اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

الفاشر لم تكن مجرّد مدينة بل كانت قلب الذاكرة الدارفورية

  • الفاشر لم تكن مجرّد مدينة بل كانت قلب الذاكرة الدارفورية 1/2
  • الفاشر لم تكن مجرّد مدينة بل كانت قلب الذاكرة الدارفورية 2/2

الفاشر لم تكن مجرّد مدينة، بل كانت قلب الذاكرة الدارفورية، سقوطها لم يكن حدثاً عسكرياً بحتاً، بل لحظة مفصلية في تفكك الدولة السودانية الحديثة، وانكشاف صراع الإرادات الإقليمية والدولية على مسرح هش من الرمال والدم.
إنّ مذابح الدعم السريع ضد المدنيين ليست فقط جريمة إنسانية تُضاف إلى سجلها، بل هي محاولة عنيفة لفرض هندسة ديموغرافية جديدة في الإقليم، تُعيد رسم الخريطة السكانية والولاءات السياسية، وتُمهد لتأسيس كيان سياسي على أنقاض الجثث.

لكن أي دولة يمكن أن تُبنى فوق ركام المذابح؟
كيف سيواجه قادة الدعم السريع إرثهم الدموي حين يُطلّ فجر السياسة؟.إنّ الشرعية السياسية لا تُصنع بالسلاح، ولا تُكتسب بالرهبة، بل تُمنح حين يشعر الإنسان أنه ينتمي لدولة تحميه، لا تذبحه.
في الفاشر، انهار آخر جدارٍ نفسي بين المواطن والسلاح، وتكشّف أن المشروع المسلح الذي يرفع شعار “العدالة للمهمشين” تحوّل إلى سلطة إثنية تبحث عن هوية بديلة للدولة السودانية.
إنها ليست حرباً على النظام فحسب، بل على فكرة الدولة نفسها، على مفهوم المواطنة، على حقّ الناس في البقاء.
أما القيادة السودانية في الخرطوم، فتمضي بخطى متثاقلة نحو ما تسميه “تحرير دارفور”، كأنها تخشى الحقيقة أكثر مما تخشى العدو، بطؤها ليس فقط عسكرياً، بل فكرياً واستراتيجياً؛ إذ ما زالت تتعامل مع الصراع كمعركة حدود، لا كمعركة وجود.
في الحروب الوجودية، لا يكفي السلاح، بل يلزم وعي يُدرك أن الجغرافيا ليست مجرد أرض تُستعاد، بل ذاكرةٌ تُنقذ من المحو.
إنّ ما يجري في دارفور لا يمكن فصله عن معادلات الإقليم، الإمارات، التي كانت ترى في السودان بوابة اقتصادية نحو البحر الأحمر والذهب، أدركت أن “بورتسودان” تتقارب مع واشنطن على نحوٍ يهدد نفوذها التقليدي في المنطقة.
فجاء الردّ عبر أداة الحرب بالوكالة: إسقاط الفاشر، لا كمجرد انتصار ميداني، بل كرسالةٍ سياسية تقول إنّ الخرائط تُعاد رسمها بالنار، لقد استبدلت الموانئ التي استعصت في الشرق، والذهب الذي فُقد في الشمال، بدماء جديدة في الغرب.
دارفور، بما تحمله من ثروات باطنية ونسيج قبلي قابل للاختراق، باتت المسرح الأنسب لمشروع “الدولة البديلة” دولة تُدار بالوكالة، تُنهب مواردها باسم التنمية، وتُقسم ولاءاتها باسم الفيدرالية.
لكنّ للتاريخ ذاكرة لا تنام، الشعوب التي احترقت بنيران التحالفات الخارجية تعود دوماً من رمادها أكثر وعياً وصلابة.
قد تسقط الفاشر، وقد تنكسر المدن، لكن سقوطها الأخطر سيكون حين يتصالح الضمير الجمعي مع فكرة التقسيم، حين يتحول الإنسان السوداني إلى لاجئ داخل خريطته.
إنّ مستقبل السودان لن يُصاغ الا في لحظة وعي وطني تُدرك أن دارفور ليست “قضية إقليمية” بل مرآة الدولة كلها، فإذا لم تُحرر ، فلن يتحرر السودان من قدره الأبدي مع الانقسام.

رشان اوشي

صورة هبة علي

هبة علي

محررة بكوش نيوز تهتم بشتى جوانب الحياة في السودان والاقليم، تكتب في المجال الثقافي والفني، معروفة بأسلوبها السلس والجاذب للقارئ.

كانت هذه تفاصيل خبر الفاشر لم تكن مجرّد مدينة بل كانت قلب الذاكرة الدارفورية لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا