فن ومشاهير

مراجعة فيلم "بوغونيا" (Bugonia) .. يورغوس لانثيموس بين هوس المؤامرة وقلق الإنسان الحديث

  • مراجعة فيلم "بوغونيا" (Bugonia) .. يورغوس لانثيموس بين هوس المؤامرة وقلق الإنسان الحديث 1/5
  • مراجعة فيلم "بوغونيا" (Bugonia) .. يورغوس لانثيموس بين هوس المؤامرة وقلق الإنسان الحديث 2/5
  • مراجعة فيلم "بوغونيا" (Bugonia) .. يورغوس لانثيموس بين هوس المؤامرة وقلق الإنسان الحديث 3/5
  • مراجعة فيلم "بوغونيا" (Bugonia) .. يورغوس لانثيموس بين هوس المؤامرة وقلق الإنسان الحديث 4/5
  • مراجعة فيلم "بوغونيا" (Bugonia) .. يورغوس لانثيموس بين هوس المؤامرة وقلق الإنسان الحديث 5/5

كتبت: ياسمين عمرو في الخميس 30 أكتوبر 2025 03:59 مساءً - عاد المخرج اليوناني يورغوس لانثيموس إلى مهرجان فينيسيا السينمائي بفيلمه الجديد "بوغونيا" Bugonia، بعد نجاحه السابق بفيلم "المخلوقات الفقيرة" (Poor Things)، ليقدّم عملًا يجمع بين الكوميديا السوداء والدراما النفسية في حكاية غريبة، جريئة، ومليئة بالتأملات حول الواقع الحديث وثقافة الخوف ونظريات المؤامرة.

الفيلم هو إعادة تقديم لفيلم كوري صدر عام 2003 بعنوان "أنقِذ الكوكب الأخضر!"، لكنه هذه المرة برؤية أكثر عصرية وبلغة سينمائية تناسب العصر الرقمي، حيث تختلط الحقائق بالأوهام، والإنسان يفقد ثقته في كل شيء حوله، ليغوص في رحلة داكنة داخل عقل الإنسان المهووس بالخطر والسلطة، تجمع بين الخيال والواقع، الضحك والخوف، وتذكّرنا أن أكبر عدوٍ للبشرية ربما يكون الإنسان نفسه.

بوستر فيلم بوغونيا - الصورة من الشركة المنتجة

قصة غريبة تحمل مرآة لواقعنا

تدور الأحداث حول تيدي (جيسي بليمونز)، مربّي نحل يعيش في عزلة ويعاني من هوس المؤامرات. يعتقد أن ميشيل فولر (إيما ستون)، المديرة التنفيذية لشركة أدوية كبرى، ليست إنسانة بل كائن فضائي جاء لتدمير البشرية. وبمساعدة ابن عمّه دون (آيدان ديلبيس)، يقرر تيدي اختطافها واحتجازها في قبو منزله لإجبارها على الاعتراف بالحقيقة.

ميشيل تمثّل نموذجًا لمديرة صارمة، تحكم شركتها ببرود وتتصرف وكأنها آلة لا تعرف الرحمة.

في المقابل، تيدي يمثل الإنسان المهووس بالخوف وفقدان الثقة، الذي يبرر كل أفعاله باعتبارها دفاعًا عن العالم.

الصراع بينهما يتحول إلى مواجهة فكرية وجسدية طويلة، تطرح سؤالًا: من الغريب فعلاً؟ ومن يعيش خارج الزمن وخارج إطار إنسانيته؟

بعد مشهد الاختطاف، يأتي أحد أكثر لحظات الفيلم جرأة من حيث الرمزية لا الصدمة، حين يقوم تيدي بحلاقة شعر ميشيل بالكامل، مؤمنًا بأن شعرها وسيلة تواصلها مع «جنسها الفضائي».

ينفّذ لانثيموس المشهد ببساطة باردة لكنها مؤثرة؛ الكاميرا ثابتة، الصمت يسيطر، وكل خصلة تسقط تتحول إلى إعلان عن فقدان السيطرة والهوية.

بالنسبة لميشيل، كان الشعر رمز قوتها وصورتها المثالية أمام العالم، أما فقدانه فيكشف انكشافها الكامل كإنسانة، ويحوّل علاقتها بتيدي من مواجهة جسدية إلى حرب نفسية مفتوحة.

المشهد أيضًا يُظهر شجاعة إيما ستون في الأداء، إذ اختارت أن تخوض التجربة فعليًا، ما أضفى على اللقطة صدقًا نادرًا يضاعف أثرها الدرامي.

إيما ستون من فيلم بوغونيا - الصورة من الشركة المنتجة

أداءات تمثيلية مميزة

  • إيما ستون تقدّم أداءً متقنًا يجمع بين الجمود والقوة، مجسدة شخصية امرأة فقدت إنسانيتها خلف الواجهة المهنية الباردة، وتستحق ستون الثناء على جرأتها في تمضية معظم زمن الفيلم حليقة الرأس ومغطاة الوجه بالكريم.
  • جيسي بليمونز يقدّم واحدًا من أفضل أدواره، يجمع فيه بين الهدوء والخطر، ليجعل المشاهد يتعاطف معه رغم قسوته.
  • أما آيدان ديلبيس فيضيف لمسة إنسانية مؤثرة بدور الشاب البريء الذي يتورط في جنون ابن عمّه.
    جيسي بليمونز من فيلم بوغونيا - الصورة من الشركة المنتجة

رمزية النحل والموت

يشير اسم الفيلم "بوغونيا" إلى أسطورة يونانية قديمة تقول إن النحل يمكن أن يولد من جثة ثور ميت.

يستخدم لانثيموس هذه الفكرة كرمز واضح: من فساد العالم يمكن أن تولد حياة جديدة، ومن دمار الإنسان قد ينهض الكوكب من جديد.

لانثيموس يصوِّر فيلمه بإضاءة خانقة وزوايا غير تقليدية تجعل المشاهد يشعر بالاختناق النفسي الذي تعيشه الشخصيات.

في المقابل، تمتلئ مشاهد الشركة التي تديرها ميشيل بألوان باردة وتصميمات هندسية صارمة تعكس قسوة عالم الأعمال.

الموسيقى الأوركسترالية التي وضعها جيرسكين فندريكس تزيد من التوتر، وتمنح الفيلم طاقة درامية قوية.

كذلك يتخذ لانثيموس منذ البداية قرارًا بصريًا حاسمًا؛ يضع الكاميرا في موقع يرفع من هيبة تيدي ويقزّم ميشيل، ليجعل الزاوية نفسها أداة سردية تكشف توازن القوة المختل بين الطرفين.

ورغم أن القصة تبدأ بطابع ساخر، فإنها تتحوّل تدريجيًا إلى دراما مؤلمة عن العزلة والجنون الجماعي، وتكشف عن جانبٍ عميق من فقدان الثقة بين البشر في عصر التكنولوجيا والمعلومات المتضاربة، ليدفعنا الفيلم إلى التفكير في سؤال واحد:

هل نحن كبشر السبب في خراب عالمنا؟ وهل يمكن أن يولد الأمل من دمارنا؟

صورة من كواليس فيلم بوغونيا - الصورة من الشركة المنتجة

التقييم النهائي: 3 من 5

"بوغونيا" فيلم ربما يبدو غامضًا أو مطولًا أحيانًا، لكنه يترك أثرًا فكريًا طويلًا بعد المشاهدة، ويؤكد مرة أخرى أن لانثيموس لا يخاف من اختبار صبر جمهوره ولا من طرح الأسئلة الصعبة.

يناسب هذا الفيلم عشّاق السينما الفلسفية الغامضة ومحبي التجارب السينمائية المختلفة التي تثير التفكير أكثر مما تسعى إلى الإمتاع المباشر.
تابعي المزيد ... مراجعة فيلم "جاي كيلي" (Jay Kelly) .. بين تكريم مسيرة جورج كلوني وتأملات باومباخ في ثمن الشهرة
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام الخليج 365».
وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك الخليج 365».
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «الخليج 365 فن».

Advertisements

قد تقرأ أيضا