الرياص - اسماء السيد - أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نشر الحرس الوطني في عدد من المدن الأمريكية سلسلة من الطعون القانونية من قبل مسؤولين محليين وحكومات الولايات.
ويقول ترامب إن استخدام القوات الفيدرالية ضروري لاحتواء أعمال العنف في المدن الخاضعة لإدارة الحزب الديمقراطي، والتصدي للجريمة، ودعم مبادراته الخاصة بترحيل المهاجرين غير النظاميين.
لكن عدداً من حكام الولايات الديمقراطيين اعترضوا على الخطوة، معتبرين أن عمليات نشر الحرس الوطني غير ضرورية وقد تؤدي إلى تصاعد التوتر.
ورفعت ولاية إلينوي يوم الإثنين دعوى قضائية تطلب من المحكمة وقف نشر القوات في مدينة شيكاغو، في حين أصدر قاضٍ فيدرالي، يوم الأحد، قراراً مؤقتاً بوقف نشر عناصر من الحرس الوطني القادمين من ولايتي تكساس وكاليفورنيا في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون.
ترامب ينشر الحرس الوطني الأمريكي بعد اشتباكات في لوس أنجلوس
لماذا منع ترامب مواطني 12 دولة من السفر إلى الولايات المتحدة؟
وفيما تتواصل المعارك القانونية، إليك ما ينبغي معرفته عن الحرس الوطني:
ما هو الحرس الوطني ومن يشرف عليه؟
يتكوّن الحرس الوطني أساساً من قوات تابعة للولايات، وتُستدعى عادة للتعامل مع حالات مثل الكوارث الطبيعية أو التظاهرات الكبرى.
وتملك جميع الولايات الخمسين، إلى جانب العاصمة واشنطن والأقاليم الأمريكية في غوام وبورتو ريكو وفرجين آيلاندز، وحداتها الخاصة من الحرس الوطني. ويمكن أيضاً نشر تلك القوات في مهام خارجية، كما تتخصّص بعض وحداتها في مكافحة حرائق الغابات أو حماية الحدود الأمريكية.
ورغم أن الحرس الوطني يتبع في نهاية المطاف لوزارة الدفاع الأمريكية، ويمكن للرئيس أن يُحوّله إلى الخدمة الفيدرالية في ظروف معينة، فإن طلب المساعدة يبدأ عادة من المستوى المحلي.
ويملك حاكم الولاية صلاحية استدعاء الحرس الوطني في حالات الطوارئ، كما يمكنه طلب دعم إضافي من الرئيس أو من ولايات أخرى.
ومع ذلك، فإن سلطات الحرس الوطني محدودة؛ فهو لا يملك صلاحيات إنفاذ القانون أو القيام بعمليات اعتقال أو تفتيش أو مصادرة. كما أن قانوناً يُعرف باسم "قانون بوسيه كوماتيتوس" يقيّد سلطة الحكومة الفيدرالية في استخدام القوات العسكرية داخل البلاد.
كيف يحاول ترامب استخدام الحرس الوطني في المدن؟
حاول ترامب تجاوز الإجراءات المعتادة لنشر الحرس الوطني في أكثر من مناسبة.
ففي يونيو/حزيران الماضي، تولّى السيطرة على الحرس الوطني في ولاية كاليفورنيا للرد على احتجاجات ضد مداهمات الهجرة في مدينة لوس أنجليس، رغم اعتراض حاكم الولاية، غافن نيوسوم. ورفعت كاليفورنيا دعويين قضائيتين ضد إدارة ترامب.
إحدى الدعويين طعنت في استيلاء ترامب على صلاحيات الحرس الوطني، لكن محكمة استئناف حكمت في النهاية لصالح الرئيس. أما الدعوى الثانية، فقضى فيها قاضٍ فيدرالي بأن استخدام ترامب لقوات الحرس الوطني في لوس أنجليس يُعد انتهاكاً لقانون بوسيه كوماتيتوس.
وفي الصيف الجاري، وصلت مئات من عناصر الحرس الوطني إلى العاصمة واشنطن بناءً على ما وصفه ترامب بأنه "وضع من الفوضى الكاملة والمطلقة"، مبرراً ذلك بارتفاع معدلات الجريمة والتشرّد.
وأجاز ترامب نشر 300 عنصر من الحرس الوطني في شيكاغو بعد احتجاجات تتعلق بسياسات الهجرة، لا سيما قرب مراكز الاحتجاز. وزعم حاكم الولاية الديمقراطي، جي بي بريتزكر، أن ترامب يحاول "اختلاق أزمة"، ورفع دعوى قضائية ضده.
وفي هذا الأسبوع، حاول ترامب نشر الحرس الوطني في بورتلاند بولاية أوريغون، لكن قاضياً فيدرالياً أصدر قراراً مؤقتاً بوقف العملية مساء الأحد.
ما الأساس القانوني الذي يستند إليه ترامب لنشر الحرس الوطني؟
يستند الرئيس في سلطته لنشر الحرس الوطني إلى بند غير معروف كثيراً في القانون العسكري الأمريكي، نادراً ما استخدمه الرؤساء في السابق.
فالمادة 12406 من للقانون الأمريكي العاشر تنص على أن للرئيس الحق في استدعاء قوات الحرس الوطني من أي ولاية إذا "تعرّضت الولايات المتحدة لغزو أو لخطر غزو من دولة أجنبية"، أو إذا "وقع تمرد أو كان هناك خطر تمرد" ضد الحكومة الأمريكية.
واستند ترامب إلى هذا النص في يونيو/حزيران الماضي لتجنيد ألفي عنصر من الحرس الوطني دعماً لعمليات وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك.
كما أشار وزير الدفاع بيت هيغسِث إلى هذا القانون في مذكرة بتاريخ 28 سبتمبر/أيلول تقضي بنقل 200 عنصر من الحرس الوطني في أوريغون إلى الخدمة الفيدرالية.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، للصحفيين في 6 أكتوبر/تشرين الأول: "نحن واثقون جداً من السلطة القانونية للرئيس في القيام بذلك، وواثقون أننا سننتصر بناءً على أحكام القانون".
لماذا يريد ترامب استخدام الحرس الوطني في بورتلاند؟
يسعى ترامب مجدداً إلى استخدام الحرس الوطني رداً على تظاهرات اندلعت قرب مبنى تابع لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة في بورتلاند خلال عطلة نهاية الأسبوع.
واشتبك ضباط فيدراليون، من وزارة الأمن الداخلي ووكالة الجمارك وحماية الحدود، مع المتظاهرين المعارضين لحملة ترامب الواسعة لترحيل المهاجرين.
وقالت شرطة بورتلاند إنها اعتقلت شخصين في 4 أكتوبر/تشرين الأول بتهمة "سلوك عدواني متبادل في الشارع" ورفض الامتثال للأوامر، مضيفة أن أحدهما كان يحمل بخاخ فلفل وهراوة قابلة للطي.
وذكرت هيئة الإذاعة العامة في أوريغون أن قوات الأمن الفيدرالية أطلقت الغاز المسيل للدموع وقنابل الدخان لتفريق التظاهرة واعتقلت عدداً من الأشخاص.
وزعم ترامب أن المدينة "تحترق"، لكن حاكمة أوريغون الديمقراطية، تينا كوتك، قالت: "لا يوجد تمرد في بورتلاند، ولا تهديد للأمن القومي".
وتحركت إدارة ترامب لإرسال 200 عنصر من الحرس الوطني في كاليفورنيا إلى ولاية أوريغون المجاورة للتعامل مع التظاهرات.
لكن القاضية الفيدرالية كارين إيمرغوت، التي عيّنها ترامب خلال ولايته الأولى، أصدرت قرارين متتاليين بوقف هذه الإجراءات مؤقتاً.
ففي يوم السبت، منعت القاضية ترامب من تحويل الحرس الوطني في أوريغون إلى الخدمة الفيدرالية، وكتبت في قرارها: "هذه دولة يحكمها القانون الدستوري، لا الأحكام العرفية".
وفي اليوم التالي، أصدرت أمراً تقييدياً مؤقتاً يمنع الرئيس من نشر قوات الحرس الوطني في كاليفورنيا داخل بورتلاند.
ومن المتوقع أن تستأنف إدارة ترامب القرار.