شكرا لقرائتكم خبر عن أرباح مجموعة سيرا ترتفع إلى 50 مليون ريال في الربع الثالث 2025 والان مع بالتفاصيل
دبي - بسام راشد - أخبار الفوركس اليوم تراجعت أسعار النحاس خلال تداولات اليوم الثلاثاء في ظل تزايد حجم المعروض العالمي بالتزامن مع نمو عمليات تخزين المعدن الصناعي في الولايات المتحدة.
أُدرِج النحاس رسميًا ضمن قائمة المعادن الحيوية التي تعتبرها الحكومة الأمريكية أساسية للأمنين الاقتصادي والقومي، بحسب تقرير جديد، في خطوة تعكس الأهمية المتزايدة لهذا المعدن في الصناعات الحديثة من الطاقة إلى التكنولوجيا.
لكن المفارقة أن الولايات المتحدة تمتلك بالفعل ثاني أكبر مخزون نحاس في العالم بعد الصين – دون أن تنفق دولارًا واحدًا من الأموال الفدرالية على بنائه. فقد قامت آليات السوق وحدها بهذا الدور، بفضل فجوة المراجحة (arbitrage) الكبيرة بين سعر النحاس في السوق الأمريكية (بورصة شيكاغو للسلع CME) وسعره في بورصة لندن للمعادن (LME).
فجوة الأسعار تدفع النحاس نحو الولايات المتحدة
أدت الفجوة السعرية بين السوقين إلى جذب كميات هائلة من النحاس الفعلي إلى السوق الأمريكية، ولا يزال هذا التدفق مستمرًا، مع رهان المستثمرين على أن تصنيف النحاس كـ"معدن حيوي" – الذي تم التلويح به لأول مرة في أغسطس – قد يزيد احتمالات فرض رسوم استيراد أمريكية مستقبلًا.
تجارة المراجحة: من التحقيق إلى الفجوة الكبرى
عندما أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير الماضي بفتح تحقيق حول واردات النحاس لأسباب تتعلق بالأمن القومي، تحركت الأسواق بسرعة لتسعير احتمالية فرض رسوم على الواردات، شبيهة بتلك المفروضة سابقًا على الصلب والألمنيوم.
وفي يوليو، اتسعت الفجوة السعرية بين النحاس الأمريكي والنحاس العالمي إلى نحو 3,000 دولار للطن المتري، ما خلق فرصة استثنائية أمام أكبر المتداولين العالميين لشحن كل ما يمكنهم من النحاس إلى الولايات المتحدة لتحقيق أرباح سريعة.
لكن هذه العلاوة السعرية انهارت في يوليو نفسه بعد أن فاجأت إدارة ترامب السوق بفرض رسوم على واردات منتجات النحاس نصف المصنعة، مع تأجيل قرار فرض الرسوم على النحاس المكرر حتى يوليو 2026.
عودة الفجوة مجددًا
رغم ذلك، يبدو أن تجارة المراجحة لم تنتهِ بعد. فقد اتسعت الفجوة من جديد، حيث ارتفعت العلاوة الفورية في بورصة شيكاغو من أقل من 100 دولار للطن في أغسطس إلى أكثر من 300 دولار، بينما بلغ فرق السعر الآجل لعقود العشرة أشهر نحو 800 دولار للطن.
ورغم أن هذه الفجوة ليست بحجم تلك التي سُجلت في يوليو، إلا أنها تكفي لتغطية تكاليف شحن النحاس فعليًا إلى الولايات المتحدة، ما يبقي الحافز قائمًا أمام المتداولين لجلب المزيد من المعدن.
مخزونات ضخمة في بورصة CME
تنعكس هذه الديناميكيات بوضوح في الزيادة الهائلة بمخزونات النحاس المسجلة لدى بورصة شيكاغو (CME)، والتي تقتصر مراكز التسليم فيها على الأراضي الأمريكية.
فقد قفزت المخزونات من 83,900 طن في فبراير إلى أكثر من 335,000 طن حاليًا، أي أن مخازن CME تحتفظ الآن بنحاس أكثر مما تملكه بورصة لندن وشانغهاي مجتمعتين.
ويستمر تدفق المعدن إلى شبكة التسليم الأمريكية بشكل يومي، خصوصًا في ميناء نيو أورلينز، إضافة إلى تدفقات في بالتيمور وسولت ليك سيتي وتوكسون.
النحاس "المحتجز اقتصاديًا" في أمريكا
وترى شركة Benchmark Minerals Intelligence أن هناك ما بين 731 ألفًا و831 ألف طن من النحاس في الولايات المتحدة يمكن وصفها بأنها "محتجزة اقتصاديًا" — أي أن خروجها مجددًا من السوق الأمريكية يتطلب انقلابًا حادًا في فروق الأسعار بين الولايات المتحدة وبقية العالم.
ومع اتساع العلاوة السعرية مجددًا في السوق الأمريكية، من المرجح أن تستمر الزيادات في المخزون الأمريكي بدلًا من تراجعه.
ووفقًا للإحصاءات التجارية (التي تعطلت بسبب الإغلاق الحكومي الأخير)، فقد تجاوزت واردات النحاس المكرر مليون طن خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، بزيادة تقارب 400 ألف طن عن الفترة نفسها من العام الماضي.
أما بيانات الصادرات الحديثة من كبار المنتجين مثل تشيلي وبيرو وأستراليا، فتُظهر أن تدفقات النحاس إلى الولايات المتحدة لا تزال قوية.
السوق الأمريكية تتحول إلى الوجهة الأولى للنحاس
تحولت الولايات المتحدة إلى السوق الأولى عالميًا لتصريف فائض النحاس، وهو ما مكّن شركة Aurubis الألمانية – أكبر منتج للنحاس في أوروبا – من رفع علاوتها السعرية لتسليمات عام 2026 بنسبة 38% لتصل إلى مستوى قياسي قدره 315 دولارًا للطن فوق سعر بورصة لندن.
مخزون استراتيجي من دون تخطيط رسمي
تسببت تحركات السوق في إعادة توزيع هائلة لمخزونات النحاس العالمية باتجاه الولايات المتحدة، حيث باتت مخزونات المعدن هناك "محصورة" بفعل نفس الديناميكيات التي أنشأتها.
وبدون أي تخطيط رسمي، نجحت الولايات المتحدة فعليًا في بناء ما يمكن وصفه بـ"مخزون استراتيجي" من النحاس — لكنه يُدار من قبل القطاع التجاري، لا الحكومة.
ولا يزال هذا المخزون في نمو مستمر، وسيواصل الارتفاع طالما بقيت فرص المراجحة السعرية قائمة، ما يسمح للمتداولين بتحقيق أرباح سهلة عبر شراء النحاس من الأسواق العالمية وشحنه إلى الموانئ الأمريكية.
ويُعتقد أن الصين تمتلك أكبر مخزون استراتيجي للنحاس في العالم، تقدر السوق حجمه بنحو مليوني طن، رغم أن الأرقام الدقيقة تظل سرًا حكوميًا.
أما الولايات المتحدة، فهي لم تصل إلى هذا المستوى بعد، لكنها تسير بثبات نحو تكوين احتياطي مماثل الحجم.
المفارقة الأخيرة: الرسوم المقبلة قد تقلل "الاعتماد على الواردات"
ومن المقرر أن تعيد إدارة ترامب النظر في مسألة اعتماد الولايات المتحدة على واردات النحاس في يوليو من العام المقبل، مع احتمال فرض رسوم على النحاس المكرر بدءًا من عام 2027.
والمفارقة، أن كل طن من النحاس يدخل الأراضي الأمريكية الآن يقلل من هذا الاعتماد ذاته — حتى قبل تطبيق الرسوم الهادفة إلى تعزيز الإنتاج المحلي.
وعلى صعيد التداولات، انخفضت العقود الآجلة للنحاس تسليم ديسمبر كانون الأول في تمام الساعة 15:10 بتوقيت جرينتش بنسبة 0.5% إلى 5.07 دولار للرطل.
