اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

كيف تحافظ على شبابك؟

كيف تحافظ على شبابك؟

منذ أن عرفت معنى الانتباه لداخل جسدي، أدركت أن الشيخوخة ليست تلك التجاعيد التي تسللت على مهل إلى وجهي، ولا خطواتي التي أصبحت تحتاج إلى مهلة أطول مني كي تستقيم، بل هي شيء أخفى من كل ذلك، شيء يشبه انطفاء مصباح صغير كان يضيء ليلي الداخلي ويمنحني سببًا إضافيًا لأواصل السير بثبات لا يخلو من عناد.

هناك لحظة لا ننتبه إليها إلا بعد أن تقع، لحظة تنطفئ فيها شرارة ما؛ فإذا بالحياة تتغير في عينَي المرء من دون أن يدري كيف حدث هذا التحول.

أعرف وجوهًا كثيرة ظلت محافظة على ملامح الشباب رغم السنوات، لكنها تحمل في نظراتها عتمة مَن فقد شيئًا لم يستطع تسميته. وأعرف أيضًا رجالًا ونساءً تقدم بهم الزمن واشتعل رأسهم شيبًا، ومع ذلك تلمع أرواحهم كمن خرج للتو من بداية جديدة. ليس العمر ما يصنع هشاشتنا، بل ذلك الإهمال البطيء الذي يطال أرواحنا حين نتوقف عن الإصغاء لما يجعلنا أحياء بالفعل.

المرء يشيخ حين يخون نفسه، وحين يتواطأ مع التعب، وحين يتراجع عن حلم كان يحرّك الدم في عروقه، أو حين يسلّم لرتابة لا تشبهه في شيء.

أحيانًا يلوّح القدر بمصباحه في وجوهنا، كأنه يحاول أن ينبّهنا لشيء ما نخفيه أو نهرب منه. وقد يمر هذا الوميض من دون أن نلحظه لأننا أصبحنا مشغولين بتبرير ما نخسره، بدلاً من التساؤل عن المساحة التي يتسرب منها الضوء الهارب. الروح تحتاج إلى رعاية أكثر مما يحتاجه الجسد، لأنها إن انطفأت فلن ينفعها أي تجميل خارجي يعيد إلى صاحبها ملامح الحياة. هناك من يحافظ على بريقه رغم كل شيء لأنه يعرف كيف يحمي تلك الشعلة القصية بداخله، يعرف أن الاستسلام هو الشيخوخة الحقيقية، وأن النبض حين يخفت لا يعود بقرار، بل بحاجة إلى مصالحة مع الذات، واستعادة ما ضاع منها خطوة بعد أخرى.

وحين يجلس المرء مع نفسه بصدق، يتفحص داخله كما يتفحص بائع خبير حجرًا كريمًا، يكتشف فجأة أين تفقد أرواحنا لمعانها. ربما في تسوية غير عادلة قبلنا بها، أو في علاقة استنزفت ما لدينا من محبة ولم نملك شجاعة الانسحاب، أو في عمل يلتهم أيامنا دون أن يترك أثرًا يستحق البقاء. وربما يشيخ المرء في اللحظة التي يتوقف فيها عن الغضب تجاه الظلم، أو حين يتكاسل عن الدفاع عن ذاته، أو حين ينسى ذلك الطفل الذي كان يهرع خلف الفراشات مسحورًا بقدرة الأشياء على أن تدهشه كل يوم.

ومع ذلك، ثمة ما يبعث على الاطمئنان؛ الضوء لا يموت تمامًا مهما انطفأ. قد يخفت ويتراجع ويختبئ خلف طبقات من الخيبة، لكنه يظل هناك ينتظر فرصة للعودة. يكفي أن نفتح نافذة صغيرة ليدخل من جديد، ويكفي أن نتذكر أننا لم نُخلق كي نتكيف مع العتمة، بل كي نحافظ على ذلك الوميض الذي يجعل حياتنا تستحق أن تُعاش.
الشيخوخة الحقيقية ليست قدرًا محتومًا، بل خيار

نرتكبه حين نتوقف عن حماية أرواحنا من البلادة، وحين ننسى أن الضوء لا يُترك وحيدًا بلا وصايا.

لذلك، حين نشعر بثقل غير مفهوم، وحين يتسلل إلينا شعور بأن الأيام فقدت طعمها القديم، فلنبحث عن الشرارة التي أضعناها في زحمة الانشغالات.

قد تكون كلمة صغيرة تجاهلنا قولها، أو رغبة مؤجلة تراكم عليها الغبار، أو طريقًا لم نجرؤ على عبوره. وعندما نجدها، سنعرف فورًا أن الزمن لا يستطيع أن يشيّخ الروح ما لم نسمح له بذلك، وأن الضوء، مهما خفت صوته، قادر على النهوض من جديد إذا وجد قلبًا يصغي إليه.

سعدية مفرح – الشرق القطرية

كانت هذه تفاصيل خبر كيف تحافظ على شبابك؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا