الارشيف / اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

هشاشة التحالفات و«نهاية التاريخ»

  • هشاشة التحالفات و«نهاية التاريخ» 1/3
  • هشاشة التحالفات و«نهاية التاريخ» 2/3
  • هشاشة التحالفات و«نهاية التاريخ» 3/3

أعاد قيام إسرائيل بهجوم مفاجئ على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية بدعم وتمويل من واشنطن، إلى واجهة النقاش، مسألة التحالفات التي تقيمها دول الجنوب الشامل مع القوى الكبرى في الغرب والشرق، لاسيما أن الدعم الذي تتلقاه هذه الدول من قبل هذه القوى يدعو إلى إعادة مراجعة شاملة لمستوى التعاون الجيوسياسي ولقيمة المنافع الاقتصادية التي تقدمها النخب السياسية في قارات آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية لحلفائها شرقاً وغرباً، لأن هذه التحالفات حتى وإن كانت ضرورية بناءً على منطق الواقع السياسي في العلاقات الدولية في صورتها الراهنة، فإن التطورات المتلاحقة على المسرحين الإقليمي والدولي تفرض اعتماد مقاربة مبتكرة وعقلانية من شأنها ضمان الحد الأدنى من التوازن بين مصالح المتحالِف والمتحالَف معه. لقد قيل الشيء الكثير حول الطبيعة الانتهازية لتحالفات أمريكا والدول الغربية بشكل عام، مع دول المنطقة العربية على سبيل المثال،

وغالباً ما كان يقدِّم المحللون إيران نفسها في زمن الشاه، كنموذج على تخلي واشنطن عن حلفائها في العالمين العربي والإسلامي، كما يتم في أحايين أخرى ذكر اسم واشنطن فيما يتعلق بدعمها المفترض لحركة الإخوان وتخليها عن نظام مبارك في زمن حكم الرئيس باراك أوباما، ومن الواضح أن مثل هذه السرديات لا تقدّم إلا جانباً واحداً من المشهد وتسكت عن بقية المشاهد، إذ إن واشنطن لا تترك مناسبة أو لقاءً دون أن تذكّر الجميع، باستثناء إسرائيل للأسباب التي يعرفها الجميع، أن ما يجمعها بشركائها هي المصالح، وتنتهي هذه المصالح بطبيعة الحال عندما يفقد الطرف الأضعف في المعادلة قدراته على السيطرة على الأوضاع التي تؤهّله أن يظل شريكاً فعالاً، من منطلق أن الحليف، وبصرف النظر عن أيديولوجيته، يعتمد سياسة ظاهرها الاستثمار وباطنها الاستنزاف على المدى البعيد. وعليه فإن المشكلة والمفارقة الكبرى باتت تتعلق في المرحلة الراهنة بشكل أكبر بالقوى الكبرى في الشرق،

والتي زايدت كثيراً على أسلوب تعامل الغرب مع حلفائه، في الجنوب الكبير، لكنها لم تفعل حتى الآن ما من شأنه أن يقدّم بدائل جدّية لعلاقات الدول الضعيفة والقوى الصاعدة مع الغرب، على الرغم من افتقاد هذه العلاقات للتوازن في الكثير من جوانبها وتجلياتها الاقتصادية والجيوسياسية. يمكننا أن ننطلق من أجل تقديم مقاربة سياسية لهذه المفارقة من روسيا، بوصفها الوريث الشرعي للاتحاد السوفييتي، ولن نذكر في هذا السياق حالات الخذلان التي تعرّض لها حلفاء موسكو في عهد الرئيس بوريس يلتسين الذي ذهب بعيداً في تحالفه مع الغرب، ويمكننا أن نركّز على علاقات روسيا بداية من الولاية الأولى للرئيس فلادمير بوتين، الذي تخلى عن نظام الرئيس العراقي صدام حسين الذي كان يُعدّ من أبرز حلفاء موسكو في المنطقة العربية، ويذهب البعض إلى تبرير ذلك من خلال القول إن روسيا كانت في سنة 2003 في مرحلة إعادة بناء قوتها العسكرية، ومارست روسيا السلوك نفسه عندما تخلت عن نظام معمر القذافي في ليبيا، ورفضت استعمال حق الفيتو ضد قرار أممي سمح لحف الناتو بالتدخل في ليبيا من أجل إسقاط نظام الحكم في طرابلس، وذلك بقيادة نيكولا ساركوزي وديفيد كاميرون. وكان نظام بشار الأسد آخر ضحايا تحالفات موسكو الهشة في المنطقة العربية على الرغم من وجود قاعدتين عسكريتين روسيتين في سوريا. وتمثل الصين التجلي الثاني والأبرز لهذه المفارقة المتعلقة بالتحالفات الهشة التي تقيمها دول الجنوب والعالمين العربي والإسلامي مع القوى الكبرى، ويحمل النموذج الصيني دلالات معبِّرة في هذا السياق، فإمبراطورية الوسط كما يسميها البعض، لديها حليف واحد ووحيد هو كيانها القومي، أما الباقي فهم مجرد شركاء تجاريين، وقد تحرص بكين على التمييز في أحسن الأحوال بين متعاملين أوفياء وآخرين أقل وفاءً، ويبدو أن الصين تتعامل مع معطيات العلاقات الدولية مثلما كان يتعامل تجار الحرير مع زبائنهم في القرون الوسطى، أما فرضية عقد تحالفات جيوسياسية ملزمة، فما زالت تمثل خياراً مستبعداً بالنسبة لصناع القرار في بكين. ونستطيع بناءً على ما تقدم، أن نقيّم مواقف كل من روسيا والصين بشأن الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران، بالقول إنه ورغم التحذير اللفظي الروسي، إلا أن المعطيات تشير إلى أن موسكو غارقة في مستنقع الحرب مع أوكرانيا وليس لديها فائض من القوة لتقدمه لطهران، أما الصين التي تدعم وساطة موسكو بين إسرائيل وإيران، وكأن الأمر لا يتعلق بحليف لهما في المنطقة، فلن تكتفي بالتخلي عن إيران وقد تتخلى مستقبلاً عن دعم جارتها باكستان. وتقودنا هذه التطورات الدولية إلى الاستنتاج، أن مقولة «نهاية التاريخ» التي تأخر تحقّقها بعد سقوط المعسكر السوفييتي، يمكنها أن تتحقق هذه المرة بتواطؤ غير معلن من موسكو وبكين، نتيجة تخليهما عن حلفائهما في الجنوب الشامل، وسقوط الكثير منهم مثل أحجار الدومينو.

الحسين الزاوي – صحيفة الخليج
1f00ae33ba.jpg

صورة اسماء عثمان

اسماء عثمان

محررة مسؤولة عن تغطية الأحداث الاجتماعية والثقافية، ، تغطي القضايا الاجتماعية والتعليمية مع اهتمام خاص بقضايا الأطفال والشباب.

كانت هذه تفاصيل خبر هشاشة التحالفات و«نهاية التاريخ» لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا