كتبت أسماء لمنور في الجمعة 28 نوفمبر 2025 10:55 صباحاً - كشفت صحيفة جيروزالم بوست أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد اجتماعاً أمنياً طارئاً خُصّص لبحث التطورات على الجبهة الشمالية مع حزب الله في لبنان، وسط مؤشرات متزايدة على اقتراب مرحلة أكثر حساسية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنّ صبر تل أبيب وواشنطن بدأ ينفد إزاء ما تصفه السلطات الإسرائيلية بـ”تأخر الجيش اللبناني” في تنفيذ التزاماته المتعلقة بنزع سلاح حزب الله جنوب نهر الليطاني، وفق التفاهمات القائمة.
وبحسب المسؤولين، يعمل حزب الله “بوتيرة متسارعة” على إعادة بناء قدراته العسكرية، محذرين من أنّ استمرار هذا الواقع قد يقود إلى تصعيد كبير على الحدود الشمالية وربما إلى حرب شاملة.
أعلن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي ادرعي، أمس الخميس، في منشور على حسابه عبر منصة “إكس”، أن “الجيش الإسرائيلي أغار على أهداف تابعة لحزب الله في جنوب لبنان شملت مواقع إطلاق ومستودعات أسلحة إلى جانب بنى تحتية إضافية”.
في سياق متصل، أشار مركز ألما الإسرائيلي للدراسات إلى أن تتبّع الضربات الإسرائيلية وتحليلها يكشف صورة واسعة حول توجهات الحزب في إعادة الإعمار. ويرى أن إعادة البناء تتم على ثلاثة مسارات مترابطة: عسكري، مدني، وإدراكي–رمزي، مؤكدًا أن مفهوم “المقاومة المسلحة” يشكل جوهر هوية حزب الله، ما يجعل عملية إعادة البناء جزءًا من بنيته الأيديولوجية قبل أن تكون ضرورة عملياتية.
خلال سنة وقف إطلاق النار، نفذ الجيش الإسرائيلي 669 ضربة جوية في جميع أنحاء لبنان، ويشير المركز إلى أن هذا العدد يعكس أحداث الضربات وليس عدد الأهداف المستهدفة، إذ قد تشمل الضربة الواحدة عدة أهداف. يشير استمرار الضربات طوال العام إلى أن حزب الله مستمر في إعادة البناء والحفاظ على حضور عملياتي على الأرض.
استهدفت الضربات عملية إعادة بناء البنية التحتية العسكرية لحزب الله بشكل عام، وجهود إعادة البناء الجوهرية بشكل خاص، مثل: تهريب الأسلحة، الإنتاج المحلي، وترميم الأسلحة، وفق ما ورد في تقرير مركز ألما المنشور بعنوان “حزب الله – الإنتاج العسكري المستقل: عقيدة هجينة في ظل الحاجة الاستراتيجية” في نوفمبر 2025. كما استهدفت الضربات مقاتلين من وحدات مختلفة منخرطين في جهود إعادة البناء العامة، والبنى التنظيمية المرتبطة بالقدرات الهجومية، والتجنيد، والتدريب.
فيما يتعلق بالقدرات الهجومية، يبدو أن معظم الضربات كانت موجهة إلى بنى منظومات النار التي صمدت خلال الحرب، والتي تشمل بين 20,000 و25,000 صاروخ وقذيفة من أنواع مختلفة، مئات الطائرات المسيّرة، وعدد غير معروف من منصات الإطلاق، إضافة إلى عناصر وبنى تابعة لوحدة الرضوان.
كما استهدفت الضربات الإسرائيلية البنى الاقتصادية-المدنية التي تعمل كغطاء أو قاعدة لإعادة البناء العسكري، بما في ذلك المعدات الهندسية، المقالع، مصانع الإسمنت، وأعضاء حزب الله الذين يساهمون في إعادة البناء العسكري من خلال وظائفهم المدنية.
ويشير المركز إلى أن إعادة الإعمار العسكرية والمدنية مرتبطة ببعضها، إذ تمكّن إعادة الإعمار المدنية حزب الله من تعزيز التمركز العسكري. وفقًا لمركز ألما، كثّف الحزب خلال الأشهر الأخيرة نشاطه المدني لتعزيز نفوذه على البيئة الشيعية وزيادة اعتمادها عليه.
على الرغم من تصريحات الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني حول نجاح عملية نزع سلاح حزب الله جنوب الليطاني، حيث أعلنت الحكومة في أوائل نوفمبر إن الجيش أنجز 85% من المهمة وكان من المتوقع استكمالها بنهاية العام، إلا أن الواقع على الأرض يختلف تمامًا، وفقًا لمركز ألما، استنادًا إلى نطاق الضربات الإسرائيلية في تلك المنطقة.
ويؤكد المركز أن الدولة اللبنانية لا تمتلك القدرة ولا الإرادة لمواجهة حزب الله بشكل حقيقي، فالجيش اللبناني محدود جدًا في عملياته وغير قادر أو راغب في مواجهة الحزب. ويضيف أن العوامل الديموغرافية للجيش (60%-40% شيعة)، والخوف من اندلاع حرب أهلية، وقيود حزب الله على حرية حركة الجيش، إضافة إلى التنسيق بين عناصر داخل الجيش والحزب، جميعها أسباب رئيسية لهذا الواقع.
ويشير مركز ألما إلى أن الجيش اللبناني لم يقدم أدلة واضحة حول ما أنجزه على الأرض، في حين أن متابعة الضربات الإسرائيلية تُظهر أن حزب الله يسرّع من إعادة بناء قدراته ويعمل على تعزيز قوته العملياتية والاستراتيجية.
وبينما الدولة اللبنانية وجيشها لا يتحركان بفعالية، يُضطر الجيش الإسرائيلي إلى اتخاذ الإجراءات. فالجيش الإسرائيلي هو الفاعل الرئيسي ضد جهود إعادة البناء التي يواصل حزب الله تنفيذها في خرق مباشر لوقف إطلاق النار وقرار مجلس الأمن 1701.
