شكرا لقرائتكم خبر عن إيرادات بوينج تتجاوز التوقعات في الربع الثالث وتحسّن معدل استهلاك السيولة والان مع بالتفاصيل
دبي - بسام راشد - أخبار الفوركس اليوم حققت شركة إنفيديا (Nvidia)، يوم الأربعاء، إنجازًا تاريخيًا لتصبح أول شركة في العالم تصل قيمتها السوقية إلى 5 تريليونات دولار، مدفوعة بموجة صعود مذهلة عززت مكانتها في قلب الطفرة العالمية في الذكاء الاصطناعي.
ويجسد هذا الإنجاز التحول السريع للشركة من مصمّم رقائق رسومية متخصص إلى العمود الفقري لصناعة الذكاء الاصطناعي العالمية، مما جعل مديرها التنفيذي جنسن هوانغ أحد أيقونات وادي السيليكون، في حين أصبحت رقائقها المتقدمة نقطة محورية في المنافسة التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين.
منذ إطلاق ChatGPT عام 2022، ارتفع سهم إنفيديا بأكثر من 12 ضعفًا، مع دفع حمى الذكاء الاصطناعي مؤشر S&P 500 إلى مستويات قياسية، وأشعل ذلك نقاشًا واسعًا حول ما إذا كانت التقييمات المبالغ فيها في قطاع التكنولوجيا قد تفضي إلى فقاعة مالية جديدة.
ويأتي هذا الإنجاز بعد ثلاثة أشهر فقط من تجاوز إنفيديا حاجز 4 تريليونات دولار، ليرتفع تقييمها إلى ما يعادل تقريبًا نصف قيمة مؤشر الأسهم الأوروبية “ستوكس 600” (Stoxx 600)، متجاوزًا إجمالي القيمة السوقية لسوق العملات المشفرة بالكامل.
وقال مات بريتزمان، كبير محللي الأسهم في شركة هارغريفز لانزداون، التي تمتلك أسهماً في إنفيديا: “وصول إنفيديا إلى قيمة سوقية تبلغ 5 تريليونات دولار ليس مجرد إنجاز رمزي؛ إنه إعلان واضح بأنها انتقلت من كونها مصنّع رقائق إلى مُنشئ لصناعة بأكملها.”
وأضاف: “السوق لا يزال يقلل من حجم الفرصة المتاحة أمامها، وإنفيديا تبقى واحدة من أفضل الطرق للاستثمار في موجة الذكاء الاصطناعي.”
وارتفع سهم الشركة، التي يقع مقرها في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، بنسبة 4.6% بعد سلسلة من الإعلانات التي عززت هيمنتها على سباق الذكاء الاصطناعي.
فقد كشف هوانغ يوم الثلاثاء عن طلبات بقيمة 500 مليار دولار لرقائق الذكاء الاصطناعي، معلنًا أيضًا خططًا لبناء سبعة حواسيب عملاقة للحكومة الأميركية.
في الوقت ذاته، من المتوقع أن يناقش الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره الصيني شي جين بينغ يوم الخميس رقاقة “بلاكويل” (Blackwell) التي تنتجها إنفيديا، والتي تشكل نقطة خلاف رئيسية بين الجانبين بسبب قيود التصدير الأميركية على الرقائق المتقدمة.
ارتفاع الأسهم يعزز ثروة هوانغ
وبالأسعار الحالية، تُقدّر حصة هوانغ في الشركة بنحو 179.2 مليار دولار، وفقًا لإفصاحات تنظيمية وحسابات وكالة رويترز، ما يجعله ثامن أغنى شخص في العالم بحسب قائمة مجلة فوربس.
وُلد هوانغ في تايوان ونشأ في الولايات المتحدة منذ أن كان في التاسعة من عمره، وقد قاد الشركة منذ تأسيسها عام 1993. وتحت قيادته، أصبحت معالجات H100 وBlackwell التي تطورها إنفيديا الركيزة الأساسية للنماذج اللغوية الضخمة التي تشغّل أدوات مثل ChatGPT ومشروعات xAI التابعة لإيلون ماسك.
ورغم أن إنفيديا لا تزال المتصدر الواضح في سباق الذكاء الاصطناعي، فإن شركات التكنولوجيا العملاقة مثل آبل (Apple) ومايكروسوفت (Microsoft) تجاوزت أيضًا القيمة السوقية البالغة 4 تريليونات دولار خلال الأشهر الأخيرة.
ويقول المحللون إن هذا الارتفاع يعكس ثقة المستثمرين في استمرار الإنفاق الضخم على الذكاء الاصطناعي، إلا أن بعضهم يحذر من أن التقييمات المفرطة قد لا تكون مستدامة.
وقال ماثيو تاتل، الرئيس التنفيذي لشركة Tuttle Capital Management:
“التوسع الحالي في الذكاء الاصطناعي يعتمد على عدد محدود من اللاعبين المهيمنين الذين يمول بعضهم بعضًا لزيادة الطاقة الإنتاجية.
لكن في اللحظة التي يبدأ فيها المستثمرون بالمطالبة بعوائد نقدية بدلًا من وعود بالتوسع، قد تتوقف هذه الدائرة المتسارعة فجأة.”
ويُذكر أن شركات التكنولوجيا الثقيلة مثل إنفيديا وآبل ومايكروسوفت تهيمن على مؤشرات S&P 500 وناسداك 100، مما يمنحها تأثيرًا واسع النطاق على الأسواق العالمية.
ومن المقرر أن تعلن إنفيديا عن نتائجها المالية الفصلية في 19 نوفمبر المقبل.
إنفيديا كورقة مساومة جيوسياسية
هيمنة الشركة على سوق الرقائق أثارت اهتمامًا تنظيميًا عالميًا متزايدًا، إذ أصبحت القيود الأميركية على تصدير الرقائق المتقدمة تجعل إنفيديا عنصرًا محوريًا في استراتيجية واشنطن لتقييد وصول الصين إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
وقال بوب أودونيل من مؤسسة TECHnalysis Research: “إنفيديا قدّمت روايتها بشكل ذكي في واشنطن، بهدف كسب الفهم والدعم من الحكومة الأميركية.
لقد نجحت في تغطية معظم المواضيع الأكثر سخونة وتأثيرًا في عالم التكنولوجيا اليوم.”
وقد شكّل مؤتمر المطورين الذي عقدته الشركة يوم الثلاثاء منصةً لـ هوانغ لموازنة خطابه بين المصالح التجارية والسياسات الجيوسياسية.
فقد أشاد بسياسة “أميركا أولاً” التي يتبناها ترامب، معتبرًا أنها سرّعت الاستثمارات المحلية في التكنولوجيا، لكنه في الوقت نفسه حذّر من أن استبعاد الصين من منظومة إنفيديا قد يحرم الولايات المتحدة من الوصول إلى نصف مطوري الذكاء الاصطناعي في العالم.
ورغم أن شركات منافسة مثل AMD وعدد من الشركات الناشئة ذات التمويل الضخم تسعى لمنافسة إنفيديا في سوق الرقائق عالية الأداء، إلا أن الشركة ما زالت الخيار المفضل والأول في القطاع.
خطط إنفيديا لقيادة عصر الذكاء الاصطناعي
أعلنت شركة إنفيديا (Nvidia)، يوم الثلاثاء، أنها ستصدر مخططًا تفصيليًا يوضح الكيفية التي ينبغي أن تبني بها الشركات الأخرى مراكز بيانات ضخمة بحجم “غيغاسكيل” (Gigascale)، والتي تصفها الشركة بأنها “مصانع ذكاء اصطناعي” (AI Factories) — وهو المفهوم الذي تستثمر فيه شركات التكنولوجيا الكبرى مثل أوراكل (Oracle) ومايكروسوفت (Microsoft) وغوغل (Google) مليارات الدولارات.
وتقول الشركة إن أقوى وأكفأ هذه المراكز ستُبنى باستخدام رقائق إنفيديا وبرمجياتها، مشيرةً إلى أن مركز أبحاث مصانع الذكاء الاصطناعي الجديد الذي أنشأته في ولاية فيرجينيا سيستخدم هذه التقنية المتقدمة.
لكن التحديثات التي أعلنتها إنفيديا يوم الثلاثاء تتجاوز بكثير حدود مراكز البيانات.
فقد كشفت الشركة عن شراكة جديدة مع شركتي الاتصالات “تي-موبايل” (T-Mobile) و“نوكيا” (Nokia) لبناء أبراج اتصالات خلوية بتقنية الجيل السادس “6G” المعتمدة كليًا على الذكاء الاصطناعي — وهي الجيل القادم من تقنيات الاتصالات اللاسلكية.
وسيُستخدم في هذه الأبراج منتج جديد من إنفيديا يُسمى “Aerial RAN Computer”، يدمج بين رقائقها وبرامجها المتقدمة.
ومن المتوقع أن توفر هذه التقنية، عند نشرها، اتصالًا أسرع وأكثر قوة للهواتف المحمولة، إضافة إلى أجهزة أخرى تعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل السماعات الذكية، والنظارات الذكية، وفي نهاية المطاف الروبوتات.
وقال جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لإنفيديا: “معظم تقنيات الاتصالات اللاسلكية حول العالم اليوم تعتمد على تقنيات أجنبية… وهذا يجب أن يتوقف. لدينا فرصة لتغيير ذلك الآن، خصوصًا مع هذا التحول الجوهري نحو الجيل السادس.”
وتخطط إنفيديا أيضًا للمساعدة في تصنيع 100 ألف سيارة ذاتية القيادة بالتعاون مع شركة “أوبر” (Uber) بدءًا من عام 2027، باستخدام رقائقها ونظام التشغيل “DriveOS” المخصص للمركبات المستقلة، بحيث يتمكن عدد أكبر من الناس في أنحاء الولايات المتحدة من استخدام سيارات الأجرة الذاتية القيادة (Robotaxis).
كما ستوفر إنفيديا لشركة بالانتير (Palantir) قدرات حوسبة ونماذج ذكاء اصطناعي لمساعدة الشركات على بناء وكلاء وأنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على أتمتة العمليات الداخلية.
فعلى سبيل المثال، ستستخدم شركة “لوويز” (Lowe’s) هذه التكنولوجيا لإنشاء نسخة رقمية مكررة من سلسلة توريدها العالمية لتحديد فرص زيادة الكفاءة وخفض التكاليف.
وبالشراكة مع شركة سيمنز (Siemens)، أعلنت إنفيديا عن إطلاق تقنيات لإنشاء “توأم رقمي” (Digital Twin) للمصانع الروبوتية — أي نسخ رقمية تحاكي بيئة المصنع الحقيقي.
ووفقًا للشركة، ستمكّن هذه التقنية الشركات من تصميم وتشغيل ومراقبة أعمال الروبوتات التي تنفذ مهام خطرة، فضلًا عن المساعدة في سد النقص بنحو نصف مليون وظيفة تصنيع.
كما تتعاون إنفيديا مع وزارة الطاقة الأميركية لبناء سبعة حواسيب عملاقة كمومية جديدة باستخدام رقائقها الخاصة بالذكاء الاصطناعي، في إطار دعم الأبحاث العلمية للوكالة.
وتصف إنفيديا الحقبة الحالية من الذكاء الاصطناعي بأنها “الثورة الصناعية التالية”، غير أن تقريرًا صادرًا عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في أغسطس الماضي أشار إلى أن معظم الشركات التي نشرت أدوات ذكاء اصطناعي لم تحقق بعد عائدًا ملموسًا من استثماراتها.
كما أن بعض التقنيات التي تراهن عليها إنفيديا، مثل النظارات الذكية والسيارات ذاتية القيادة، ما تزال بعيدة عن الانتشار الواسع.
الدفع نحو الريادة التكنولوجية الأمريكية
اختيار واشنطن العاصمة لاستضافة المؤتمر لم يكن مصادفة؛ إذ أصبح هوانغ شخصية محورية في جهود الرئيس دونالد ترامب لجعل الولايات المتحدة القوة المهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي — وقد بدا هذا واضحًا خلال الكلمة الرئيسية للمؤتمر، حيث تم تخصيص مدخل خاص لموظفي الكونغرس.
وقال هوانغ في كلمته: “أول ما طلبه مني الرئيس ترامب هو إعادة التصنيع إلى أميركا، لأنه ضروري للأمن القومي.”
وأضاف أن رقائق إنفيديا من طراز “Blackwell AI” باتت قيد الإنتاج الكامل في ولاية أريزونا، لكنها لا تزال تحتاج إلى التجميع النهائي في الخارج.
ومن المقرر أن يلتقي هوانغ الرئيس ترامب في كوريا الجنوبية هذا الأسبوع خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC).
وكانت إنفيديا قد أعلنت في أغسطس الماضي أنها طلبت من البيت الأبيض توضيحات حول إمكانية استئناف بيع رقائقها المتقدمة إلى الصين، بعدما وافقت سابقًا على دفع 15% من عائداتها في الصين للحكومة الأميركية في وقت سابق من العام.
وقال هوانغ يوم الثلاثاء إن البيت الأبيض وافق على السماح ببيع الرقائق إلى الصين، لكن بكين هي التي تعيق الآن تنفيذ تلك المبيعات. واختتم هوانغ كلمته باقتباس من الرئيس ترامب قائلًا: “شكرًا لكم جميعًا على خدمتكم في جعل أميركا عظيمة مرة أخرى.”
