اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

التريند ضجيج بلا ذاكرة

التريند ضجيج بلا ذاكرة

فى زمن تتغير فيه الأولويات بسرعة البرق، لم يعد الوعى الجمعى يبنى على القضايا العميقة أو الاحتياجات الفعلية للمجتمع. أصبح المزاج العام يصنع بضغطة زر وتتحرك العقول وفق ما تبرزه الشاشات وليس ما تفرضه الحياة الواقعية. ما يسمى «التريند» لم يعد مجرد تفاعل عفوى، بل تحول إلى أداة لتوجيه النقاش العام وتحديد ما يستحق الاهتمام وما يجب تجاهله. ولعل أخطر ما فى الأمر أننا نتفاعل أحيانًا دون أن نسأل: من الذى وضع هذا الموضوع فى المقدمة؟ ولماذا الآن تحديدًا؟.

فى السنوات الأخيرة أصبحت منصات التواصل الاجتماعى الساحة الأساسية التى يتشكل فيها الرأى العام. ومع تطور الخوارزميات لم يعد انتشار موضوع ما مرتبطًا بأهميته بل بقدرته على جذب الانتباه وإثارة الانفعال. لذلك نجد قضايا سطحية أو هامشية تتصدر المشهد، بينما تتراجع قضايا جوهرية تمس حياة الناس اليومية.

التريند لا ينتشر لأنه عميق بل لأنه مرئى وسريع ومشحون بالعاطفة. الشركات الإعلامية ومؤسسات التسويق، وأحيانًا بعض القوى السياسية، تدرك جيدًا أن التحكم فيما يتحدث عنه الناس هو شكل من أشكال التأثير. فالضوء المسلط يمكن أن يرفع قيمة قضية أو يدفن أخرى.

المجتمع بدوره ينجذب للتريند بدافع المشاركة والانتماء. الفرد لا يريد أن يشعر بأنه خارج اللحظة فيتفاعل حتى لو لم يكن مقتنعًا أو مهتمًا فى الأصل. وهنا ينتج وعى سريع الزوال قائم على اللحظة وليس على الفهم، يتكرر المشهد مرة تلو الأخرى، ضجيج كبير، نقاش محتدم ثم نسيان كامل بمجرد ظهور موضوع جديد.

هذا النمط من الاستهلاك السريع للمعلومات يؤثر على قدرتنا على التفكير النقدى، تتراجع الملفات المهمة مثل التعليم والصحة والاقتصاد والحريات لصالح جدالات لحظية لا تحمل قيمة حقيقية. وهنا تظهر خطورة التريند حين يتحول من مجرد موجة إعلامية إلى أداة لإلهاء المجتمع بدلًا من تنويره.

مع ذلك، يمكن توجيه ثقافة التريند نحو ما يفيد. التريند قادر على لفت الانتباه لقضايا إنسانية أو دعم مبادرات مجتمع مدنى أو كشف فساد أو خلق تعاطف حقيقى مع الفئات الأكثر احتياجًا. المسألة ليست فى فكرة التريند نفسها، بل فى وعينا ونحن نتعامل معه.

الخطوة الأولى لتحرير وعينا هى طرح سؤال بسيط قبل التفاعل:

هل هذا الموضوع يضيف شيئًا؟ هل يساعد المجتمع؟ هل يعبر عن مشكلة حقيقية أم مجرد مؤثرات صوتية فارغة؟.

التريند ليس قدرا ما يشغلنا، يمكن أن يعكس ما نريد نحن وليس ما يفرض علينا. الوعى لا يصنع بالسرعة بل بالانتباه. وإذا أردنا مجتمعًا قادرًا على رؤية أولوياته بوضوح، فعلينا أن نتوقف لحظات قبل أن ننجرف مع الموجة التالية.

القضية ليست فى التريند، بل فى من يمتلك زمام الحوار، فإما أن نكون متلقين أو نكون صناعًا للوعى.

مارجريت عازر – المصري اليوم
3297_1745694956.jpg

كانت هذه تفاصيل خبر التريند ضجيج بلا ذاكرة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا