اخبار الخليج / اخبار الإمارات

أمين عام هيئة «البيئة - أبوظبي» لـ«الاتحاد»: «الاتحاد مع الطبيعة» رسالة استدامة إماراتية للعالم

أمين عام هيئة «البيئة - أبوظبي» لـ«الاتحاد»: «الاتحاد مع الطبيعة» رسالة استدامة إماراتية للعالم

ابوظبي - سيف اليزيد - هالة الخياط (أبوظبي)

أكدت الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي، المستشار الإقليمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في منطقة غرب آسيا، أن استضافة الإمارات العربية المتحدة للمؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة في أبوظبي من 9 إلى 15 أكتوبر، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تحمل رسالة عالمية بالغة العمق. هذه الرسالة تتمثل في أن الإمارات شريك فاعل ورائد في صياغة مستقبل الحفاظ على الطبيعة، وأن حماية البيئة ليست خياراً تكميلياً، بل هي جزء أساسي من عملية صنع القرار على جميع المستويات.

الإنسان والبيئة
قالت الظاهري في حوار مع «الاتحاد»، إن شعار المؤتمر «الاتحاد مع الطبيعة» ليس مجرد عنوان، بل هو دعوة صادقة للعالم أجمع لتوحيد الجهود وتنسيق السياسات بما يحقق التوازن بين الإنسان والبيئة. وترى أن انعقاد المؤتمر قبيل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP30) يضاعف من أهميته، لأنه يعزز جسور التعاون الدولي، ويمنح الإمارات فرصة إضافية لتسريع وتيرة العمل المشترك لتحقيق أهداف أجندة 2030 للتنمية المستدامة.

رؤية الإمارات
وأوضحت الظاهري أن تنظيم المؤتمر يعكس التزام الدولة العميق برؤية قيادتها الحكيمة في صون الطبيعة والاستدامة. فقد وضع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نهجاً راسخاً منذ ستينيات القرن الماضي جعل حماية البيئة جزءاً من هوية الإمارات ومسيرتها التنموية. واليوم، تواصل القيادة هذا النهج من خلال مبادرات نوعية جعلت الإمارات منصة عالمية للعمل المناخي والبيئي.
ولفتت إلى أن الإمارات تتميز بتنوع بيولوجي فريد يضم البيئات الصحراوية، والموائل البحرية والبرية، والأراضي الرطبة، ويُقدّر عدد الأنواع المسجلة والمحتملة فيها بنحو عشرة آلاف نوع. كما تضم شبكة واسعة من المحميات الطبيعية بلغ عددها 49 محمية حتى عام 2023، تغطي 15.53% من مساحة الدولة. وأضافت: «نواصل كذلك تحديث القائمة الحمراء الوطنية التي تضم 1167 نوعاً، بهدف رصد الأنواع المهددة بالانقراض واتخاذ التدابير لحمايتها، مثل إعادة توطين المها العربي والحبارى، إلى جانب التزامنا بزراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030».

دورة متميزة
وأشارت الظاهري إلى أن دورة عام 2025 ستكون محطة رئيسة في مسار الجهود العالمية لتحقيق المستهدفات المشتركة في مجالي التنوع البيولوجي والمناخ، لكونها تسعى إلى أن تكون الأكثر شمولاً وتأثيراً. 
وقالت: «حرصنا على أن تتسم هذه الدورة بمعايير خضراء رائدة، وبمزيج يجمع بين المشاركة الحضورية والمنصات الافتراضية، ما يجعلها نموذجاً مبتكراً للمؤتمرات البيئية».
وبيّنت أن المؤتمر يتضمن ثلاثة مكونات رئيسة: المنتدى الذي يغطي الجوانب الاقتصادية والخيرية والشبابية، وجمعية الأعضاء بوصفها الهيئة العليا لصنع القرار في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، إضافة إلى المعرض الذي يمثل مساحة حيوية لعرض المبادرات والمشاريع والشراكات.

استعدادات أبوظبي
وقالت الظاهري: إن هيئة البيئة – أبوظبي، وبالتعاون مع وزارة التغير المناخي والبيئة، عززت شراكتها مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لإعداد إطار متكامل للمؤتمر.
وأوضحت أن الاستعدادات لم تقتصر على الجوانب اللوجستية، بل شملت إطلاق مشاريع رائدة على أرض الواقع تجسّد التزام الدولة بحماية الطبيعة، وأضافت: «سرّعنا وتيرة مشاريع إعادة تأهيل الموائل الطبيعية، ومنها تنفيذ أكبر مشروع لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية في المنطقة، فضلاً عن توسيع شبكة المحميات الطبيعية التي تغطي أكثر من 15.5% من اليابسة و12% من البيئة البحرية للدولة».

مبادرات بارزة
وتطرقت الأمين العام لهيئة البيئة - أبوظبي إلى أبرز المبادرات والمشاريع التي ستعرضها الإمارة خلال المؤتمر، والتي تشمل: برامج إنقاذ وإعادة تأهيل الحياة البحرية، الإدارة المستدامة لمصايد الأسماك، التميز في إدارة موائل أشجار القرم، القائمة الحمراء للنظم البيئية، بالإضافة إلى مشاريع استعادة الأعشاب البحرية، وقصص نجاح في إعادة الأنواع المهددة بالانقراض، وأهمية الابتكار في إدارة المعرفة البيئية. وأكدت أن هذه المبادرات تعكس التقاء الإرث العريق بالابتكار الحديث، لتأكيد مكانة أبوظبي منصة عالمية تقود مسيرة الاستدامة.

دور ريادي
وشددت الظاهري على أن المؤتمر يمثل منصة لترسيخ مكانة الإمارات حاضنة ومحفزة للعمل البيئي الدولي. فهو يجمع أكثر من 1400 عضو من الحكومات والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية. 
وأضافت: «نحن لا نعرض إنجازاتنا فقط، بل نؤسس لشراكات جديدة عابرة للحدود والقارات». واستشهدت بوجود مقرات ومبادرات عالمية في الدولة مثل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، ومبادرة «الاتحاد مع الطبيعة» التي أطلقت بعد (COP28)، ومكتب معاهدة الأنواع المهاجرة، ومبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية، باعتبارها أدلة على مكانة الإمارات محوراً عالمياً للتعاون البيئي.

تحديات عالمية
وأوضحت الظاهري أن المؤتمر سيناقش خمسة محاور رئيسة تشكل جوهر التحديات البيئية الراهنة، وهي: توسيع نطاق العمل البيئي المستدام، الحد من مخاطر التغير المناخي، تحقيق العدالة البيئية، التحول نحو اقتصادات صديقة للطبيعة، تحفيز الابتكار والريادة. 
وقالت الظاهري: إن المؤتمر سيولي اهتماماً خاصاً بالتنوع البيولوجي في المنطقة العربية والخليجية. وأكدت أن نجاحات الإمارات في إعادة توطين المها العربي، وحماية طائر الحبارى تمثل نماذج مُلهمة يمكن أن يستفيد منها العالم.
وأوضحت الظاهري أن المؤتمر سيؤكد أن الحفاظ على الطبيعة لا يتعارض مع التنمية الاقتصادية، بل يمثل ركيزة لتحقيقها. وقالت: «من خلال جلسات مخصصة للاقتصادات الإيجابية للطبيعة وآليات تمويل الاستدامة، سنوضح أن الاستثمار في حماية البيئة يحقق عوائد اقتصادية واجتماعية بعيدة المدى».
وأضافت أن النموذج الإماراتي خير دليل على أن حماية الطبيعة يمكن أن تسير جنباً إلى جنب مع التنمية المستدامة، وتوقعت مشاركة قياسية في المؤتمر، مع حضور أكثر من 10 آلاف مشارك من قادة الدول وصناع القرار والخبراء، يمثلون أكثر من 140 دولة، إضافة إلى 1400 منظمة. وأكدت أن هذا العدد يعكس أهمية المؤتمر كأوسع منصة عالمية للعمل البيئي المشترك.

تحالفات جديدة
قالت الظاهري: إن المؤتمر سيشهد إطلاق تحالفات استراتيجية كبرى، أبرزها: تحالف الذكاء الاصطناعي من أجل الطبيعة، تحالف الشباب من أجل التنوع البيولوجي، ومبادرات تمويل وحماية المحيطات، شراكات لتنفيذ إعلان أبوظبي المشترك الصادر عن (COP28). وأوضحت أن هذه التحالفات ستعزز التعاون الدولي وتفتح آفاقاً جديدة للعمل البيئي. وشددت على أن المؤتمر يمثل تجسيداً عملياً لمفهوم العمل الجماعي، حيث يجتمع ممثلو الحكومات والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية على طاولة واحدة. وأكدت: «هذه البيئة الشاملة تتيح ولادة شراكات غير تقليدية تجمع بين التمويل الحكومي، والدعم الخاص، والتنفيذ الميداني من قبل المنظمات والمجتمعات».

دور الشباب
أكدت الظاهري أن الشباب والجهات الأكاديمية يمثلون قلب المؤتمر ونبضه، إذ خُصصت لهم مساحات واسعة للتفاعل مع القادة واستعراض ابتكاراتهم. 
وقالت: «نحن لا نكتفي بالاستماع إلى أصوات الشباب، بل نمكّنهم عبر المنح والدعم المادي من خلال صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية».
وأشارت إلى جهود البحث العلمي التي تقودها الدولة، بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية، ومنها سفينة الأبحاث البحرية «جيون»، التي توفر منصة لدراسة النظم البيئية البحرية.
وأوضحت أن النتائج المرجوة على المدى القريب تشمل اعتماد قرارات طموحة توجه العمل العالمي نحو (COP30)، إلى جانب إطلاق تحالفات جديدة وتعبئة تمويل فعال للمشاريع البيئية. أما على المدى البعيد فتؤكد الظاهري أن الهدف هو تسريع تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ وإطار «كونمينغ – مونتريال للتنوع البيولوجي»، وبناء إرث دائم من المعرفة والشراكات، بما يعزز مكانة الإمارات مرجعية عالمية في مجال الاستدامة.

حياد مناخي
شددت الظاهري على أن المؤتمر يسهم في دعم أهداف الإمارات للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050. وأشارت إلى أن المشاريع الرائدة مثل مدينة مصدر ومحطة الظفرة للطاقة الشمسية، إلى جانب مبادرات استعادة النظم البيئية، تقدم نماذج عملية لتحقيق هذا الهدف.

إرث مستدام
اختتمت الظاهري بالتأكيد على أن المؤتمر يطمح لأن يكون محطة تاريخية يتحد فيها العالم مع الطبيعة قولاً وفعلاً. 
وقالت: «نريد أن نلهم الشباب ليكونوا أوصياء على البيئة، وأن نبرهن أن دمج الابتكار مع الإرادة السياسية قادر على صياغة مستقبل أكثر صحة ومرونة واستدامة».
وأضافت أن الهدف النهائي هو أن يصبح المؤتمر نموذجاً عالمياً يُحتذى به في بناء التحالفات بين الحكومات والمنظمات والقطاع الخاص والأكاديميين والمجتمعات المدنية، من أجل تحقيق هدف واحد: الاتحاد مع الطبيعة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا