ابوظبي - سيف اليزيد - طه حسيب (أبوظبي)
واصلت الإمارات، خلال عام 2025، سياستها الخارجية بثوابت راسخة ومرئيات استراتيجية تتمحور حول نشر الاستقرار والسلام، وتكثيف جهود الوساطة، وتوسيع نطاق العمل الإنساني، واستشراف المستقبل والحضور الإيجابي في القمم العالمية والمنتديات الكبرى.
تعهد جديد
صدارة عالمية في العمل الإنساني حازتها الإمارات في عام 2025، حيث تبوأت المركز الثالث في قائمة أكبر المانحين الدوليين للمساعدات الإنسانية بقيمة 1.46 مليار دولار. وفي 9 ديسمبر الجاري، أعلنت الإمارات عن تعهد جديد بقيمة 550 مليون دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية الشاملة التي أطلقتها الأمم المتحدة لجمع 33 مليار دولار في عام 2026 لإغاثة 135 مليون شخص في 23 عملية إنسانية حول العالم.
الفارس الشهم 3
في قطاع غزة، تواصلت، خلال 2025، جهود الإمارات الإنسانية عبر عملية «الفارس الشهم 3»، لمد يد العون للمتضررين داخل القطاع، وبلغ إجمالي الدعم الإنساني الشامل الذي قدمته الإمارات عبر العملية «9.43 مليار درهم، و100 ألف طن مساعدات عاجلة، شملت أكثر من 40% من إجمالي الدعم الإنساني الدولي الموجه إلى غزة، وتضمنت المساعدات الإماراتية في إطار «الفارس الشهم 3» بعد عامين من انطلاقها تسيير 712 رحلة إغاثية جوية، و221 عملية إسقاط جوي عبر عملية «طيور الخير»، وإدخال أكثر من 10 آلاف شاحنة مساعدات و21 سفينة غذاء ودواء.
إعصار سريلانكا
وبعد إعصار «ديتوه» الذي ضرب يوم 28 نوفمبر الماضي، جمهورية سريلانكا الديمقراطية الاشتراكية، أرسلت الإمارات، فرقاً إغاثية لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة ودعم المتضررين من الانهيارات الأرضية، التي شهدتها البلاد جراء الإعصار، وتضمنت المساعدات 116 طناً من المواد الغذائية والإغاثية.
منتديات عالمية
خلال عام 2025 رسخت الإمارات حضورها بالمنتديات العالمية الكبرى، حيث شاركت في أعمال القمة الـ17 لقادة دول مجموعة «بريكس»، بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية يومي 6 و7 يوليو الماضي. كما شاركت الإمارات ضيف شرف بالقمة الـ 32 لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ «أبيك»، التي انعقدت بمدينة غيونغجو الكورية يومي 31 أكتوبر و1 نوفمبر الماضي، تحت شعار «بناء غدٍ مستدام.. التواصل، الابتكار الازدهار»، الفعالية السنوية العالمية التي تجمع الاقتصادات الكبرى بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، من أجل تبادل الأفكار والبحث عن رؤى مشتركة لحفز التنمية المستدامة.
مشاركة الإمارات بقمة «أبيك» تؤكد علاقاتها المتنامية مع القوى الاقتصادية العالمية الكبرى، وتعكس التقدير العالمي الذي تحظى به الدولة في «نوادي الكبار»، اقتصادياً واستراتيجياً، سواء في قمة مجموعة السبع الصناعية و«مجموعة الدول العشرين» و«مجموعة بريكس»، ويمثّل في الوقت ذاته اعترافاً بدورها البناء في ترسيخ التعاون الدولي متعدد الأطراف، والعمل المشترك من أجل تعزيز الاستقرار الاقتصادي العالمي، ومواجهة التحديات العالمية المشتركة، خاصة في مجالات أمن الطاقة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي.
جنوب شرق آسيا
جهود الإمارات الإنسانية امتدت، خلال عام 2025، إلى جنوب شرق آسيا، ففي 11 أبريل الماضي، أرسلت الدولة 239.5 طن من المساعدات الإنسانية والطبية إلى جمهورية ميانمار، وذلك في إطار استجابتها السريعة لتداعيات الزلزال الذي ضرب البلاد، كما أرسلت شحنة مساعدات إنسانية عاجلة، تتضمن أكثر من 200 طن من المواد الغذائية، ومستلزمات الإيواء، والمساعدات الطبية، تهدف إلى التخفيف من معاناة المتضررين ودعم جهود التعافي.
وفي أفغانستان قدمت الإمارات دعماً إنسانياً للمتضررين من زلزال ضرب شمال البلاد 3 نوفمبر الماضي، حيث أرسلت الإمارات جسراً جوياً من 8 طائرات تحمل 394 طناً من المساعدات. وفي 16 أكتوبر قدّمت وكالة الإمارات للمساعدات الدولية مساعدات للفلبين بعد زلزال ضرب جزيرة سيبو وسط البلاد، كما قدمت مساعدات إغاثية عاجلة لقرابة 40 ألف أسرة متضررة من الزلزال، وذلك بإشراف سفارة الدولة في مانيلا.
وساطة السلام
في عام 2025 واصلت الإمارات جهودها في الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، خاصة في ملف تبادل الأسرى بين الطرفين، جهود محصلتها 17 عملية وساطة منذ بداية الأزمة أثمرت إطلاق سراح 4641 أسيراً من الجانبين المتنازعين.
وفي مايو الماضي، وبعد توترات عسكرية بين الهند وباكستان، أكدت الإمارات عبر اتصالات أجرتها مع قيادات البلدين أن الحوار والدبلوماسية هما السبيل الوحيد لحل الخلاف، ووقف التصعيد، داعية كليهما إلى ضبط النفس والتهدئة، من أجل تعزيز السلام في جنوب آسيا. ورحبت الإمارات في 10 مايو الماضي بإعلان وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، وأشادت بحكمة البلدين في هذا الصدد، وبما يعود بالنفع على شعبيهما، وعموم شعوب منطقة جنوب آسيا.
كما حققت الدبلوماسية الإماراتية نجاحاً تمثل في استضافة مباحثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان مهدت لنزع فتيل التوتر بين البلدين، وهيأت الأجواء لاتفاق سلام ينهي الصراع في منطقة القوقاز.
السودان.. موقف ثابث
أكدت الإمارات موقفها الثابت من دعم الحلول السلمية للصراع في السودان الشقيق، من أجل الحفاظ على وحدته وحقن دماء أبناء شعبه الواحد، وهو ما جسدته الجهود الدبلوماسية التي بذلتها منذ بداية الأزمة إلى الآن.
وخلال العام، كثّفت الإمارات خلال عام 2025 جهودها الإنسانية لإنقاذ المتضررين من الصراع الدائر في السودان، ففي 14 فبراير 2025 وفي مدينة أديس أبابا، عقدت الإمارات وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) «المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان». وخلال المؤتمر أعلنت الإمارات عن تقديم تمويل إضافي بقيمة 200 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانية في السودان، ليصل إجمالي المساعدات إلى 600.4 مليون دولار منذ أبريل من العام 2023، وإلى 3.5 مليار دولار، خلال السنوات العشر الماضية.
وفي 13 سبتمبر الماضي أقرت الإمارات مجموعة من المبادئ من خلال عضويتها في المجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، تؤكد خطورة الصراع الدائر في السودان، كونه يتسبب في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، ويشكل مخاطر جسيمة على السلم والأمن الإقليميين، وتأكيد سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه ضرورية للسلام والاستقرار، وأنه لا يوجد حل عسكري مجدٍ للصراع، واستمرار الوضع الراهن يُسبب معاناةً غير مقبولة ومخاطر على السلم والأمن، ودعوة جميع أطراف النزاع إلى تسهيل الوصول السريع والآمن للمساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع أنحاء السودان، ومن خلال جميع الطرق اللازمة، وحماية المدنيين، وفقاً للقانون الدولي الإنساني، والتزاماتهم بموجب إعلان جدة، والامتناع عن الهجمات الجوية والبرية العشوائية على البنية التحتية المدنية.
«كوب 30»
في يومي 6 و7 نوفمبر الماضي، شاركت الإمارات في القمة المناخية العالمية «كوب30» بمدينة بيليم البرازيلية في قلب غابات الأمازون. أكدت الإمارات دعمها لمبادرة «مرفق الغابات الاستوائية الدائمة» التي اقترحتها الحكومة البرازيلية، دعم يتحقق عبر مساعدة الدول النامية في جهود وقف إزالة الغابات.
