القاهرة - سمر حسين - صحة
يحمل عيد الأضحى المبارك كل عام أجواءً مميزة، تتجلى فيها معاني الرحمة والعطاء، إذ يُحيي المسلمون سنة نبي الله إبراهيم عليه السلام بذبح الأضاحي وتوزيع لحومها على المحتاجين والأقارب، ويُعد تناول اللحم في أيام العيد طقسا اجتماعيا وغذائيا أصيلا، ترتبط به الكثير من العادات، إلا أن الإفراط أو الاختيار غير الصحي لنوع اللحم قد يحول هذه الفرحة إلى خطر حقيقي يهدد الصحة.
ووسط الولائم العائلية والمشاوي التي تنتشر في كل بيت، يغفل كثيرون عن مخاطر بعض أنواع اللحوم، وعلى رأسها اللحوم المعالجة، التي أثبتت دراسات طبية حديثة ارتباطها بعدة أمراض مزمنة وخطيرة، لذا تجنب هذا النوع من اللحم في العيد فورًا.
ما المقصود باللحوم المعالجة؟
اللحوم المعالجة هي اللحوم التي تخضع لعمليات صناعية بهدف تحسين طعمها أو زيادة مدة صلاحيتها، مثل التمليح، التدخين، أو إضافة المواد الحافظة والملونات الصناعية. تشمل هذه اللحوم النقانق «السجق»، اللحم المقدد، السلامي، والهوت دوج، ورغم انتشار هذه الأنواع في الأسواق وسهولة تحضيرها، فإنها تفتقر إلى القيم الغذائية المتوازنة، وتحتوي على مركبات تؤثر سلبًا على الجسم على المدى الطويل.
خطر حقيقي على الدماغ
نشرت مجلة «Neurology» في عددها الصادر بشهر يناير 2025 دراسة علمية بعنوان «الاستهلاك طويل الأمد للحوم الحمراء وعلاقته بخطر الإصابة بالخرف والوظيفة الإدراكية لدى البالغين في الولايات المتحدة»، وأجراها فريق بحثي بقيادة الدكتور دانيال وانج من مستشفى بريجهام والنساء وكلية الطب بجامعة هارفارد.
تابعت الدراسة أكثر من 130 ألف شخص على مدى 43 عامًا، وخلصت إلى أن تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء المعالجة يرفع من احتمالية الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 13%، وقد أرجع الباحثون ذلك إلى احتواء هذه اللحوم على نسب عالية من الصوديوم والنترات، وهي مواد تؤدي إلى التهابات مزمنة وإجهاد تأكسدي في الجسم، الأمر الذي يؤثر سلبًا على صحة الدماغ والوظائف الإدراكية مع التقدم في العمر.
مخاطر صحية أخرى مرتبطة باللحوم المعالجة
لم تقتصر نتائج الدراسات على تأثير اللحوم المعالجة على الدماغ فقط، بل كشفت أبحاث أخرى عن مجموعة من الأمراض المزمنة والخطيرة المرتبطة بهذه الأطعمة، نذكر منها:
أمراض القلب والأوعية الدموية:
يُعتبر الصوديوم المرتفع والدهون المشبعة الموجودة في اللحوم المعالجة عوامل رئيسية لارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين، ما يؤدي إلى أمراض القلب والسكتات الدماغية.
السرطان:
وخاصة القولون والمستقيم المواد الحافظة والملونات التي تُضاف إلى اللحوم المعالجة تُنتج مركبات مسرطنة عند تعرضها للحرارة العالية، مما يزيد من خطر الإصابة بأنواع عدة من السرطان.
داء السكري من النوع الثاني:
أظهرت الدراسات أن استهلاك اللحوم المعالجة بشكل يومي يؤدي إلى مقاومة الأنسولين، ما يمهد الطريق للإصابة بداء السكري.
البدانة:
تحتوي اللحوم المعالجة على سعرات حرارية مرتفعة ودهون ضارة تؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة، خاصة مع قلة النشاط البدني خلال أيام العيد.
في ضوء ما سبق، يشدد الخبراء وعلى رأسهم الدكتورة شيماء خفاجي، استشاري التغذية العلاجية على ضرورة اتخاذ مجموعة من الاحتياطات والتوصيات لتقليل المخاطر الصحية المرتبطة باللحوم المعالجة، لا سيّما خلال فترة العيد، ومنها:
الاعتدال في الكمية:
لا ينبغي أن يكون اللحم المكون الرئيسي لكل وجبة، ويُفضل تقسيم الوجبات بشكل متوازن يحتوي على خضروات وألياف.
التركيز على اللحوم الطازجة:
اللجوء إلى طهي اللحوم الطازجة بطرق صحية مثل السلق أو الشوي على نار هادئة، وتجنب اللحوم المدخنة أو المعلبة.
قراءة الملصقات الغذائية:
التحقق من نسب الصوديوم والدهون والمواد المضافة قبل شراء أي منتج معالج.
تجنب إعادة تسخين اللحوم المعالجة لأن ذلك يُعيد إنتاج مركبات سامة خاصة عند الطهي بدرجات حرارة مرتفعة.
إدخال مصادر بروتين بديلة:
مثل البقوليات والبيض والأسماك، لضمان تنوع الغذاء وتفادي الاعتماد الكامل على اللحوم.
البدائل الصحية خلال العيد
يمكن الاستمتاع بالعيد وأطباقه الشهية دون التضحية بالصحة، وذلك من خلال اتباع نمط غذائي متوازن يشمل:
الشوي الصحي:
باستخدام شبكات غير لاصقة وتفادي احتراق أطراف اللحم.
الخضروات المشوية:
تقديم خضروات مثل الكوسا والفلفل والباذنجان بجانب اللحم لتقليل امتصاص الدهون وزيادة الفائدة الغذائية.
الزبادي واللبن:
إدخال منتجات الألبان بجانب اللحوم لتسهيل الهضم والحد من مشاكل المعدة بعد الولائم.
السلطات الطازجة:
تُساعد على تعزيز امتصاص العناصر المفيدة وتقليل الشعور بالتخمة.
