ابوظبي - سيف اليزيد - أحمد مراد (عدن، القاهرة)
تسببت الحرب التي أشعلها الحوثيون في تفاقم أزمة الأمن المائي في اليمن، وسط تراجع كبير في قدرة مؤسسات الحكومة على الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية، جراء تضرر البنية التحتية.
وبحسب تقرير أممي، فإن اليمن يأتي ضمن أفقر دول العالم في الموارد المائية، إذ يفتقر 14.5 مليون شخص لخدمات مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي.
وأوضح الكاتب اليمني المتخصص في الشؤون الاقتصادية، عبد الحميد المساجدي، أن أزمة الأمن المائي اليمني لم تعد مجرد مشكلة تنموية، بل تحولت إلى تهديد وجودي حقيقي يتقاطع فيه العامل البيئي مع السياسي والأمني، حيث تؤكد التقارير الأممية أن اليمن من بين أفقر 5 دول في العالم مائياً، إذ يصل نصيب الفرد من المياه العذبة إلى أقل من 80 متراً مكعباً سنوياً، مقارنة بمتوسط عالمي يفوق 3000 متر مكعب.
وقال المساجدي، في تصريح لـ«الاتحاد»: «إن الخطورة تكمن في أن الندرة المائية أصبحت وقوداً إضافياً للصراع، حيث دمرت الحروب المتواصلة شبكات المياه في العديد من المدن، وأضعفت قدرات الدولة على إدارة الموارد الجوفية، بينما لجأت ميليشيات الحوثي إلى السيطرة على الآبار والينابيع، وتحويلها إلى أدوات نفوذ واقتصاد حرب».
وأضاف أن العوامل الطبيعية والمناخية فاقمت أزمة المياه، لا سيما مع تزايد موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وتناقص معدلات الأمطار، مما أدى إلى نضوب سريع في الأحواض الجوفية، خصوصاً في صنعاء وتعز والبيضاء، إضافة إلى أن الزراعة العشوائية تستهلك أكثر من 35 % من المياه الجوفية المتاحة، وهو استنزاف يهدد الأمن الغذائي والمجتمعي معاً.
وأشار المساجدي إلى أن الاستجابة الحكومية والدولية لا تزال محدودة وغير متكاملة، فالمشاريع المائية غالباً ما تكون قصيرة المدى أو خاضعة لظروف التمويل، من دون وجود رؤية استراتيجية وطنية لإدارة المياه بشكل مستدام، مشدداً على ضرورة التحرك الشامل لمواجهة الأزمة، من خلال ثلاثة مسارات تتمثل في إصلاح مؤسسي يعيد بناء قدرات الدولة في إدارة الموارد المائية وحمايتها من الاستغلال العشوائي، وتبني تقنيات حصاد المياه والطاقة الشمسية والتحلية اللامركزية في القرى والمدن الجبلية، وتغيير سلوك الاستهلاك والزراعة من خلال تشجيع المحاصيل الأقل استهلاكاً للمياه.
بدوره، قال رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية البيئية في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور تحسين شعلة: «إن اليمن يُعد من أكثر بلدان العالم هشاشة أمام تداعيات التغير المناخي، وهو ما يظهر جلياً في تفاقم أزمة الأمن المائي، وتنامي معدلات النزوح الداخلي نتيجة ندرة المياه التي تُعد من أبرز التحديات تواجه ملايين اليمنيين».
وأضاف شعلة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن التغيرات المناخية خلفت تداعيات خطيرة تمس عصب حياة المواطن اليمني، حيث يؤدي تناقص الموارد المائية إلى تراجع الإنتاجية الزراعية وفقدان مساحات واسعة من الأراضي الخصبة، مما يسهم في تفاقم أزمة الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتزايد الاعتماد على المساعدات الخارجية.
وأشار إلى أن الصراع الذي يشهده اليمن منذ سنوات يعمل كمسبب إضافي للتحديات المرتبطة بالتغير المناخي، إذ يزيد من ضعف الأمن المائي، بعدما تعرضت شبكات المياه ومحطات المعالجة للتدمير، مما أدى إلى انهيار قدرة البنية التحتية على تلبية الاحتياجات الأساسية، إضافة إلى أن الصراع أدى إلى وقف مشاريع الصيانة والتطوير، مما عرقل الجهود المبذولة لإدارة الموارد المائية بفعالية، وزاد من مشكلة ضعف كفاءة أنظمة التوزيع.
وأفاد شعلة بأن أزمة المياه وتدهور سبل العيش الناتج عن التغير المناخي والصراع تزيد من معدلات النزوح الداخلي، حيث يضطر ملايين اليمنيين إلى مغادرة مناطقهم بحثاً عن المياه والأمان.
