات مؤخراً بعد الكشف عن ضبط السلطات العراقية لمراهق عمره 14 عاماً، تمكن من إقناع 30 شخصاً بالانتحار عبر لعبة روبلوكس.
وكانت قد أعلنت وزارة الداخلية، عن القبض على شخص تسبب بانتحار 30 شخصا بسبب لعبة الروبلكس.
وقال مدير مديرية الاتجار بالبشر في الوزارة اللواء مصطفى الياسري في مؤتمر صحفي حضرته الخليج 365، ان "معلومات وردتنا عن طريق التعاون الدولي بان احد الأشخاص يستدرج الضحايا لغرض إيذاء انفسهم وكتب أسماؤهم بالدم على الأجساد ويحرضون على العنف والايذاء النفسي والانتحار وحرق الحيوانات، بالاستناد الى لعبة الروبلكس".
واضاف "عندما القينا القبض على هذا المتهم بعد سيطرتنا على الكثير من الضحايا واخرها اقدام فتاة على الانتحار، تبين ان هذا المتهم أوقع 30 ضحية بواقع 29 من الدول العربية والأجنبية وواحد في العراق".
وشدد على "ضرورة متابعة الابناء عند تصفحهم مواقع التواصل ومنعم من استخدام مثل هذه الألعاب".
وقد انضم العراق في تشرين الأول 2025 إلى العديد من الدول التي حظرت لعبة روبلوكس على خلفية مخاوف تتعلق بسلامة الأطفال وتعرضهم للابتزاز والاستغلال.
آخر القضايا التي أثارت المخاوف من روبلوكس
شهد القضاء الأمريكي خلال الشهرين الماضيين قضايا مرتبطة بانتحار المراهقين وابتزازهم بسبب نشاطهم على منصة روبلوكس.
من بين تلك القضايا، دعوى رفعتها والدة المراهق إيثان دالاس، 15 عاماً، حيث اتهمت المنصة بالتسبب في وفاة خاطئة، مطالبة بتعويضات وإصلاحات جذرية في سياسات الحماية.
وذكرت الدعوى أن الجاني ابتز الضحية بصور شخصية مقابل عملة «روبوكس» ما أدى إلى انهيار نفسي لدى الأسرة.
كما سجلت ولاية ميشيغان في تشرين الأول 2025 حادثة استغلال لطفلة عمرها 10 أعوام، بعد تواصلها مع محتال تنكر بصفته قاصراً عبر حسابات على المنصة.
وتضمنت دعوى أسرة الطفلة، طلبات بالتعويض وإلزام الشركة بتحسين إجراءات التحقق والحد من إمكانية التمثل بالهوية للأطفال.
فيما شهدت كنتاكي الشهر نفسه انتحار فتاة 13 عاماً تأثرت بمجموعات متطرفة على روبلوكس وديسكورد.
ورفعت أسرة الفتاة دعوى قضائية مشتركة ضد المنصتين مطالبة بتحقيقات جنائية وتعويضات، وفرض تدابير لمنع انتشار مجموعات متطرفة تستهدف القاصرين.
روبلوكس أمام القضاء بسبب التحرش بالأطفال
قدمت مكاتب محاماة أمريكية أكثر من 30 دعوى قضائية ضد شركة «روبلوكس» في عام 2025 فقط، وطلبت محاكم اتحادية توحيد 45 دعوى تواجهها الشركة، ضمن إجراء جماعي في أيلول 2025.
وطالب المدعون بالكشف عن سياسات التحقق من الأعمار، وبالوثائق الداخلية المتعلقة بخوارزميات الرصد وإجراءات الاستجابة للشكاوى.
وأشارت وثائق قدمت في المحاكم إلى وجود تباينات في زمن الاستجابة للشكاوى داخل روبلوكس، وذكرت استراتيجيات يستخدمها الجناة لاستغلال عملة «روبوكس» كوسيلة لابتزاز ضحاياهم.
كما اتهمت ليز موريل المدعية العامة لولاية لويزيانا الشركة بتسهيل الاستغلال الجنسي المنهجي للأطفال، ووصفت المنصة بأنها مكان مثالي للمعتدين على القاصرين.
وجاءت تلك الاتهامات بعدما تلقت سلطات لويزيانا مئات البلاغات، أدى أحدها لاعتقال رجل في تموز 2025 أثناء وجوده على المنصة وبحوزته مواد إساءة جنسية.
إصلاحات متأخرة
أعلنت روبلوكس تنفيذ أكثر من 100 تحديث أمني منذ كانون الثاني 2025، منها نظام الذكاء الاصطناعي Sentinel الذي اكتشف 1,200 محاولة استغلال في ستة أشهر، وتفعيل ميزة التحقق من العمر عبر الوجه، ومنع التواصل بين البالغين والأطفال المجهولين.
لكن في المقابل حظرت الشركة حساب باحث أمني شهير بعد أن ساعد في اعتقال ستة متحرشين، ووجهت الدعوة إلى صانع محتوى غير أخلاقي عبر منصتها لحضور إحدى فعالياتها، ما عرضها لانتقادات حادة.
رئيس روبلوكس يستفز الآباء
قال ديفيد بازوكي، الرئيس التنفيذي لشركة روبلوكس في تصريحات لشبكة فوكس الأمريكية: «نحن لا نسمح بمشاركة الصور على منصتنا، نصفي كل النصوص، لدينا سياسات ضد مشاركة المعلومات الشخصية، ونراقب في الوقت الحقيقي الأذى الجسيم، ونعمل عن كثب مع الجهات القانونية».
وقلل بازوكي من الاتهامات الموجهة إلى روبلوكس واختصاصها بتعريض الأطفال للخطر، موضحاً: «أعتقد أنها مسألة تخص الصناعة برمتها، وكلنا متحدون في حماية الأطفال".
لكن التصريح الأكثر إثارة للجدل بين الأسر القلقة على أطفالها، كان ما صرح به ديفيد بازوكي في حواره مع بي بي سي، قائلاً: «رسالتي الأولى: إذا لم تكن مرتاحاً، فلا تدع أطفالك يستخدمون روبلوكس، نثق بالأهالي دائماً لاتخاذ قرارهم".
واعتبر بعض أولياء الأمور أن تصريح بازوكي بمثابة تنصل من مسؤولية روبلوكس عن سلامة الأطفال، وعدم الرغبة في فرض القيود اللازمة، فيما رآه البعض اقتراحاً عملياً، يضمن منع المشكلة من جذورها.
نشأة روبلوكس
أطلقت شركة «روبلوكس» منصتها عام 2006 لتكون مساحة ترفيهية وتعليمية للأطفال، لكنها تحولت بحلول عام 2025 إلى بؤرة مخاطر عالمية.
سجلت روبلوكس 380 مليون مستخدم شهرياً، بينهم 36% دون 13 عاماً، وحققت أكثر من مليار دولار في الربع الثاني من 2025.
في المقابل، كشفت تقارير المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين بالولايات المتحدة الأمريكية عن وجود 24 ألف بلاغ استغلال جنسي ضد روبلوكس في 2024، وهو نفس عدد البلاغات خلال النصف الأول فقط من 2025، بحسب سي إن إن.
كما قامت السلطات الأمريكية بـ24 حالة اعتقال منذ 2018 على خلفية جرائم استدراج واعتداء تمت عبر روبلوكس.
حتى الآن، لم تصل الإجراءات الأميركية ضد Roblox إلى مرحلة العقوبات الفيدرالية أو الحظر، لكنّ الضغوط تتصاعد من ولاياتٍ مختلفة، فيما تراقب الجهات التنظيمية الفيدرالية التطورات عن كثب.
وبينما تحاول الشركة الدفاع عن سمعتها وتحسين آليات الأمان داخل منصّتها، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح Roblox في تجاوز هذه العاصفة القانونية، أم أن عالمها الافتراضي سيصطدم قريبًا بواقعٍ تنظيمي أكثر صرامة؟
