ابوظبي - سيف اليزيد - دينا جوني (دبي)
بدأت في دبي أمس التصفيات النهائية لفئة الجاليات في الدورة التاسعة من تحدي القراءة العربي، التظاهرة القرائية الأكبر من نوعها باللغة العربية على مستوى العالم؛ وذلك لتحديد أصحاب المراكز الثلاثة الأولى ضمن هذه الفئة، وسيتم الإعلان عن بطل فئة الجاليات خلال الحفل الختامي للدورة التاسعة الذي يستضيفه مركز دبي التجاري العالمي في 23 أكتوبر الجاري.
ونجح الطلاب والطالبات الذين يخوضون التصفيات النهائية في فئة الجاليات، في قطع مراحل عدة على مدى الدورة التاسعة، فيما يخضع المشاركون خلال المرحلة النهائية التي تجري في دبي لاختبار شفهي للوقوف على مهاراتهم الخاصة، حيث يستعرض المتنافسون بلغة عربية فصيحة أبرز الأفكار والنقاط الرئيسية التي استلهموها من الكتب التي قرأوها وعددها 25 كتاباً.
وتعمل لجنة التحكيم على قياس محصلتهم القرائية ككل، وقدرتهم على التعبير عنها بأسلوبهم الخاص، إذ يتطلب الأمر من الطالب إظهار قدرات مميزة في المناقشة والنقد والتحليل، والربط بين الأفكار والمفاهيم المختلفة، إلى جانب التحلي بالثقة في النفس والتمكن في الأداء.
وجاء استحداث فئة الجاليات مع اختتام الدورة الثانية من مبادرة تحدي القراءة العربي وانطلاق دورته الثالثة، حيث فتح باب المشاركة للطلاب والطالبات من خارج الدول العربية ومتعلمي اللغة العربية والناطقين بغيرها.
«التحدي» للجميع
وأكد الدكتور فوزان الخالدي، مدير إدارة البرامج والمبادرات في مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، في تصريحات لـ«الاتحاد» على هامش التصفيات، أن تحدي القراءة العربي يُعد مبادرة ملهمة هي الأكبر من نوعها في العالم العربي، وتهدف إلى ترسيخ ثقافة القراءة باللغة العربية، وتحويلها إلى عادة يومية أصيلة، واستثمار طاقات جيل معتزّ بهويته ولغته الأم. وثمّن الخالدي دعوة جامعة الدول العربية، في يوم اللغة العربية، إلى وزارات التربية والتعليم في الدول العربية، لتبنّي التحدي ضمن المناهج الدراسية، وتعزيز نشره ليصبح مبادرة قرائية رئيسية في مختلف الدول، لما يمثّله من رافد أساسي لتطوير مهارات الطلبة اللغوية والمعرفية.
وأشار إلى أن فئة الجاليات في التحدي تستهدف الطلبة العرب المقيمين في دول أجنبية، لافتاً إلى أن الدورة الحالية شهدت مشاركة طلاب غير عرب تعلّموا اللغة العربية خصيصاً للمشاركة، وهو ما يعدّ أثراً نوعياً وإنجازاً نفتخر به، ويجسّد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في نشر القراءة باللغة العربية وبناء جيل جديد متمسّك بهويته وثقافته.
وأضاف أن من أبرز إنجازات التحدي إطلاق المنصة الرقمية التي تضم أكثر من 1500 كتاب باللغة العربية، تتيح للطلبة تصفحها من أي مكان، ما سهّل الوصول إلى المحتوى العربي، خصوصاً لطلبة الجاليات والمناطق النائية التي تعاني من شحّ في الكتب العربية، مما أسهم في توسيع قاعدة المشاركة، وترسيخ أثر التحدي في مختلف البيئات التعليمية حول العالم.
محمد القرقاوي: إنجازات نوعية وتأثيرات إيجابية في الواقع التعليمي والثقافي العربي
أكد معالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، الأمين العام لمؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، أن مبادرة تحدي القراءة العربي تواصل تسجيل إنجازات نوعية على صعد الانتشار في الوطن العربي والعالم، والتأثير الإيجابي في الواقع التعليمي والثقافي العربي، وتعزيز مكانة اللغة العربية، بما يجسد رؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، بالتركيز على البعد المعرفي في إعداد الأجيال الجديدة، وإعلاء شأن القراءة، باعتبارها الطريق الأمثل لبناء العقول، وصقل المواهب والقدرات.
وأشار معاليه إلى الدور الحيوي الذي يلعبه أبناء الجاليات في صون اللغة العربية، والتعريف بالثقافة العربية في بلدان إقامتهم، من خلال تفاعلهم الكبير مع مبادرة تحدي القراءة العربي، والتزامهم بالعمل على تحقيق رسالتها وأهدافها، وإصرارهم على المشاركة السنوية في منافساتها.
وشهدت الدورة التاسعة من مبادرة تحدي القراءة العربي، التي تنضوي تحت مظلة مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» مشاركة قياسية، وصلت إلى أكثر من 32 مليون طالب وطالبة من 50 دولة يمثلون 132112 مدرسة، وبإشراف 161004 مشرفين ومشرفات.
أثر ثقافي ومعرفي
أكدت خديجة الحوسني، محكّمة دولية في تحدي القراءة العربي، في استراحة على هامش جلسات التحكيم، أن المبادرة استطاعت أن تغرس ثقافة القراءة بعمق في نفوس الأجيال، ليس فقط على مستوى الوطن العربي، بل أيضاً في العديد من دول العالم التي تشارك في التحدي، مشيرةً إلى أن الأثر الثقافي والمعرفي للتحدي أصبح ملموساً في البيوت والمدارس والمجتمعات. وأوضحت أن ما لفت انتباه لجنة التحكيم، خلال التصفيات، هو الجهود الكبيرة للأسر الداعمة والمشرفين التربويين الذين احتضنوا المشاركين ووجّهوهم، إلى جانب ما يتمتع به الطلبة من وعي ثقافي عميق ولغة عربية فصيحة وسليمة، تعكس مستوى متقدماً من الإتقان والفهم لا مجرد الحفظ والتكرار. وأضافت الحوسني أن مرحلة التصفيات تمثل ثمرة حقيقية لمسيرة القراءة التي خاضها الطلبة على مدار العام، وقد تجلّت نتائجها في شخصياتهم المتوازنة و«كاريزمتهم» الواثقة ولغة الجسد المعبّرة التي تعكس نضجاً فكرياً وقيادياً واضحاً.
وقالت: «لا نبحث عن طلاب يحفظون ملخصات الكتب ويسردونها، بل عن قادة مثقفين يمتلكون رؤية، وثقة بأنفسهم، وبلاغة في التعبير عن أفكارهم؛ لأن القراءة في جوهرها تصنع الشخصية القيادية القادرة على التفكير والتحليل والإبداع.
مشاركة قياسية
شهدت الدورة التاسعة من مبادرة تحدي القراءة العربي، التي تنضوي تحت مظلة مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، مشاركة قياسية وصلت إلى أكثر من 32 مليون طالب وطالبة من 50 دولة يمثلون 132112 مدرسة، وبإشراف 161004 مشرفين ومشرفات.
ويتنافس في التصفيات النهائية لفئة الجاليات، كل من الطلبة: تقى أحمد هاشم سيد عبد الخالق من أستراليا، وبراء رضوان الزعيم (البرازيل)، وجنات أركان محمد الرميمة (الصين)، وماسه الخطيب (ألمانيا)، ونوار موعد (النرويج)، وليليا برهان (النمسا)، ورزان حسن المصري (الولايات المتحدة الأميركية)، وميرنا أحمد شمس الدين محمد (اليونان)، وجهاد محمد حسين فايد مراد (إيطاليا)، ونجم الدين رشيد نعمه (إنجلترا)، وجود نداف (بلجيكا)، ونورسين شرفي (تركيا)، وقاسم أحمد قاسم نايل (اسكتلندا)، وألمى المعطي (سويسرا)، وتحسين يوسف تحسين الدروبي (فنلندا)، وعبد الرحمن محمود بدر (كندا)، وتيم العليوي (لوكسمبورغ)، وابتسام الرزوق أديب (ماليزيا)، ويارا موسى عيد (نيوزيلندا)، وزيد سرحان (فرنسا)، ورغد محمد زياد دودي (هولندا)، ومحمد مافونغال (الهند)، وسندس الهندي (إيرلندا)، وماريا نقاوه (السويد)، ومريم عمر أديب (الدنمارك)، ورحمات أنشوري (إندونيسيا). ويضم السجل الذهبي لأبطال الجاليات في الدورات الست الماضية كلاً من: تسنيم عيدي من فرنسا بطل الدورة الثالثة، ومحمود بلال من السويد (الدورة الرابعة)، ألكسندر فوروس من إيطاليا (الدورة الخامسة)، وندى السطري من بلجيكا (الدورة السادسة)، ومحمد عبد الرقيب علي أحمد الكوكباني من ماليزيا (الدورة السابعة)، ومحمد الرفاعي من السويد (الدورة الثامنة).
أكبر مشروع
يهدف تحدي القراءة العربي، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في عام 2015، كأكبر مسابقة ومشروع قراءة على مستوى العالم، إلى تعزيز أهمية القراءة لدى الطلبة المشاركين على مستوى الوطن العربي والعالم، وتطوير آليات الاستيعاب والتعبير عن الذات بلغة عربية سليمة، وتحبيب الشباب العربي بلغة الضاد، وتشجيعهم على استخدامها في تعاملاتهم اليومية، وإلى فتح الباب أمام الميدان التعليمي والآباء والأمهات في العالم العربي لتأدية دور محوري في تغيير واقع القراءة وغرس حبها في الأجيال الجديدة.
ويسعى التحدي إلى ترسيخ حب المعرفة والقراءة والاطلاع لدى الأجيال الجديدة، وتزويدهم بالمعرفة الضرورية، للمساهمة في بناء مستقبل أفضل وصقل قدراتهم وشخصياتهم.
كما يهدف التحدي إلى بناء المنظومة القيمية للنشء، من خلال اطلاعهم على قيم وعادات ومعتقدات الثقافات الأخرى، وهو ما يرسخ مبادئ التسامح والتعايش وقبول الآخر، ويشجع الحوار والانفتاح الحضاري والإنساني.