ابوظبي - سيف اليزيد - آمنة الكتبي (دبي)
كشف خالد العوضي، نائب الرئيس لأنظمة الفضاء في «سبيس 42» عن إنجاز نوعي تمثل في شحن 3 أقمار اصطناعية رادارية: «فورسايت- 3»، «فورسايت- 4»، و«فورسايت- 5» من منشأة التجميع والتكامل والاختبار التابعة لها في أبوظبي إلى الولايات المتحدة، حيث يُعد هذا الإنجاز محطة تاريخية في مسيرة البرنامج الفضائي الإماراتي، إذ تم لأول مرة تنفيذ عمليات التجميع والاختبار الكاملة للأقمار الاصطناعية الرادارية داخل الدولة، ما يعكس انتقال الإمارات من مرحلة استيراد التكنولوجيا إلى مرحلة التصنيع والتطوير المحلي وتعزيز القدرات السيادية في الدولة، وذلك بالشراكة مع كبرى الشركات العالمية، وفي مقدمتها شركة آي ساي الفنلندية.
وقال العوضي: تشكّل هذه الأقمار الثلاثة الجديدة إضافة نوعية إلى كوكبة «فورسايت»، التي تضم حالياً القمرين «فورسايت-1» الذي تم إطلاقه في أغسطس 2024 و«فورسايت-2» والذي تم إطلاقه في يناير 2025، لتقترب المنظومة من اكتمال نضجها بحلول عام 2027.
وأضاف: تتيح هذه الكوكبة المتقدمة من الأقمار الاصطناعية صوراً رادارية بدقة تصل إلى 25 سنتيمتراً، مع قدرة على الرصد المتواصل في مختلف الظروف الجوية وعلى مدار الساعة، ما يجعلها أداةً محورية لتوفير معلومات دقيقة تدعم مجالاتٍ متعددة تشمل الاستجابة للكوارث، ومراقبة المناخ، والتخطيط الحضري، والخدمات اللوجستية، والأمن الوطني، وتحلّل هذه البيانات عبر مركز تحليل البيانات GIQ التي تدمج الصور الفضائية مع التحليلات الجيومكانية المتقدمة لتوفير رؤى فورية تساعد الحكومات والمؤسسات على التخطيط، وإدارة المخاطر، واتخاذ قراراتٍ قائمة على البيانات.
وتابع: ويمثل هذا التكامل بين الرصد الفضائي والتحليل الذكي نقلة نوعية في كيفية فهم البيئة والأنشطة البشرية على سطح الأرض، ولقد نجحنا في تحقيق أول عملية تجميع واختبار متكاملة للأقمار الاصطناعية الرادارية في الإمارات، وهو إنجاز يعكس قدرة كوادرنا الوطنية وشركائنا العالميين على تحويل الرؤية إلى واقع ملموس، وتعد هذه الخطوة تعزيزاً لاستقلالية الدولة التقنية وتضعها ضمن نخبة الدول القادرة على تطوير وتشغيل منظومات رصد الأرض المتقدمة، كما ويتماشى هذا التطور مع استراتيجية الإمارات الوطنية للفضاء 2030، التي تهدف إلى بناء سلسلة قيمة فضائية متكاملة داخل الدولة تشمل البحث، والتصميم، والتصنيع، والإطلاق، وإدارة البيانات، فإن وجود قدرات محلية يفتح الباب أمام جيل جديد من الكفاءات الوطنية في مجالات التصنيع عالي التقنية.
نموذج التصنيع الموزع
قال العوضي: تعتمد «سبيس 42» في نهجها على نموذج التصنيع الموزع الذي يجمع بين الابتكار والقدرات السيادية في الدولة ودمجها مع الخبرة العالمية، مشيراً إلى أن مرحلة الإنتاج تبدأ في فنلندا بالتعاون مع «آيس آي»، وتنفذ عمليات الدمج والاختبار في أبوظبي، ليتم الإطلاق لاحقاً من الولايات المتحدة، ويعكس هذا النموذج المرن قدرة الإمارات على قيادة منظومات فضائية عالمية متكاملة، وتعزيز مكانتها كشريكٍ موثوق في تطوير وتطبيق تكنولوجيا رصد الأرض.
وأكد أن كوكبة فورسايت تعد أحد الركائز الرئيسة ضمن البرنامج الفضائي الإماراتي لرصد الأرض، الذي أُطلق عام 2023 بهدف تعزيز القدرات السيادية في مجال الاستشعار عن بعد باستخدام أقمار اصطناعية ردارية إماراتية، ليضع الدولة ضمن قائمة الدول العشرين الرائدة عالمياً في هذا المجال.
وأوضح أنه من خلال بيانات الأقمار فورسايت تساهم «سبيس 42» في تحسين سبل الاستجابة للكوارث الطبيعية، ورسم خرائط دقيقة للتغيرات المناخية، وتطوير البنية التحتية الذكية، ودعم الأمن الغذائي من خلال مراقبة المحاصيل وجودة التربة، إلى جانب تعزيز العمليات الأمنية، مبيناً أن الفضاء ليس غاية بحد ذاته، بل وسيلة لتمكين المجتمعات، ودفع التنمية، وصناعة المستقبل.