ابوظبي - سيف اليزيد - أبوظبي (الاتحاد)
أكد محمد سيف السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، أن اختيار دولة الإمارات كضيف شرف اجتماعات مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا، يُجسّد اعترافاً دولياً بالدور المتنامي للدولة في دعم مسارات التنمية المستدامة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وحضورها الفاعل في القضايا العالمية الكبرى، مثل الأمن الغذائي والعمل المناخي والطاقة والتعليم والابتكار والذكاء الاصطناعي، وهو ما جعلها شريكاً موثوقاً للمؤسسات الدولية والدول النامية على حد سواء.
وأوضح السويدي في حوار خاص مع «مركز الاتحاد للأخبار»، أن المشاركات المتكررة لدولة الإمارات في قمم مجموعة العشرين، تمثّل تقديراً دولياً للدور المحوري الذي تضطلع به الدولة في دعم مسار التنمية العالمية، وتعزيز التعاون مُتعدّد الأطراف، مشيراً إلى أن دعوة جمهورية جنوب أفريقيا دولة الإمارات للمشاركة في اجتماعات مجموعة العشرين لعام 2025، جاءت تؤكد هذا الدور الريادي، باعتبارها المشاركة السادسة للدولة في هذا التجمّع الدولي والرابعة على التوالي، وهو ما يعكس المكانة المتقدمة التي أصبحت تحظى بها الإمارات على الساحة العالمية، وثقة المجتمع الدولي برؤيتها التنموية وقدرتها على الإسهام في صياغة حلول فعّالة للتحديات المشتركة.
وقال مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية: أن مشاركة دولة الإمارات في هذه القمة، تحمل أبعاداً استراتيجية مهمة، إذ تُتيح لدولتنا نقل تجربتها التنموية المتفرّدة ومشاركة رؤيتها المستقبلية حول ملفات رئيسية، مثل تمويل التنمية والاستدامة والبنية التحتية والعمل المناخي وتمكين المرأة والابتكار والذكاء الاصطناعي. كما تُسهم في تعزيز الحوار الدولي حول سُبل دعم النمو الاقتصادي العالمي، وتأكيد التزام الإمارات بمبدأ الشراكة والتعاون الدولي من أجل تحقيق الازدهار والاستقرار لشعوب العالم.
وأضاف: أن إعلان دولة الإمارات عن مبادرة «الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية» خلال القمة، يعكس قدرة الدولة على الانتقال من الحوار الدولي إلى طرح حلول عملية ومبتكرة تعالج التحديات التنموية، وتدعم احتياجات المجتمعات، ولا سيّما في القارة الأفريقية.
التزام إنساني
وحول المكانة العالمية لدولة الإمارات باعتبارها من أهم الدول المانحة للمساعدات الإنمائية حول العالم، وأبرز المساهمين في دعم احتياجات الدول النامية، أكد السويدي، أن دولة الإمارات تنظر إلى دعم البلدان النامية باعتباره التزاماً إنسانياً واستراتيجياً راسخاً، يُجسّد النهج الذي أرساه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والقائم على الوقوف إلى جانب الشعوب المحتاجة، وتمكين المجتمعات من فرص التنمية المستدامة. وقد حافظت الإمارات على موقعها المتقدم بين أكبر المانحين الدوليين للمساعدات الإنمائية، انطلاقاً من قناعتها بأن ازدهار العالم مرتبط بقدرة الدول النامية على بناء اقتصادات قوية، وتطوير خدماتها الأساسية، وتحسين جودة حياة شعوبها.
وأوضح السويدي أنه من خلال صندوق أبوظبي للتنمية، أسهمت دولة الإمارات في تنفيذ مشاريع تنموية استراتيجية في قطاعات حيوية تشمل البُنية التحتيّة والطاقة المتجدّدة والتعليم والصحة والنقل والمياه والإسكان، بما يُعزّز خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الشريكة.
ضيف شرف القمة
وأكد السويدي أن اختيار دولة الإمارات كضيف شرف في هذه القمة، يُجسّد اعترافاً دولياً بالدور المتنامي الذي تؤدّيه دولتنا في دعم مسارات التنمية المستدامة على الصعيدين الإقليمي والعالمي. فقد نجحت الإمارات، بفضل رؤيتها الطموحة وقيادتها الحكيمة، في بناء نموذج تنموي رائد يعتمد على الشراكات الدولية، والالتزام بتقديم المساعدات، وتمويل المشاريع الحيوية في القطاعات الأكثر ارتباطاً بحياة الإنسان.
كما أثبتت الدولة حضوراً فاعلاً في القضايا العالمية الكبرى، مثل الأمن الغذائي والعمل المناخي والطاقة والتعليم والابتكار والذكاء الاصطناعي، وهو ما جعلها شريكاً موثوقاً للمؤسسات الدولية والدول النامية على حد سواء.
وأشار السويدي إلى أنه بالنسبة للدول الأفريقية على وجه الخصوص، فقد قدّمت الإمارات منذ عام 1971 أكثر من 152 مليار درهم دعماً لمشاريع تنموية واسعة شملت قطاعات التشييد والبناء والتنمية المدنية والصحة والزراعة والطاقة والاتصالات والمياه والثروة السمكية والبيئة وتغيّر المناخ والتنوع البيولوجي والبنية التحتية، الأمر الذي رسّخ مكانتها كدولة فاعلة في بناء قدرات المجتمعات وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في القارة.
وأضاف: «من هنا، فإن الدعوة المُوجّهة إلى دولة الإمارات ليست مُجرّد تقدير لدورها التاريخي، بل تأكيد على الثقة الدولية بالإمارات كشريك مستقبلي في صياغة حلول مبتكرة للتحديات الإنسانية والتنموية، وداعم رئيسي لأهداف التنمية المستدامة».
تمويلات
وقال السويدي: إن صندوق أبوظبي للتنمية يُشكّل ركناً أساسياً في سياسة المساعدات الخارجية لدولة الإمارات، وقد لعب خلال العقود الماضية دوراً محورياً في تمويل مشاريع تنموية ذات أثر مباشر على حياة الشعوب. وحتى نهاية عام 2024، بلغت القيمة التراكمية لتمويلات الصندوق نحو 216.5 مليار درهم، توزّعت بين تمويلات مُيسّرة بقيمة 157 مليار درهم، ومِنح حكومية بلغت 57.6 مليار درهم، إضافة إلى 1.9 مليار درهم في صورة مساهمات مباشرة. وتعكس هذه الأرقام حجم الالتزام الذي تُبديه دولة الإمارات تجاه الدول النامية، وتُبرز المكانة المتنامية للصندوق كجهة تنموية رائدة على المستوى العالمي.
وأوضح أن مشاريع الصندوق امتدت إلى 107 دول في مختلف قارات العالم، وشملت قطاعات استراتيجية ترتبط بشكل مباشر بمستوى رفاه المجتمعات، مثل الطاقة المُتجدّدة والمياه والبُنية التحتيّة والنقل والزراعة والصحة، والتعليم والإسكان والتكنولوجيا.
وعلى صعيد الاستثمار، أوضح السويدي أن حجم المحفظة الاستثمارية للصندوق بلغ نحو 12.2 مليار درهم، مُوزّعة على 22 دولة، وتشمل 17 شركة تعمل في قطاعات متنوعة تُسهم في دعم النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل مستدامة في المجتمعات المستفيدة.
الذكاء الاصطناعي
وفيما يتعلق بأبرز المشاريع الجديدة التي سيتم الإعلان عنها أو الجاري تنفيذها، أوضح السويدي أن مشاركة دولة الإمارات في قمة مجموعة العشرين، شهدت إعلاناً مهماً يتمثل في تنفيذ مبادرة الإمارات «الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية» في القارة الأفريقية، بقيمة مليار دولار أميركي، عبر كل من مكتب أبوظبي للصادرات «أدكس» ووكالة الإمارات للمساعدات الدولية، وذلك ترجمة للرؤية المُلهمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نحو تنفيذ مبادرات ومشروعات نوعية لخدمة البشرية في جميع أنحاء العالم، وتنفيذاً لما أعلنه سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، خلال اجتماع مجموعة العشرين في جوهانسبرغ.
وجاء إطلاق المبادرة بتوجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وإشراف سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية، بما يعكس الدور التنموي لصندوق أبوظبي للتنمية في قيادة وتنفيذ مبادرات استراتيجية تُسهم في تعزيز التعاون التنموي، وترسيخ مكانة الإمارات كشريك عالمي في دعم المجتمعات الأكثر احتياجاً.
وأكد السويدي أن المبادرة تُجسّد دور الصندوق في توفير حلول تمويلية مبتكرة من خلال «أدكس»، الذي يُعد الذراع التمويلي الرئيس لتنفيذ المشروع عبر قروض ائتمانية مُخصّصة لتمويل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاعات التعليم والزراعة والبُنية التحتيّة والصحة والخدمات الرقمية.
التحديات العالمية
وفيما يتعلق برؤية دولة الإمارات للقضايا العالمية المطروحة للنقاش خلال اجتماعات مجموعة، مثل الفقر والأمن الغذائي والمناخ وغيرها من التحديات الإنسانية، ودور صندوق أبوظبي للتنمية في جهود التغلب على هذه التحديات، أكد السويدي أن دولة الإمارات تتبنى نهجاً شاملاً في التعامل مع التحديات العالمية، يقوم على تعزيز الشراكات وتقديم المساعدات النوعية والاستثمار في حلول مستدامة طويلة الأمد. وقد برز هذا النهج من خلال دعم الدولة للمبادرات الدولية الخاصة بالأمن الغذائي والعمل المناخي والطاقة النظيفة والتنمية الاجتماعية، فضلاً عن مشاركتها الفاعلة في الأُطر الدولية المعنيّة بتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
ويمتد هذا النهج ليعكس الالتزام التاريخي لدولة الإمارات تجاه دعم القارة الأفريقية، إذ قدّمت الدولة منذ عام 1971 أكثر من 152 مليار درهم دعماً تنموياً في مختلف القطاعات، بما يُعزّز قدرتها على دعم حلول فعّالة لمواجهة تحديات الفقر والأمن الغذائي والمناخ.
الأثر المستدام
وحول تركيز الصندوق على تمويل المشاريع التنموية ذات الأثر المستدام في مجالات مختلفة بالبلدان النامية، وانعكاسات هذه المشاريع على حياة الشعوب، أوضح السويدي أن صندوق أبوظبي للتنمية يُولي اهتماماً كبيراً بتمويل المشاريع ذات القيمة الإنسانية والاقتصادية العالية، والتي تترك أثراً مستداماً في بُنية الاقتصادات الوطنية للدول المستفيدة. وقد انعكست هذه المشاريع بوضوح في تحسين جودة حياة ملايين الأشخاص، إذ أسهمت في التوسّع في استخدام الطاقة المتجدّدة والحد من الانبعاثات، وتعزيز القدرة على الوصول إلى المياه النظيفة، وتطوير شبكات النقل والمواصلات بما يدعم حركة الأفراد والسلع. كما أسهمت في تحسين الخدمات الصحية والتعليمية ورفع مستواها. ويُركّز الصندوق في برامجه التنموية على قطاعات حيوية تشمل الطاقة المتجدّدة والمياه والزراعة والصحة والتعليم والنقل والإسكان والتكنولوجيا والبُنية التحتيّة، لما لهذه القطاعات من دور أساسي في تحقيق التنمية الشاملة وبناء مجتمعات مستقرة وقادرة على مواصلة النمو.
دعم الاقتصاد الوطني
وفيما يتعلق بالأثر الاقتصادي الإيجابي لمبادرات صندوق أبوظبي للتنمية، على الاقتصاد الوطني، وتعزيز دور القطاع الخاص الإماراتي كشريك في تحقيق التنمية عالمياً، أشار السويدي إلى الدور المتنامي لمكتب أبوظبي للصادرات «أدكس» خلال السنوات الأخيرة، والذي أصبح أداة محورية في تعزيز حضور المُنتجات والخدمات الإماراتية في الأسواق العالمية، ودعم تنافسية الشركات الوطنية في تنفيذ مشاريع تنموية خارج الدولة. وحتى نهاية عام 2024، قدّم «أدكس» تمويلات تجاوزت 4 مليارات درهم لدعم الصادرات الإماراتية في أكثر من 40 سوقاً عالمياً.
أكد السويدي أن جميع هذه المبادرات وغيرها ساهمت في أن يصبح القطاع الخاص الإماراتي شريكاً رئيسياً في تحقيق التنمية العالمية، وفي الوقت نفسه داعماً لنمو الاقتصاد الوطني وفق مستهدفات «مئوية الإمارات 2071» و«رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030».
