أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في حديث لإذاعة "صوت لبنان"، أن دوائر الفاتيكان تتابع المشهد الداخلي اللبناني بأدق تفاصيله، لحظة بلحظة، وتواكب ظروف البلاد الاستثنائية وما تراكم عليها من تداعيات سلبية بفعل الازمة الاقتصادية، وما يرافقها من موجات هجرة متصاعدة للمواطنين إلى الخارج، إضافة إلى التهديد المستمر باندلاع الحرب الإسرائيلية مجددا فوق الأراضي اللبنانية، بالتوازي مع مسار الصراع القائم بين حزب الله وتل أبيب.
وفي سياق حديثه، أوضح البطريرك الراعي أن إدراج زيارة قداسة البابا ضمن إطار تعزيز أواصر الرجاء لدى المسيحيين يحمل دلالات واضحة، إذ أراد البابا أن يخاطب العالم قائلا: "أنا هنا"، في خطوة يراها الراعي بمثابة استعادة اعتبار للبنان وإظهار قيمته الحقيقية. وشدد على رغبة البابا الراسخة في زيارة دير مار مارون – عنايا حيث يرقد القديس مار شربل، لوضع الملف اللبناني كاملا بين يدي القديس، معتبرا أن هذا الهدف يشكل أحد الأسباب الجوهرية التي تقف خلف هذه الزيارة إلى بيروت.
ووصف الراعي زيارة البابا لاوون الرابع عشر بأنها "تاريخية" من حيث توقيتها ومضمونها، مشيرا إلى أنها ستفتح الباب أمام مقاربة جديدة للبنان، فيما سيمنح اللبنانيين شعورا متجددا بالفرح والثقة بالنفس، ولا سيما أنهم يعيشون في ظل انعدام شبه كامل لجسور الثقة الداخلية والخارجية، وبلد ترك وحيدا ليواجه مصيره. ولفت إلى ضرورة التركيز على الرسائل التي سيحملها البابا، والتي تعكس وقوفه ووقوف الكنيسة الكاثوليكية الجامعة إلى جانب لبنان القائم على مقومات العيش المشترك، وهو ما شدد عليه البابوات المتعاقبون في مسار مستمر.
وفي هذا الإطار، قال الراعي إن البابا لاوون الرابع عشر سيأتي حاملا "رسالة سلام ورجاء"، تمثل حاجة ملحة للشعب اللبناني الذي نسي دوره الريادي في المشرق العربي وقيمة وطنه الصغير المتميز بعيش مشترك نموذجي. وأشار إلى أن هذه الثوابت حاضرة دوما في فكر البابا وستترجم في مضامين خطبه، سواء في لقاء الشبيبة في بكركي، أو لقاء الإكليروس في حريصا، أو في زيارة القديس شربل، أو في الصلاة في مرفأ بيروت، إضافة إلى القداس الاحتفالي الختامي. هذه المحطات، بحسب الراعي، ستجذب انتباه العالم إلى لبنان الذي يفترض مواكبته محليا بالصلاة واتخاذ القرار الوطني بتحمل "المسؤولية الكاملة" التي وضعهم البابا أمامها.
وأضاف الراعي أن ما قبل زيارة البابا لن يشبه ما بعدها، وقد طلب من رعايا الأبرشيات إقامة ثلاثة أيام من الصلاة وقرع الأجراس لمدة خمس دقائق متواصلة عند وصول البابا، بما يخفف الكثير من اليأس والإحباط عن اللبنانيين. كما سيشدد البابا، وفق الراعي، على دور لبنان الفاعل في الشرق الأوسط، وهو الدور الذي لا يمكن التخلي عنه، والمتجلي في العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، وفي ما ينص عليه الدستور والميثاق الوطني. وأشار أيضا إلى التمرس اللبناني في الحريات العامة وشرعة حقوق الإنسان والتعددية الثقافية والدينية، ما يجعل من لبنان قيمة حضارية بحد ذاتها، داعيا اللبنانيين إلى إدراك ذلك بعيدا عن الاعتقاد بأنه بلد مهمش أو بلا فائدة.
ويرى الراعي أن زيارة البابا ستمنح لبنان مكانة خاصة تشكل خدمة كبرى ينبغي على اللبنانيين الاستفادة منها عبر قراءة مضامين رسائله بعمق والعيش وفقها، معتبرا أن قدوم البابا يجب أن يكون مناسبة لإعادة النظر في طريقة التفكير ومقاربة الواقع.
أما بشأن أهداف الزيارة، فكشف الراعي عن مسار متراكم عبر السنوات يستوجب ترسيخ لبنان أرضا للحوار بين الثقافات والحضارات، ومنصة للمؤتمرات الخاصة بحقوق الإنسان والشعوب. غير أنه أشار إلى ضرورة الاقتناع بـ"الحياد الإيجابي" الذي بدونه لا يمكن للبنانيين العيش، وهو المدخل الأساس لاستعادة الدور والرسالة، بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة. وأكد أن البابا لن يذكر "الحياد" صراحة لأنه شأن داخلي، وأن المسؤولية تقع على الدولة لحماية ذاتها والحفاظ على سيادتها بجيش قوي وسياسة خارجية موحدة، وعدم ترك لبنان ممرا للدول أو قاعدة لدولة أخرى، خصوصا سوريا وإسرائيل الأكثر إيذاء له، آملا أن يتحقق مبدأ الحياد يوما ما.
وانتقد الراعي ابتعاد اللبنانيين عن مضمون شعار "لبنان أكثر من وطن إنه رسالة"، محذرا من حصره في إطار المبادئ العامة دون تطبيق عملي. وأبدى استغرابه لغياب المؤتمرات الإقليمية حول ملفات المنطقة عن لبنان "المنفتح"، معتبرا أن الزيارة الحبرية فرصة لترسيخ جوهر هذا الشعار وتوحيد الكلمة الوطنية وعيش الديموقراطية الحقيقية، بحيث تكون زيارة البابا محطة لـ"فحص الضمير" وتصحيح الواقع اللبناني.
وأشار الراعي إلى أن مسار "العيش المشترك" لم يرتق بعد إلى مستوى القرار السياسي الجدي، متحدثا عن انشغال القوى المحلية بحروب داخلية وخارجية تُخاض على أرض لبنان الذي يدفع الكلفة. وانتقد اكتفاء الحكومة بإعلان رفض الحرب بين حزب الله وإسرائيل من دون اتخاذ أي إجراءات للحد من تداعياتها.
وفي موازاة ذلك، لفت الراعي إلى أن ضرب الطائفية يعني ضرب لبنان كله، مؤكدا أن البلاد لم تسلك بعد طريق الحق. ووصف القديس شربل بـ"العالمي"، مشيرا إلى أن زيارة البابا لضريحه في دير مار مارون – عنايا ستشهد وضع "قداسته" نواياه أمام القديس، حاملا هموم الكنيسة الجامعة والملف اللبناني.
أما في ما يتعلق بزيارة مستشفى "دير الصليب" في جل الديب، فأوضح الراعي أن وجود محطة إنسانية ضمن برنامج الزيارة أمر طبيعي، باعتبار أن المؤسسة التي تضم نحو ألف مريض نفسي هي "جمهورية جامعة" للأوجاع والآلام، وتعكس محبة ورجاء تجاه المتألمين وذوي الحاجات، وهي رسالة مباشرة إلى السياسيين الذين يعتمدون نهج "التشاطر" ولا يولون أبناءهم الاهتمام المادي والمعنوي.
كما أكد أن وقفة الصلاة في مرفأ بيروت ستعيد تسليط الضوء على ملف التفجير، مجددا المطالبة بالعدالة بعد ما يقارب خمسة أعوام على الفاجعة، ومنددا بتعطيل عمل المحقق العدلي ورفض الامتثال للسلطة القضائية، رغم أن "العدل أساس الملك" كما تنص القوانين. واتهم السياسة بعرقلة التحقيق والاحتماء بالحصانات.
وعن الاستقبال في قصر بعبدا، قال الراعي إن البابا سيشدد على ضرورة قيام المسؤولين بدورهم الفاعل في الحياة السياسية وتحمل مسؤولياتهم تجاه الوطن، انسجاما مع تعاليم الكنيسة.
وفي لقاء دير سيدة لبنان – حريصا، سينوه البابا بدور المكرسين والمكرسات في المؤسسات التربوية والاجتماعية ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدا أهمية التنسيق معهم، وحاملا إليهم رسالة "رجاء وسلام" ستترك أثرها الإيجابي في النفوس.
وسيخاطب البابا الشبيبة في بكركي مسلطا الضوء على آثار هجرة الشباب، داعيا إلى تعزيز ثقتهم بنفسهم ووطنهم وإرساء الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.
كما وصف الراعي اللقاء المسكوني المرتقب بين البابا ورؤساء الطوائف بأنه "مهم جدا"، لما يجسده من صورة حقيقية للبنان وغناه بالتعددية، حيث "لا أحد نكرة أو غريب". وسيكون للبابا نداء تحية خاص لرجال الدين وفرحة بلقائهم.
وفي الختام، حمّل الراعي الجميع مسؤولية نقل لبنان من واقعه المتردي إلى مستقبل أفضل، انطلاقا من التربية وصولا إلى المؤسسات الدستورية، مؤكدا ضرورة الالتزام بالقانون ووقف ممارسات تهريب الأموال والمخدرات والاغتيالات وتعطيل القضاء، ونبذ المحسوبية والزبائنية، واعتماد نهج إصلاحي حقيقي. وسأل الراعي: من يقفل أبواب الحل؟ أليس تمترس السياسيين في مواقعهم ورفضهم التضحية؟ ودعا إلى البحث عن الحقيقة التي نملك جميعا جزءا منها، وإلى ممارسة الشأن العام بديموقراطية فعلية، ومعاقبة السياسيين في صناديق الاقتراع وفق برامج تنموية حقيقية، آملا مشاركة واسعة من كل الطوائف لسماع الرسائل التي سيحملها البابا "المليئة بالمفاجآت".
من جهة اخرى، أكد الراعي في حديث لصحيفة النهار، أن "بكركي ترى أن الحل لملف سلاح حزب الله هو عبر الدبلوماسية وليس بالمواجهة المسلحة، وهو ما يعتمده رئيس الجمهورية جوزاف عون وهو عين الصواب، متخوفاً من "أن يؤدي استخدام القوة إلى وقوع حرب أهلية ومواجهة مع الجيش".
ورفض الراعي "الربط بين انسحاب إسرائيل من الجنوب وتسليم السلاح، والمقايضة بين الأمرين، وبالتالي على حزب الله أن يسلّم سلاحه وهذا قرار نهائي
كانت هذه تفاصيل خبر الراعي: زيارة البابا ستضع لبنان في مكانة خاصة والحل لملف سلاح حزب الله هو عبر الدبلوماسية لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
