كتبت: ياسمين عمرو في السبت 27 سبتمبر 2025 02:09 مساءً - هناك آباء كثيرون يقيسون مذاكرة أبنائهم بعدد الساعات التي يقضونها على المكتب لمراجعة دروسهم وعمل الواجبات، والمشكلة أن نتائجهم الدراسية لا تعكس هذا الجهد الكبير! والسبب ببساطة -كما يؤكد التربويون وأساتذة الطب النفسي- أن الوقت المستهلك في الدراسة لا يعني بالضرورة أن التعلم كان فعالاً، وأن النجاح الدراسي يعتمد بدرجة أكبر على طريقة المذاكرة، لا على عدد الساعات المخصصة لها.
وهنا يأتي دور الأم في المتابعة أو التذكير وتوجيه الأبناء إلى أساليب للمذاكرة بذكاء، بدلاً من الاعتماد على الجهد المكثف. في هذا التقرير، يقدم الدكتور مهدي الغيطي، أستاذ الطب النفسي للأطفال، دليلاً عملياً؛ يساعدك على نصح أبنائك وتوجيههم من خلال ثلاثة محاور أساسية: إدارة الوقت بذكاء، والتعلم النشط والفعال، وتهيئة البيئة والدعم الأسري.
المحور الأول: إدارة الوقت بذكاء

الوقت هو الأمر المهم والأكثر قيمة في حياة الطالب، لكنَّ كثيراً ما يتم إهداره؛ بسبب المذاكرة العشوائية أو غياب الهدف الواضح، هنا بعض النصائح التي يمكنكِ تقديمها لأبنائك:
ابدئي بالهدف لا بكمّ الساعات
انصحي أبناءكِ -الخليج 365- بألّا يقيسوا نجاح جلسة المذاكرة بعدد الساعات، بل بما أنجزوه وفهموه خلالها، وبدلاً من أن يقول الطالب: "ذاكرتُ أربع ساعات"، من الأفضل أن يحدد: "اليوم سأفهم قاعدة نحوية أو حسابية جديدة وأحل عشرة تمارين عليها". هذه الطريقة تجعل المذاكرة أكثر تركيزاً وفعالية، وتُشعر الطالب بإنجاز حقيقي.
راحة أثناء التعلم: 25 دقيقة بتركيز و5 دقائق استراحة
شجّعي أبناءكِ على تقسيم وقت المذاكرة إلى فترات قصيرة ومركّزة (25 دقيقة) يتبعها استراحة قصيرة (5 دقائق)، هذه الطريقة تساعد على الحفاظ على التركيز، وتمنع الملل والإرهاق الذي قد يصيب طفلك عند الجلوس لساعات طويلة من دون توقف، كما أنها تخلق إيقاعاً مريحاً في عملية التعلم.
التكرار المتباعد بدل الحشو المفاجئ
ذكّري أبناءك بأن المراجعة يجب أن تكون موزعة على فترات زمنية، وألا تتركز كلها ليلة الامتحان، فالمعلومة التي تُراجع بعد يوم، ثم بعد ثلاثة أيام، ثم بعد أسبوع، تُثبت في الذاكرة طويلة المدى بشكل أفضل عن كثير من المراجعة المكثفة في يوم واحد.
كيف تعلمين طفلك قيمة الوقت.. وتدربيه على تنظيمه ؟ بالتقرير تتعرفين إلى المزيد
المحور الثاني: طرق التعلم النشط والفعال

التعلم ليس عملية تلقّي سلبية للمعلومات فقط، بل يحتاج الطالب أن يشارك فيها بفاعلية؛ حتى تثبت في ذهنه، وهنا يأتي دوركِ في تشجيع أبنائك على تطبيق أساليب التعلم النشط:
المذاكرة النشطة (Active Recall)
اطلبي من أبنائك اختبار أنفسهم باستمرار، كأن يغلقوا الكتاب ويطرحوا أسئلة حول الدرس، هذا الأسلوب يجعل الدماغ أكثر نشاطاً، ويساعد على تثبيت المعلومات لفترة أطول من مجرد إعادة القراءة.
الخرائط الذهنية: رؤية شاملة للدرس
انصحي أبناءك باستخدام الخرائط الذهنية كأداة بصرية تلخص الأفكار الرئيسية وتربطها ببعضها البعض، هذه الطريقة خاصة مفيدة للطلاب البصريين؛ لأنها تجعل المعلومة أكثر وضوحاً وأسهل في التذكر.
ربط الدروس بالحياة اليومية
شجّعي أبناءك على البحث عن أمثلة من واقعهم تساعدهم على فهم ما يدرسون، مثلاً عند دراسة الرياضيات؛ يمكنهم ربط العمليات الحسابية بالتسوق أو إدارة المصروف الشخصي، هذا الربط يجعل المعرفة أكثر قرباً من عقولهم، ويمنع شعورهم بأنها مجرد مفاهيم نظرية بعيدة عن الواقع.
المحور الثالث: البيئة والدعم الأسري

قد يبذل الطالب جهداً كبيراً في التعلم، لكن غياب البيئة المناسبة والدعم الأسري يعرقل تقدمه، وهنا يأتي دوركِ المباشر:
تنظيم مكان المذاكرة
تأكدي من توفير مكان هادئ لأبنائك، مرتب، وبإضاءة جيدة، الفوضى أو الضوضاء المحيطة يمكن أن تقلل من تركيزهم بشكل كبير. بيئة الدراسة جزء لا يتجزأ من النجاح الأكاديمي.
النوم والراحة: مُحرك للعقل
ذكّري أبناءك بأن النوم ليس ترفاً، بل ضرورة؛ حيث أظهرت الدراسات أن المراهقين الذين ينامون أقل من ثماني ساعات يومياً يعانون من تراجع ملحوظ في تركيزهم وأدائهم الأكاديمي. النوم الجيد يساعد الدماغ على تثبيت المعلومات ومعالجتها.
المذاكرة الجماعية الذكية
أحياناً يحتاج الأمر إلى تشجيع أبنائك على المذاكرة مع أصدقائهم بطريقة منظمة؛ حيث يشرح كل واحد منهم للآخرين ما فهمه. هذه العملية -التعليم للغير- تُعزز الفهم الشخصي، وتكشف النقاط التي لم يتم استيعابها بعد.
تقنيات الصوت والصورة
انصحي أبناءك بالاستفادة من الفيديوهات التعليمية أو البودكاستات الدراسية، هذه الوسائط تدعم أساليب التعلم المختلفة، خصوصاً للطلاب الذين يميلون للتعلم السمعي أو البصري.
طرق تنظيم نوم الطفل من عمر 7 سنوات حتى11 عاماً.. التفاصيل داخل التقرير
لماذا ينجح هذا الأسلوب؟

السبب في فعالية هذه الأساليب هو:
تحول المذاكرة من عملية مملة وسلبية إلى نشاط متنوع وفعّال، تعلم الطالب بطرق متعددة (كتابة، رسم، شرح، مناقشة، مشاهدة)، يستخدم دماغه بطرق مختلفة، مما يزيد من ترسيخ المعلومة ويجعلها أكثر استقراراً في الذاكرة طويلة المدى.
دوركم لا يقتصر على تذكير الأبناء بواجباتهم أو مراقبتهم أثناء المذاكرة، بل يكمن في توجيههم نحو طرق أذكى وأكثر فعالية، هذا الدليل أو هذه النصائح البسيطة؛ يمكن أن تُحدث فارقاً كبيراً في تحصيل أبنائك الدراسي، وتمنحهم الثقة بأن جهدهم سيؤتي ثماره.
تذكري دائماً: أن الهدف ليس أن يذاكروا لساعات طويلة، بل أن يتعلموا كيف يستثمرون وقتهم بأفضل طريقة.
