اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

عقدة الإطار المذهب!

  • عقدة الإطار المذهب! 1/3
  • عقدة الإطار المذهب! 2/3
  • عقدة الإطار المذهب! 3/3

في أحدِ صباحات العام 2007 الباردةِ، وفي العاصمة الأمريكيَّة واشنطن، وقفَ شابٌّ بملابس عاديَّة في إحدى محطَّات المترو، يعزفُ الكمانَ بإتقانٍ لمدة 45 دقيقةً.. خلال هذا الوقت الطَّويل، مرَّ بجواره الآلاف من النَّاس، لم يتوقَّف منهم للاستماعِ بجديَّة إلَّا سبعة فقط، وضعوا في قبَّعة العازفِ ما يقارب 32 دولارًا لا غير!.المفاجأة الصَّاعقة التي كشفت عنها صحيفة «واشنطن بوست» في اليوم التَّالي، أنَّ هذا الشَّاب ليس متسوِّلًا، بل هو (جوشوا بيل)، أحد أفضل عازفِي الكمان في العالم، والآلة التِي كان يعزفُ عليها من ماركة «ستراديفاريوس»، أصليَّة، قيمتها 3.5 ملايين دولار، والمقطوعات التي عزفها من أعقد وأروع ما كُتب في تاريخ الموسيقى!.. والمفارقة الأكبر أنَّ كلَّ تذاكر حفلته في نفس المدينة قبل يومين فقط؛ نفدت بالكامل، حيث دفع النَّاس مئات الدولارات ليجلسُوا بعيدًا، ويستمعُوا لنفس الموسيقى التي تجاهلُوها مجانًا في محطَّة المترو!.

هذه التجربة الاجتماعيَّة لم تكن اختبارًا لمهارة العازف، بل كانت اختبارًا قاسيًا لنا نحن البشر.. فهي تكشف عوارنا النفسيَّ والاجتماعيَّ، فنحن -في الغالب- لا نُقدِّر «القيمة» بذاتها، بل نُقدِّر «الإطار» الذي تُوضع فيه، فلا نتذوَّق الجَمَال إلَّا إذا قُدِّم لنا تحت أضواء المسرح، ولا نحترم الموهبة إلَّا إذا ارتدت بدلةً رسميَّةً!.. وهذه «العقدة» -عقدة الإطار المُذهَّب- هي التفسير الدقيق والمؤلم لما نعيشه اليوم من تشوُّهات اجتماعيَّة، تبرز أخطر تجلِّياتها في انتشار ظاهرة «الشِّهادات الوهميَّة».ففي حين مرَّ النَّاس على أمهر عازفٍ في العالم مرورَ الكرام؛ لأنَّ مظهره لا يُوحي بالأهميَّة، رغم أنَّه يحمل «موهبةً» حقيقيَّةً، نجد المجتمع اليوم يقفُ احترامًا وتوقيرًا لأشخاص فارغين تمامًا من الفكر والمعرفة، لمجرَّد أنَّهم اشترُوا «إطارًا» فخمًا وضعُوه قبل أسمائِهم، هو شهادة دكتوراة كرتونيَّة، (نفختهُم) اجتماعيًّا، رغم أنَّها لا تساوي الحبرَ الذي كُتِبَت به!.

لقد أدركَ تجَّار الوَهَم هذه الثغرةَ في العقل الجمعيِّ؛ حين عرفُوا أنَّ النَّاس يهتمُّون بالغلاف أكثر من الكتابِ، وباللَّقب أكثر من المحتوَى، وبالمنصب أكثر من الإنجازِ، فأغرقُوا السوقَ بألقابٍ كرتونيَّةٍ، وصنعُوا «مسارح» وهميَّة، ليعتليهَا مَن لا يملكُ موهبةً، ولا علمًا، متجاهلِينَ الكفاءات الحقيقيَّة، والخبرات العميقة في مؤسساتنا ومجالسنا، لمجرَّد أنَّ أصحابها زاهدُون في الألقاب، أو لأنَّهم لا يجيدُون لعبة «تلميع الإطارات».

عُد الآن -عزيزي القارئ- لمقدِّمة المقال، واقرأ قصَّة (عازف المترو) من جديد، لتتأكَّد أنَّها تُعلِّمنا درسًا بليغًا مفاده: أنَّ مشكلتنا ليست في كثرة المحتالِين الذين يبيعُون لنا الوَهَمَ، بل فينا نحن «الزبائن».. حين فقدنا البصيرة، وصرنا نُصفِّق «للبرواز» المزخرف، حتَّى لو كانت الصورة بداخله.. مزيَّفة وغير صحيحةٍ!.

محمد البلادي – جريدة المدينة
487422ee4f.jpg

صورة اسماء عثمان

اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.

كانت هذه تفاصيل خبر عقدة الإطار المذهب! لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا