شكرا لقرائتكم خبر عن الريبل يقفز بأكثر من 9% هذا الأسبوع والان مع بالتفاصيل
دبي - بسام راشد - أخبار الفوركس اليوم الاقتصاد الحربي الذي موّل الهجوم الروسي الشامل على أوكرانيا على مدى 45 شهرًا اعتمد بدرجة كبيرة على عائدات صادرات النفط والغاز الروسية، وعلى ما يصفه المنتقدون بأنه تراخٍ غربي، إلى جانب عدم رغبة الصين والهند في قطع إمدادات الطاقة الروسية بشكل كامل.
لكن الآن، الولايات المتحدة — إلى جانب الاتحاد الأوروبي وبريطانيا — تستهدف أكبر شركات النفط والغاز الروسية، وشبكاتها الواسعة من الشركات التابعة والفروع.
في 22 أكتوبر، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على شركتي "روسنفت" الحكومية و"لوك أويل" الخاصة — وهما أكبر شركتين نفطيتين في روسيا — واللتان تمثل صادراتهما مصدرًا رئيسيًا لتمويل خزائن الكرملين.
وفي اليوم التالي، فرض الاتحاد الأوروبي بدوره عقوبات على "روسنفت" و"غازبروم نفت"، وهي شركة نفطية كبرى تابعة لعملاق الغاز الحكومي "غازبروم".
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تصريح من البيت الأبيض يوم 22 أكتوبر إن هذه العقوبات “كبيرة للغاية – فهي تستهدف شركتيهما الرئيسيتين”، واصفًا إياها بأنها "هائلة".
هل ستنجح هذه العقوبات؟
الجواب: ليس على الفور
قالت ألكسندرا بروكوبينكو، المستشارة السابقة في البنك المركزي الروسي والمحللة في مركز كارنيغي لروسيا وأوراسيا في برلين: "أعتقد أن الأثر القصير المدى لهذه العقوبات سيكون محدودًا. كلا الشركتين كانتا على الأرجح تستعدان لذلك مسبقًا. كما أن جزءًا كبيرًا من صادرات النفط يتم تسعيره باليوان والروبل، لذا لا أتوقع تأثيرًا دراماتيكيًا على الميزانية."
ووصفت ماريا شاغينا، الباحثة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في برلين، هذه العقوبات بأنها أول إجراءات مهمة تتخذها إدارة ترامب، معبرة عن أن ذلك يعكس إحباطًا من "مماطلة روسيا" في الجهود المبذولة لتقليص أو إنهاء القتال في أوكرانيا.
لكنها أضافت: "يبقى أن نرى مدى جدية إدارة ترامب في تنفيذ هذه الإجراءات."
وأشارت إلى أن الإعلان الأميركي أجّل سريان العقوبات لمدة شهر، أي حتى 21 نوفمبر.
وأضافت: "الأهم من ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كانت وزارة الخزانة الأميركية ستتخذ نهجًا خارج الحدود وتستهدف الكيانات الصينية والهندية، بما في ذلك المؤسسات المالية، من خلال عقوبات ثانوية."
وقالت جينيفر كافانا، الزميلة البارزة في مركز Defense Priorities في واشنطن، إنها تشّك في أن يكون للعقوبات تأثير كبير على الحرب في أوكرانيا، موضحةً: "بالنسبة لبوتين، هذه الحرب وجودية. وقد أظهر استعداده لتحمل تكاليف باهظة لتحقيق أهدافه، سواء في الأرواح الروسية أو في الأعباء الاقتصادية والعسكرية. هذه الجولة الأخيرة من العقوبات لن تغيّر حساباته."
ورقة الصين (والهند)
منذ غزو فبراير 2022، سعى الغرب إلى تطويق موسكو بعقوبات اقتصادية خانقة، لتصبح روسيا الدولة الأكثر تعرضًا للعقوبات في العالم.
ومع ذلك، تمكن اقتصادها من تحدي التوقعات الغربية التي قالت إن موسكو ستنهار بمجرد نفاد الأموال أو انهيار الروبل أو اندلاع تضخم جامح.
صحيح أن الاقتصاد تباطأ، لكن ذلك يرجع في الغالب إلى سياسات داخلية مثل رفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة للحد من التضخم المتصاعد. كما أعلنت الحكومة مؤخرًا زيادات ضريبية للحفاظ على الإيرادات.
وفي الوقت نفسه، لم تُظهر موسكو أي نية لتخفيف وتيرة إنفاقها الحربي، رغم معدلات الخسائر البشرية الهائلة.
وقد أثبتت العقوبات الغربية أنها أكثر هشاشة وأقل فعالية مما كان يأمله الخبراء، مما سمح لموسكو بمواصلة بيع النفط والغاز إلى مشترين متحمسين في الصين والهند وتركيا ودول أخرى.
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، حققت روسيا 13.35 مليار دولار من صادرات النفط الخام والوقود في سبتمبر، بانخفاض حاد عن يوليو. ويُعزى هذا التراجع أساسًا إلى القيود على الصادرات بعد أن استهدفت الطائرات المسيّرة الأوكرانية مصافي النفط وخطوط الأنابيب الروسية، ما أدى إلى خفض طاقة التكرير بنسبة تصل إلى 30%.
ثغرات أوروبية وتحديات التنفيذ
تظل أوروبا أحد عوامل إضعاف العقوبات؛ إذ تواصل بعض الدول – مثل سلوفاكيا والمجر – شراء النفط الروسي، بينما تستمر دول أخرى – مثل هولندا وفرنسا وبلجيكا – في شراء الغاز الطبيعي المسال الروسي (LNG). كما أن دول الاتحاد الأوروبي لا تزال تشتري كميات كبيرة من الغاز الروسي عبر خط "تورك ستريم".
وقد وجّه ترامب انتقادات حادة لأوروبا في هذا الصدد قائلاً في خطاب أمام الأمم المتحدة الشهر الماضي: "إنهم يمولون الحرب ضد أنفسهم. من سمع شيئًا كهذا من قبل؟ عليهم أن يوقفوا فورًا كل مشتريات الطاقة من روسيا، وإلا فنحن جميعًا نضيّع وقتنا."
كانت معظم الدول الأوروبية قد أوقفت واردات النفط الخام الروسي في عام 2022، ثم وقود السيارات والمنتجات المكررة في العام التالي. ويقول الاتحاد الأوروبي إنه سيعمل على إلغاء واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي بالكامل بحلول نهاية 2027، كما فرض عقوبات على أكثر من 20 شركة أجنبية، معظمها صينية، مرتبطة بواردات النفط الروسي.
نظام التفاف روسي متقن
من جانبها، بنت شركتا روسنفت ولوك أويل أنظمة بديلة وسلاسل توريد جديدة لتقليل أثر العقوبات.
وقالت ليزلي بالتي-غوزمان، الخبيرة في شؤون الطاقة ومؤسسة شركة الاستشارات Energy Vista: "تعتمد فعالية العقوبات على مدى صرامة تنفيذها وعلى قوة التحالفات الأميركية. فالشركات الروسية أتقنت أساليب التهرّب من العقوبات، لكن التقنيات الغربية تراقب بدقة عمليات نقل النفط من سفينة إلى أخرى، وعمليات التمويه، والمشترين المحتملين."
وأضافت ريتشيل زيمبا، الباحثة في مركز الأمن الأميركي الجديد (CNAS): "العقوبات الجديدة سيتم التخفيف من آثارها بفضل إجراءات الحماية التي اتخذتها روسنفت ولوك أويل وكذلك المشترون. سيكون لها أثر، نعم، لكنه لن يكون حاسمًا إلا إذا أظهرت الولايات المتحدة استعدادًا لتطبيق عقوبات ثانوية فعلية على المؤسسات المالية والموانئ الأجنبية، لا مجرد التهديد بها."
موقف الصين والهند
لا يزال من غير الواضح كيف سترد الصين والهند — أكبر مستوردي النفط الروسي — على هذه الإجراءات.
تُعد الصين أحد أقرب حلفاء موسكو التجاريين والسياسيين، وتعتمد بشكل متزايد على الطاقة الروسية المنقولة عبر خطوط أنابيب سيبيريا.
أما الهند، فقد قاومت حتى الآن الضغوط الأميركية لتقليص وارداتها من الطاقة الروسية، ما دفع ترامب إلى فرض رسوم جمركية عقابية في أغسطس، مستندًا إلى استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي.
لكن يبدو أن الموقف بدأ يتغيّر. فقد ذكرت تقارير أن شركة "ريلاينس" (Reliance)، أكبر مشترٍ هندي للنفط الروسي، والتي ترتبط بعقد مع روسنفت لتوريد نحو 500 ألف برميل يوميًا، أوقفت وارداتها عقب الإعلان الأميركي عن العقوبات.
وقالت ماريا شاغينا: "نيودلهي أكثر حساسية تجاه التهديدات الأميركية، ومن المتوقع أن تقلّص عملياتها تدريجيًا. لكن من الأصعب إخافة المصافي الصينية الصغيرة (teapot refineries) الأقل ارتباطًا بالأسواق العالمية للطاقة."
وختمت بالتي-غوزمان قائلة: "بصرف النظر عن الصين، من هو المشتري الذي لا يزال مستعدًا للمخاطرة بشراء نفط روسنفت؟"
