شكرا لقرائتكم خبر عن النفط ينخفض وخام برنت يسجل أدنى مستوى منذ مايو والان مع بالتفاصيل
دبي - بسام راشد - أخبار الفوركس اليوم يشهد العالم طفرة غير مسبوقة في الطلب على الطاقة نتيجة الانتشار السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يفرض ضغوطًا هائلة على مصادر الطاقة والبنى التحتية لشبكات الكهرباء حول العالم.
وفي ظل التوقعات المتصاعدة للنمو في هذا القطاع، يسارع المستثمرون في القطاعين العام والخاص إلى تسريع وتيرة إنشاء مراكز بيانات جديدة على نطاق واسع. ووفقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة (IEA)، بلغت الاستثمارات العالمية في مراكز البيانات نصف تريليون دولار في عام 2024، أي ما يعادل زيادة تقارب الضعف خلال عامين فقط.
لكن هذه الوتيرة السريعة في إنشاء مراكز البيانات خلقت مشكلة جديدة، إذ إن عمليات البناء تتجاوز قدرة شبكات الكهرباء على التوسع، ما يؤدي إلى تأخيرات حرجة في تشغيل مراكز البيانات الجديدة.
شبكة الكهرباء لا تواكب التوسع
يشير تقرير "الطاقة والذكاء الاصطناعي" الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة في وقت سابق من هذا العام إلى أن مشروعًا واحدًا من كل خمسة مشاريع لمراكز البيانات حول العالم مهدد بالتأجيل بسبب الضغط الشديد على الشبكات الكهربائية.
وجاء في التقرير: «قوائم الانتظار الخاصة بربط المشاريع الجديدة – سواء مشاريع التوليد أو الاستهلاك، بما في ذلك مراكز البيانات – طويلة ومعقدة»، مضيفًا أن بناء خطوط نقل جديدة قد يستغرق من أربع إلى ثماني سنوات في الاقتصادات المتقدمة، كما أن فترات الانتظار لمكونات الشبكة الحيوية مثل المحولات والكابلات تضاعفت خلال السنوات الثلاث الماضية.
في الولايات المتحدة، كانت شبكات الكهرباء تعاني أصلًا من الشيخوخة والضغط حتى قبل الطفرة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي. ومع تضاعف الطلب الناتج عن إنشاء مراكز البيانات، أصبح حجم التحديثات المطلوبة هائلًا للغاية.
وتقدّر وزارة الطاقة الأميركية أن البلاد ستحتاج إلى نحو 47,300 ميل غيغاوات من خطوط الطاقة الجديدة بحلول عام 2035 — أي زيادة بنسبة 57% في قدرات الشبكة الحالية. ولتحقيق هذا الهدف، سيتعين مضاعفة وتيرة البناء الحالية.
مراكز البيانات تتركّز في مناطق مكتظة أصلًا
تفاقم المشكلة أن العديد من مشاريع مراكز البيانات الجديدة تُقام في مناطق تحتوي بالفعل على مراكز بيانات قائمة، أي في مناطق تُعاني أصلًا من ضعف في قدرة الشبكات الكهربائية.
وفي الولايات المتحدة مثلًا، نصف مراكز البيانات قيد الإنشاء حاليًا تُعد إضافات لمجمّعات قائمة. ولتخفيف الضغط على شبكات الكهرباء وتحسين الكفاءة وتجنّب الاختناقات المحلية، سيكون من الأكثر فاعلية بناء مراكز بيانات جديدة في مناطق تتمتع بقدرات كهربائية فائضة.
الطاقة الموزعة: حلّ واعد لتخفيف الضغط
يبرز في هذا السياق مفهوم مصادر الطاقة الموزعة (Distributed Energy Resources - DERs) كأحد الحلول الممكنة.
تشمل هذه المصادر أنظمة توليد صغيرة النطاق مثل ألواح الطاقة الشمسية على الأسطح وأنظمة تخزين البطاريات. وعلى عكس الشبكات التقليدية التي تنقل الطاقة لمسافات طويلة من محطات التوليد إلى المستخدمين النهائيين، فإن أنظمة الطاقة الموزعة تُنتج وتستهلك الطاقة محليًا.
إن إنشاء المزيد من هذه المراكز اللامركزية للطاقة وربطها بالمرافق العامة قد يشكّل حلاً مؤقتًا حاسمًا لتسريع تشغيل مراكز البيانات الجديدة، كما يمكن أن يساعد في موازنة الأحمال على الشبكات المحلية خلال ساعات الذروة عبر توفير موارد طاقة إضافية عند الحاجة.
ووفقًا لتقرير نشره موقع Utility Dive: «إذا تم تنفيذ هذا الحل بالشكل الصحيح، فقد يتيح زيادة القدرة الحاسوبية بسرعة باستخدام معدات التوزيع وخطوط النقل ومحطات الطاقة الحالية»، مضيفًا أن ذلك يمكن أن يخفض أيضًا فواتير الطاقة للسكان والشركات المحلية.
موازنة بين التكنولوجيا والمستهلك
يمثل خفض تكاليف الطاقة أمرًا بالغ الأهمية في وقت يتزايد فيه الفقر الطاقي في الولايات المتحدة والعالم.
ففي النموذج الحالي، يتحمّل المستهلكون العبء المالي لدمج الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، حتى وإن لم يستفيدوا منه مباشرة.
لكن اعتماد أنظمة الطاقة الموزعة قد يغيّر هذه المعادلة، إذ يمكن أن يشجع شركات التكنولوجيا على دفع مبالغ أكبر مقابل الحصول على اتصال أسرع بالشبكات الكهربائية.
ويضيف تقرير Utility Dive: «كلما زادت المبالغ المدفوعة، زادت الحوافز لمالكي موارد الطاقة الموزعة، وسرعت عملية دمج قدرات جديدة في الشبكات — ما يعني مزيدًا من الأموال في جيوب المستهلكين».
تسارع في تطوير مصادر الطاقة الموزعة
يشهد تطوير أنظمة الطاقة الموزعة نموًا متسارعًا بالفعل، إذ يتزايد إدراك قيمتها لكل من عمالقة التكنولوجيا ومشغلي الشبكات الكهربائية.
وتقدّر شركة الأبحاث وود ماكنزي (Wood Mackenzie) أن مئات الغيغاوات من موارد الطاقة الموزعة ستُضاف إلى الشبكات بحلول عام 2027 — أي ما يقارب حجم الإضافات المتوقعة من محطات الطاقة المركزية خلال الفترة نفسها.