ابوظبي - سيف اليزيد - شهد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، والدكتور مظفر مصطفى الجبوري، سفير جمهورية العراق لدى الدولة، ونخبة من الدبلوماسيين والشخصيات الاقتصادية والاجتماعية من أبناء الجالية العراقية في الدولة، الاحتفالية الجماهيرية الكبرى التي أقيمت مشاركة لأبناء الجالية العراقية الاحتفاء بموروثهم الحضاري والثقافي، وذلك في مركز دبي للمعارض بمدينة إكسبو دبي.
شهدت الاحتفالية، التي شكلت فرصة لتعريف أبناء الثقافات الأخرى على جوانب من خصوصية التراث والثقافة والفنون العراقية، حضوراً جماهيرياً كبيراً، جله من أبناء الجالية العراقية، وصل إلى أكثر من 15 ألف شخص.
شكل الحدث المميز، الذي نظمته صفحة «الإمارات تحب العراق»، مناسبة لإبراز ثراء الثقافة والتراث والموروث العراقي وتنوع مواهب المجتمع العراقي في دولة الإمارات، فضلاً عن تعزيز العلاقات الاجتماعية بين أفراد الجالية العراقية، وإبراز العلاقات القوية والعميقة التي تربط بين الشعبين الإماراتي والعراقي، والاحتفاء بالعلاقات الراسخة بين البلدين الشقيقين، وتعزيز روابط الصداقة الممتدة بينهما.
وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، في كلمته الافتتاحية «ها نحن اليوم، نتلاقى معاً، على حب الإمارات للعراق، وعلى حب العراق للإمارات، نعتز معاً، بالعلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين الشقيقين، وبالتزامنا القوي، بتطوير هذه العلاقات دائماً نحو الأفضل».
وأضاف معاليه: «إنه يسعدني كثيراً، أننا نجتمع معاً، للتعبير عن اعتزازنا العميق، بالموروث الحضاري والثقافي، للعراق الشقيق، نعتز بشعبه الواعي، بتاريخه التليد، بمكانته مهداً للحضارة، وموقعه المحوري في العالم، عبر كل الأزمنة والعصور، إننا إذ نقول الموروث الحضاري والثقافي، فإنه باختصار شديد، التراث الذي يظل حياً، ليرفد الحاضر، ويُثري المستقبل، تمتلئ قلوبنا إعجاباً به، وحرصاً عليه، وكتعبيرٍ أصيل، عن روح العراق، وتأكيدٍ قوي، لثقة أبنائه وبناته في المستقبل، وجسر ممتد، لبناء علاقاتهم المثمرة، مع أمم العالم أجمع».
وأكد أن «العالم كله، أيها الإخوة والأخوات، إنما يقف احتراماً وإجلالاً، للموروث الحضاري والثقافي المرموق، للعراق.. العراق بلد الرافدين، دجلة والفرات، بلد النخيل، سيد الشجر، بلد حضارات سومر وبابل وأشور، بلد حمورابي، ونشأة أقدم الشرائع والقوانين، مسقط رأس نبي الله إبراهيم، بلد الشعر والشعراء، بلد الفن بمختلف أنواعه وأطيافه، بل وكذلك، بلد يحظى بالعاصمة التاريخية، بغداد، التي هي واحدة من المدن العظيمة، التي كانت في العصر العباسي، عاصمةً للعالم كله، ومنبع الخير والحضارة في كافة أرجائه.. إننا في الإمارات، نعرف العراق الشقيق، باعتباره بلد التقدم والنماء، نعرفه أيضاً، من خلال اهتمامنا المشترك، بنخيل التمر، حتى أن هناك بستاناً في الإمارات، في مدينة العين، يُسمى بستان البصرة، تيمناً بالعراق الشقيق. وفوق ذلك كله، فإننا نعرف العراق، من خلالكم، أنتم الإخوة والأخوات، أبناء وبنات العراق، الذين تقيمون بيننا، وتساهمون معنا، بعملكم وجهدكم، في نهضة وتقدم دولتنا العزيزة. إننا في الإمارات، إنما نعتز غاية الاعتزاز، بما يربطنا معاً، من معتقدات وقيم واهتمامات مشتركة، وروح قومية صادقة، وكذلك عزمٍ قوي، على تحقيق المكانة اللائقة، بالأمة العربية كلها، بين أمم العالم أجمع».
وقال: «إننا في الإمارات، في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وبدعمٍ من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أقول إن قادتنا الكرام في الإمارات، يؤكدون دائماً، على موقع الثقافة والتراث، في تعزيز الإحساس بالهوية الوطنية، وفي إثراء حياة الفرد والجماعة. ومن هنا، يجئ احتفالنا هذه الليلة، ويجيء تأكيدنا على توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، بأننا نعتز ونفتخر، دائماً، بتاريخ وتراث وإنجازات الأشقاء، في جميع الدول العربية، وأننا نعمل معاً، من أجل أن تكون الأمة العربية كلها، بتاريخها الحافل، وجذورها الممتدة، وإسهاماتها المهمة، في مسيرة البشرية، مصدر بناءٍ وعزة، وقوة دفعٍ إيجابية، لنشر الخير والرخاء، في المنطقة والعالم».
وأضاف معاليه أن «دولتنا العزيزة، بقيادة صاحب السمو رئيس الدولة، إنما تؤيد كل جهد ومبادرة، من أجل تقدم العراق، وتحقيق كافة أهدافه الوطنية تساهم في جهود الإعمار فيه، وتسعى دائماً، إلى أن تكون العلاقات بين بلدينا، نموذجاً وقدوة، للعلاقات الناجحة، بين الأشقاء. وهنا، فإنني أشكركم جميعاً، على المشاركة في هذا اللقاء، وأقدر تعبيركم الصادق، عن المحبة المتبادلة، بين شعبينا، على هذا النحو الطيب، الذي يُظهر ما لدى أبناء وبنات العراق، من ثقافة أصيلة، وموروث خالد، وتقاليد راسخة».
وقال معاليه: «إننا إذ نحتفل معاً الليلة، بالموروث الحضاري والثقافي للعراق، فإنما نحتفل في الوقت نفسه، بدولة الإمارات بقيادتها الحكيمة، بشعبها الأصيل، بإنجازاتها الهائلة، وبما تمثله من نموذج فريد في التسامح والتعايش. وكما تعلمون، فإننا في الإمارات، نحتفل الآن بعام المجتمع.. وبهذه المناسبة، فقد أعلنت وزارة التسامح والتعايش، بالتعاون مع صندوق الوطن، عن مسابقة (حياتنا في الإمارات)، التي تمثل دعوة إلى كل مَن يعيش على هذه الأرض الطيبة، للتعبير بالكتابة، عن مشاعرهم، تجاه حياتهم في هذه الدولة العزيزة. إنني أدعوكم في الجالية العراقية، إلى المشاركة الواسعة في هذه المسابقة، وليكن ذلك، تعبيراً صادقاً، عن حبكم للإمارات، وعن اعتزازكم بموقع التسامح والتعايش، في مسيرة هذه الدولة الرائدة. إن كل المعلومات عن هذه المسابقة، متاحة أمامكم اليوم، كما أنها متاحة كذلك، على الموقع الإلكتروني الذي يظهر من خلفي على الشاشة».
وقال: «أحييكم جميعاً، مرةً أخرى، أيها الإخوة والأخوات، وأدعو الله سبحانه وتعالى، أن يظل العراق الشقيق دائماً وباستمرار أرض السلام والاستقرار، والنماء والعطاء، وأن تظل الإمارات كذلك أرض التعايش والأخوة والتقدم، والسعي الدائم نحو الأفضل. أدعوه عز وجل، أن تكون العلاقات الأخوية بيننا دائماً، متينة وقوية. حفظ الله العراق، وحفظ الله الإمارات، وحفظ الله الأمة العربية كلها، وأدام علينا نعمة الأخوة والتعاون، والرخاء والأمان».
حظيت الاحتفالية بحضور كبير يعكس حرص دولة الإمارات على ترسيخ قيم التعايش، وتعزيز روابط الأخوة والصداقة والمحبة مع مختلف الدول والشعوب، من خلال مشاركتها احتفالاتها الثقافية وخصوصية موروثها الحضاري، ما يجسد نموذجاً مجمعياً وحضارياً فريداً عبر مجتمع يستند على قيم وأسس التعايش في سياق التمازج الثقافي والتعاون والانفتاح الإيجابي على الآخر ضمن بيئة آمنة مستقرة متحابة.
اشتمل برنامج الاحتفالية، التي أقيمت في مركز دبي للمعارض، في مدينة إكسبو دبي، على فعاليات جاذبة سلطت الضوء على التنوع الثقافي الثري للعراق، ومواهب الجالية العراقية المقيمة في الإمارات وما تزخر به من إمكانيات، فضلاً عن مساهماتها في مسيرة التنمية المستدامة التي تشهدها دولة الإمارات.
وتضمنت الاحتفالية مجموعة متنوعة من الأنشطة الثقافية والفنية والترفيهية، بما في ذلك العروض الموسيقية والرقصات الشعبية التي تعبر عن الفلكلور العراقي.
وتم استعراض بعض الحرف اليدوية وتقديم فقرات ترفيهية للأطفال، وتخصيص ركن للمأكولات التراثية وعرض أعمال فنية تحاكي المعالم التراثية والحضارية البارزة في أجواء زاخرة بالأزياء وخصوصية وعبق التراث العراقي الأصيل.
وانعكست الاستعدادات التنظيمية واللوجستية، والإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها مركز دبي للمعارض بمدينة إكسبو، في توفير تجربة ترفيهية متميزة للحضور، من خلال توفير مسارات مخصصة للعائلات والأطفال، وخدمات متكاملة تعكس المعايير التي رسّختها الدولة في استضافة الفعاليات الجماهيرية، بالإضافة إلى سعة الاستيعاب والموقع المتميز للمركز، وهو ما أسهم في سهولة الوصول إلى مقر الحدث، وإتاحة الفرصة لصياغة أجواء كرنفالية مستوحاة من التنوع الثقافي الواسع الذي تتميز به العراق.
ومع التنوع الكبير في أجندتها، تميزت الاحتفالية بحضور لافت، وتفاعل جماهيري كبير من الشرائح العمرية كافة خصوصاً من قبل الأسر والعائلات من أبناء الجالية العراقية المقيمة بالدولة، انعكس في الزيادة الملحوظة والحرص الواضح على حضور الفعالية، والتفاعل مع ما نسجته من سعادة ومرح وتواصل اجتماعي مميز شكل فرصة للاطلاع على جوانب من ثقافة وفنون أرض الرافدين.
وكرم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بهذه المناسبة عددا من الشخصيات الرائدة وأصحاب الإنجازات النوعية من أبناء الجالية العراقية الذين قدموا من خلال عطائهم على أرض الإمارات نموذجاً للتميز والنجاح في العديد من المجالات.
فقد كرم معاليه العلامة الدكتور أحمد الكبيسي من أشهر علماء الإسلام العراقيين، والبروفيسور الدكتور مثنى عبد الرزاق الجبوري، رئيس الجامعة الأميركية في دولة الإمارات، والبروفيسور الدكتور الشاعر علي جعفر العلاق، شاعر وباحث وأستاذ جامعي، والدكتورة ريم طارق المتولي، مؤسسة مبادرة زي المعنية بالحفاظ على الأزياء التراثية العربية، والدكتور مؤيد الشيباني، شاعر وباحث في الأغنية والشعر الإماراتي، والدكتور جمال صالح حسن، رياضي، مدير رياضي لنادي الشارقة، والمهندس سنان الأوسي، صاحب مبادرة زراعة الأشجار في أحد شوارع أبوظبي، والدكتور حميد مجول النعيمي، مستشار جامعة الشارقة، مدير أكاديمية الشارقة لعلوم الفلك والفضاء، ورقية حسن، إعلامية عراقية رائدة، والدكتورة سهام جرجيس، فائزة بجائزة صناع الأمل في الدورة الأولى، وتكريم اسم الشاعر الراحل كريم العراقي تسلمته ابنته ضفاف كريم العراقي.
وتجمع علاقات تاريخية متينة ومتميزة دولة الإمارات وجمهورية العراق الشقيق أساسها وحدة اللغة والثقافة والتاريخ والمصير المشترك، انعكست آثارها على التعاون في العديد من المجالات والقطاعات، وبما يخدم المصالح المتبادلة للبلدين، فيما يعد التعاون الاقتصادي أحد ركائز العلاقات الثنائية المشتركة. ويحرص الجانبان على تعزيز التعاون والاستثمارات في القطاعات والأنشطة المختلفة. وتحتضن الإمارات جالية عراقية كبيرة يستقر أبناؤها ويعملون على أرضها بأمن وأمان، ويعتبرون الدولة موطنهم الثاني.
وتولي الإمارات أهمية كبيرة للمساهمات التي تقدمها الجالية العراقية في المسيرة التنموية للدولة في مختلف القطاعات، حيث تشهد هذه العلاقات اليوم زخماً كبيراً على مختلف المستويات، خصوصاً في المجال الاقتصادي والاستثماري.
وتُعد دولة الإمارات من أبرز الشركاء التجاريين للعراق. وفي مايو الماضي، قام اتحاد غرف الإمارات بالتعاون مع اتحاد الغرف التجارية العراقية بدبي بتنظيم منتدى الأعمال الإماراتي العراقي الثاني، بمشاركة أكثر من 170 شركة من كبريات المؤسسات والشركات في البلدين، وتم عقد أكثر من 250 لقاء عمل ثنائياً بين ممثلي مختلف القطاعات، وعلى رأسها العقارات والمقاولات والسياحة والضيافة والطاقة والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والذكاء الصناعي.
فيما استقبل العراق، خلال النصف الأول من 2024، صادرات إماراتية غير نفطية تعادل قرابة 4 أضعاف ما استقبله خلال الفترة المماثلة من 2023، حيث ارتفعت تجارة الإمارات مع العراق بنسبة 41%، ليصبح الوجهة الأولى للصادرات الإماراتية.