شكرا لقرائتكم خبر عن الطفرة الأمريكية للغاز الطبيعي المسال: فاتورة أعلى على المواطنين والان مع بالتفاصيل
دبي - بسام راشد - أخبار الفوركس اليوم تشير الزيادة الملحوظة في أسعار الغاز الطبيعي الأميركي منذ أبريل 2024 إلى ما قد ينتظر المستهلكين في الولايات المتحدة، إذ تُرسل كميات قياسية من الغاز الأميركي إلى الخارج على شكل غاز طبيعي مسال (LNG)، في حين يجري التخطيط لمزيد من قدرات التصدير خلال السنوات المقبلة.
ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA)، من المتوقع أن تتضاعف طاقة تصدير الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2029 — ما يعني أن كميات هائلة من الغاز لن تكون متاحة للاستهلاك المحلي.
يقول الكاتب، الذي سبق له تناول هذه الاتجاهات في مقالات عدة، إن هذا التوسع سيؤدي إلى ارتفاع كبير في تكاليف التدفئة والكهرباء للأسر الأميركية، إضافة إلى زيادة التكاليف على الصناعات الأميركية التي تعتمد على الغاز الطبيعي، مثل صناعة الكيماويات، والصلب، والمعادن، والخرسانة، والزجاج، والزراعة — حيث يستخدم الغاز لتجفيف المحاصيل.
معضلة "الهيمنة في مجال الطاقة"
تتباهى الإدارة الأميركية الحالية بسياسة "الهيمنة في مجال الطاقة"، أي زيادة الإنتاج والصادرات مع خفض الأسعار في الوقت نفسه — غير أن الجزء المتعلق بـ "خفض الأسعار" بدأ يواجه صعوبات حقيقية.
فأحد أبرز أسباب ارتفاع استهلاك الغاز الأميركي — وبالتالي الأسعار — هو التوسع الهائل في محطات الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي.
منذ عام 2001 وحتى 2024، تضاعف إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي نحو ثلاث مرات، بينما تراجع إنتاج الفحم بشكل حاد، واستقر إنتاج الطاقة النووية والمائية دون نمو يُذكر.
أما الطاقة المتجددة (باستثناء المائية) فقد نمت عشرة أضعاف خلال تلك الفترة، لتصبح اليوم قريبة من مستوى الطاقة النووية من حيث النسبة (النووية 18% والمتجددة 17%). ومع ذلك، فإن الغاز الطبيعي ما يزال الوقود المهيمن لتوليد الكهرباء في الولايات المتحدة، إذ يوفر 43% من إجمالي الإنتاج الكهربائي.
من الوفرة إلى الضغط المزدوج
الغاز الرخيص الذي وفرته "ثورة الغاز الصخري" منذ أواخر العقد الأول من الألفية، أدى إلى طفرة في صناعة الكيماويات الأميركية التي تعتمد عليه لإنتاج الأسمدة، والميثانول، ومركبات الإيثيلين والبروبيلين المستخدمة في صناعة البلاستيك.
وفي الوقت نفسه، لا يزال الأميركيون يستهلكون كميات ضخمة من الغاز لتدفئة منازلهم وأعمالهم.
لكن هذا الاستهلاك المتزايد ينذر بمشكلات مستقبلية لمستهلكي الطاقة في الداخل.
فبينما تؤكد صناعة الغاز أن الإنتاج الأميركي سيستمر في الارتفاع حتى منتصف القرن، تشير تحليلات مستقلة تستند إلى الأداء الفعلي للآبار إلى أن الإنتاج سيبلغ ذروته قريبًا ثم يبدأ في التراجع.
وهذا يعني أن السوق الأميركية ستواجه "ضغطاً مزدوجاً" —
- من جهة، ارتفاع صادرات الغاز المسال إلى الخارج،
- ومن جهة أخرى، انخفاض الإنتاج المحلي.
النتيجة المحتملة: كمية أقل من الغاز المتاحة للمستهلكين الأميركيين وارتفاع الأسعار.
الارتباط بالأسواق العالمية
حين روّجت شركات الغاز لفكرة "الوفرة غير المحدودة" لإقناع وزارة الطاقة الأميركية بالسماح بتوسيع صادرات الغاز الطبيعي المسال، كانت تدرك أن ذلك سيؤدي تدريجياً إلى ربط الأسعار المحلية الأميركية بأسعار الأسواق العالمية الأعلى بكثير.
وفي الإنصاف، كانت الصناعة تطلب المعاملة نفسها التي تُمنح لبقية القطاعات الأميركية — أي الحق في بيع منتجاتها لأعلى مشترٍ، أينما كان.
لكن في عصرٍ يتزايد فيه التركيز على أهمية تأمين الموارد الإستراتيجية محلياً، قد تندم الحكومة الأميركية مستقبلاً على قرارها تخصيص هذا القدر الكبير من الغاز الأميركي للأسواق الخارجية.
هل يتدخل البيت الأبيض مستقبلاً؟
قد يأتي وقت، كما يحذر الكاتب، يثور فيه غضب المستهلكين الأميركيين بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة نتيجة تصاعد أسعار الغاز الطبيعي، حينها قد تضطر الحكومة لإجبار شركات تصدير الغاز المسال على إلغاء عقودها الدولية، وإبقاء الغاز في السوق المحلية لتلبية احتياجات الأسر والصناعات الأميركية.
وختم الكاتب بالقول: "الساعة بدأت تدقّ" — في إشارة إلى أن الوقت ينفد أمام الحكومة الأميركية لاتخاذ قرار استراتيجي بشأن توازن صادرات الغاز مع الأمن الطاقي الداخلي.
