اخبار العالم / اخبار اليابان

اليابان | في احتفال مهيب.. الصين تقدم رؤيتها لعالم متعدد الأقطاب لا مكان فيه للهيمنة الغربية

اليابان | في احتفال مهيب.. الصين تقدم رؤيتها لعالم متعدد الأقطاب لا مكان فيه للهيمنة الغربية

لا تفوّت الصين مناسبة للتأكيد على قوتها الاقتصادية والعسكرية والمطالبة بلعب دورها المشروع على الساحة السياسية العالمية. فها هو الرئيس شي جينبينغ يظهر برفقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في العرض العسكري الضخم الذي أقيم في بكين في الثالث من سبتمبر/أيلول للتأكيد على على بروز محور قوة جديد يتمركز حول الصين. فهل نحن حقا بصدد تغير شامل في النظام العالمي، وما هو موقف القوى الغربية من كل ذلك، هذا ما سنعرفه في التقرير التالي.

بزوغ فجر جديد

في الثالث من سبتمبر/أيلول، احتفل الرئيس شي جينبينغ، برفقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بذكرى ”انتصار حرب المقاومة التي خاضها الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والانتصار في الحرب العالمية ضد الفاشية“ وذلك في عرض عسكري ضخم أقيم في بكين بعد أيام قليلة من استضافة قمة منظمة شنغهاي للتعاون (31 أغسطس/آب - 1 سبتمبر/أيلول).

العرض العسكري الذي أقيم في 3 سبتمبر/أيلول، وتم خلاله استعراض بعض من أكثر الأسلحة تطورًا في ترسانة جيش التحرير الشعبي، لم يترك مجالًا للشك في أن الصين قد رسخت مكانتها بين القوى الأكثر تقدمًا في العالم — ليس اقتصاديًا فحسب، بل عسكريًا أيضًا. من بين رؤساء الدول الحاضرين، تصدّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون صدارة المشهد إلى جانب الرئيس شي. ووقف حولهم قادة 26 دولة أخرى، بما في ذلك الدول العشر الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون. لقد بدت صور المراسم وكأنها تشهد على بروز محور قوة جديد يتمركز حول الصين.

وكما كان متوقعًا، رفض قادة أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية واليابان المشاركة في هذا الحدث. وكان غياب الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ لافتًا بشكل خاص، لا سيما بالنظر إلى مشاركة الرئيسة آنذاك بارك غن هي قبل عشر سنوات، في احتفال الصين بالذكرى السبعين لتأسيسها. وكان الرئيس لي قد عاد لتوه من زيارتين إلى اليابان والولايات المتحدة للتشاور مع رئيس الوزراء إيشيبا شيغيرو (23 أغسطس/آب) والرئيس دونالد ترامب (25 أغسطس/آب) على التوالي.

التنين الصيني يكشر عن أنيابه

بالنسبة للمراقبين المتخصصين في الشأن الصيني، فقد قدّم الاحتفال بالذكرى الثمانين لمحات قيّمة عن تنامي القدرات العسكرية للبلاد، لكن تركيزي هنا ينصب على الدور الدبلوماسي الذي أدّته هذه المراسم في استراتيجية بكين الخارجية. ومن هذه الزاوية، كانت الرسائل الأساسية للحدث ذات شقين رئيسيين.

أولًا، من خلال هذا العرض العلني، وجّه نظام شي جينبينغ رسالة واضحة تؤكد نيته تحدي النظام العالمي القائم. فاختياره دولتين خاضعتين لعقوبات قاسية من الغرب وحلفائه — روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، وكوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي والصاروخي — كضيوف شرف، شكّل إعلانًا رمزيًا عن ابتعاد الصين عن النظام الدولي الحالي.

(بالطبع لم تمر رسالة شي مرور الكرام على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي رد بحدة في منشور على منصة Truth Social قال فيه: ”رجاءً أبلغوا فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون أحر تحياتي، وأنتم تتآمرون ضد الولايات المتحدة الأمريكية“).

تكمن وراء هذا التحدي رؤية عالمية تعتبر أن القوى الغربية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تتحمل المسؤولية عن معظم مشكلات البشرية.

كانت الرسالة الرئيسية الثانية من بكين هي أن الصين، بصفتها أحد المنتصرين في الحرب العالمية الثانية وقوة عسكرية كبرى اليوم، تمتلك حقًا مشروعًا في المساهمة في إعادة تشكيل النظام الدولي الذي تم إرساؤه بعد الحرب. وقد جاء هذا المعنى ضمنيًا في خطاب الرئيس شي جينبينغ، الذي دعا فيه جيش التحرير الشعبي إلى تقديم دعم استراتيجي للتجديد العظيم للأمة الصينية، ومساهمات أكبر من أجل السلام والتنمية في العالم.

الصين تطرح مبادرة للحوكمة العالمية

تبلورت معالم السياسة الخارجية الصينية بشكل أوضح في اجتماع مجلس رؤساء دول منظمة شنغهاي للتعاون الذي عُقد في تيانجين قبيل احتفالات الذكرى الثمانين لتأسيسها.

وفي كلمته خلال القمة التي عقدت في الأول من سبتمبر/أيلول، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منظمة شنغهاي للتعاون بأنها قوة من أجل إيجاد ”تعددية حقيقية“ تساعد في وضع الأسس لنظام جديد يحل محل النماذج الأوروبية المركزية والأورو-أطلسية القديمة. وفي هجوم لاذع على إدارة ترامب، حثّ الرئيس شي المنظمة على معارضة ”عقلية الحرب الباردة، والمواجهات بين التكتلات، وممارسات التسلط“ التي تنتهجها القوى الغربية. ثم دعا إلى الإسراع في إنشاء ”بنك تنمية لمنظمة شنغهاي للتعاون“، وتعهد بتقديم منح بقيمة 2 مليار يوان للدول العشر الأعضاء في المنظمة بحلول نهاية عام 2025. وبهذه الطريقة، تسعى بكين إلى ترسيخ مطالبتها الشرعية بالقيادة الدولية مع استخدام نفوذها الاقتصادي لتعزيز العلاقات مع روسيا والهند والدول الأخرى الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون.

بالنسبة لبكين، فإن أبرز محطات القمة (وفقًا لبيان صادر في 2 سبتمبر/أيلول عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جياكون) كان الإعلان عن مبادرة شي للحوكمة العالمية في اجتماع ”SCO Plus“ الذي عُقد في 1 سبتمبر/أيلول، والذي ضم قادة من 10 دول مراقبة. وتروج مبادرة الحوكمة العالمية لمبادئ المساواة في السيادة، وسيادة القانون الدولي، والتعددية، والنهج المتمحور حول الإنسان، والتركيز على الإجراءات العملية. كما تؤكد المبادرة على أهمية ميثاق الأمم المتحدة وآليات العمل متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، على الرغم من أن هدفها الواضح هو وضع الصين في قلب الحوكمة العالمية. من منظور السياسة الدولية، فإن مزايا وأهمية محتوى مبادرة الحوكمة العالمية (مهما روّج لها الصينيون بحماس) تعد أقل أهمية من حقيقة أن بكين طرحت رؤيتها الخاصة للحوكمة العالمية.

تُعد مبادرة الحوكمة العالمية (GGI) المبادرة العالمية الشاملة الرابعة التي اقترحها شي جينبينغ. فقد سبقتها مبادرة التنمية العالمية، التي أُعلن عنها في عام 2021، ومبادرة الأمن العالمي (2022)، ومبادرة الحضارة العالمية (2023). على مدى هذه السنوات، شكّلت تلك المبادرات إطارًا نظريًا متكاملًا يدمج هذه المبادرات في رؤية لمجتمع عالمي ”ذو مستقبل مشترك للبشرية“، يتحد تحت القيادة الاقتصادية والعسكرية والحضارية (القيمية) للصين. وتأتي مبادرة الحوكمة العالمية لتضيف عنصرًا رابعًا، وهو الحوكمة، إلى هذه الرؤية الاستراتيجية.

وفقًا للتقارير، فقد اعترض بعض أفراد النخبة الحاكمة في الصين على فكرة استخدام مراسم الذكرى الثمانين لترسيخ محور الصين–روسيا–كوريا الشمالية. لكن نظام شي قد اتخذ خياره بوضوح من خلال توجيه تحدٍ صريح للولايات المتحدة. وعند النظر إلى الوراء، قد يتذكر العالم سبتمبر/أيلول 2025 بوصفه أول إشارة واضحة تُنذر بظهور هيكل جديد للقوة في شرق آسيا.

الدعاية أداة لتحقيق الأهداف السياسية للصين

مع ذلك، قد يتساءل المرء عمّا إذا كان التحدي والصراع الكامنان في استعراض الثالث من سبتمبر/أيلول سيُحدثان تغييرًا بنيويًا في النظام العالمي. قد يُجادل البعض بأنّ علاقة الصين مع روسيا وكوريا الشمالية انتهازية بحتة، على عكس الشراكة طويلة الأمد بين القوى الغربية المرتبطة بقيم مشتركة. عند النظر في هذا السؤال، من المفيد دراسة آليات وتأثيرات الدعاية الحكومية في الصين.

تُعد الدعاية أداة راسخة بعمق في بنية الحكم في الصين الحديثة، كما يشهد على ذلك وجود دائرة الدعاية التي يعود تاريخها إلى قرن من الزمان (المعروفة أيضًا باسم إدارة الدعاية المركزية)، وهي وحدة مُخصصة تُقدّم تقاريرها مُباشرةً إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.

كما يسيطر النظام الصيني على الخطاب العام والرأي العام من خلال مزيج من التعزيز السلبي والإيجابي. فمن جهة، يستخدم نظام مراقبة مُتطور وعقوبات مُختلفة لتحديد المُعارضين ومعاقبتهم. ومن جهة أخرى، يستخدم الدعاية لتشكيل الرأي العام ويُكافئ الجهات الفاعلة التي تُحافظ على خط الحزب. وجدير بالذكر أن هذه المقاربة لا تُعد حكرًا على الصين، إذ تُعد وسيلة شائعة لتأمين الدعم الشعبي للأنظمة التي تفتقر إلى الشرعية الديمقراطية، وهي سمة مألوفة في الأنظمة الشيوعية.

ومع ذلك، وسّع نظام شي نطاق حملته للسيطرة على الفكر تدريجيًا ليشمل المواطنين الصينيين المقيمين في الخارج، والمنظمات الدولية، وحتى دولًا أخرى. ويتماشى هذا مع تركيز الصين مؤخرًا على ”قوة الخطاب“ (huayuquan) كجزء من استراتيجيتها الدولية. وقد أثار شي هذا الموضوع في مايو/أيار 2021، في إحدى جلسات الدراسة الجماعية للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، حيث أوضح ضرورة اكتساب الصين ”قوة خطاب تتناسب مع قوتها الوطنية الشاملة ومكانتها الدولية“. وفي الخطاب نفسه، دعا إلى تضافر الجهود ”لشرح الممارسة الصينية من خلال النظرية الصينية؛ ولتحسين النظرية الصينية من خلال الممارسة الصينية؛ ولتطوير مفاهيم وفئات جديدة وتعبيرات جديدة توحد الصين مع الدول الأخرى؛ ولعرض التاريخ الصيني والقوة الأيديولوجية والروحية الكامنة وراءه بشكل أكثر شمولًا وتميزًا“. في ضوء هذه السياسة الرسمية، ينبغي النظر إلى احتفال الذكرى الثمانين وقمة منظمة شنغهاي للتعاون ليس فقط كمسرحية سياسية مصممة خصيصًا لهذه اللحظة، بل كجزء لا يتجزأ من استراتيجية شي الدولية طويلة المدى. وللالتزام بتوجيهات شي، ستواصل القيادة الصينية التأكيد على أهمية البلاد باعتبارها مدافعاً عن النظام الدولي فيما بعد الحرب العالمية الثانية وداعماً للسلام العالمي (معززًا بالقوة العسكرية)، كما ستعمل على قمع أي خطاب ينحرف عن هذه الرواية. وقد انتشرت هذه الحملة الدعائية بالفعل في الخارج وكان لها بعض التأثير.

إن رسم صورة سلبية لمنافسي الصين ومنتقديها يعد جزءًا لا يتجزأ من هذه الحملة، والأهداف الطبيعية لمثل هذه الانتقادات هي (1) القوى الغربية، وبشكل خاص الولايات المتحدة، و(2) اليابان، الخصم في ”حرب الصين ضد العدوان الياباني“. في سياق الذكرى الثمانين، شهدنا جهودًا متجددة لتصوير اليابان على أنها الشرير الرئيسي في الأفلام والمناسبات العامة الأخرى. لذلك على اليابان أن تتوخى الحذر خشية انتشار المواقف المعادية لليابان بعمق بين الجالية الصينية في الخارج. فكما رأينا، تُركّز استراتيجية شي جينبينغ الدبلوماسية على انتقاد النظام القائم وقادته، مع التباهي بفضائل الصين وإضفاء الشرعية على مطالبتها بالقيادة. وللأسف، كلما ازداد انتشار هذه الدعاية الصينية وترسّخت، ازداد المجتمع الصيني انعزاليةً وكراهيةً للأجانب. في نهاية المطاف، لا يمكن لهذه الديناميكية أن تخدم مصالح الصين، لكن يجب أن نكون مستعدين للعيش مع مثل هذه الصين لفترةٍ من الوقت.

(نُشر النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان: الرئيس الصيني شي جينبينغ (في الوسط) يسير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (في الوسط ناحية اليسار)، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (في الوسط ناحية اليمين)، وقادة أجانب آخرين إلى منصة تيانانمين في بكين قبل العرض العسكري المُقام لإحياء الذكرى الثمانين لاستسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية في 3 سبتمبر/أيلول 2025. وكالة أخبار كوريا/كيودو)

كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | في احتفال مهيب.. الصين تقدم رؤيتها لعالم متعدد الأقطاب لا مكان فيه للهيمنة الغربية لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا