الرياص - اسماء السيد - احتفل إسرائيليون وفلسطينيون يوم الاثنين بتبادلٍ كبيرٍ للرهائن والمعتقلين، في خطوة مهمة نحو إنهاء عامين من الحرب في غزة.
ففي مرحلةٍ أولى حاسمة من الخطة التي توسطت فيها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب، أعادت حماس جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء، بينما أطلقت إسرائيل سراح ما يقرب من 2000 سجين ومعتقل فلسطيني.
وشهدت المنطقة مشاهد مؤثرة، حيث تعالت صيحات عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين بكوا فرحاً وهم يعانقون أحباءهم المحررين. وكذلك الأمر بالنسبة للفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية، الذين رحبت بهم الحشود التي لوّحت بالأعلام الفلسطينية، بفرحٍ غامر لدى وصولهم على متن حافلات إلى غزة والضفة الغربية المحتلة.
ووصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إسرائيل بعد دقائق من لمّ شمل أول دفعة من الرهائن مع عائلاتهم؛ حيث أعلن عن "فجرٍ تاريخي في شرق أوسط جديد" في خطابٍ ألقاه أمام الكنيست الإسرائيلي.
ثم سافر جواً إلى قمةٍ في شرم الشيخ بمصر، للقاء أكثر من 20 زعيماً لإجراء محادثاتٍ حول المراحل اللاحقة من خطته للسلام في غزة.
في القمة، وقّعت مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة إعلاناً كأطراف ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي يهدف إلى إنهاء عامين من الحرب التي خلّفت دماراً واسعاً في غزة.
وبينما تستمر الاحتفالات الدبلوماسية وفرحة عودة الغائبين إلى ذويهم، لا تزال هناك تحديات كثيرة قائمة إذا كانت هناك رغبة حقيقية في تحويل وقف إطلاق النار إلى سلام دائم.
فالمراحل الأخيرة من خطة ترامب للسلام، المكونة من عشرين نقطة، مليئة بالنقاط العالقة، وستكون هناك حاجة إلى مفاوضات مكثفة للمضي قدماً في تنفيذها.

بعملية تبادل الرهائن والسجناء التي جرت يوم الاثنين، تمت المرحلة الأولى من الاتفاق، وهي خطوة جاءت بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم الجمعة وزيادة المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وقالت أربيل يهود، التي كانت رهينة سابقة، والتي التقت بشريكها أرييل كونيو بعد إطلاق سراحه يوم الاثنين: "أشعر بفرحة غامرة".
وأضافت: "لأكثر من عامين، كان أمل أن أحتضن أرييل مرة أخرى، هو ما صبّرني وحفزني كل يوم".
ورغم أن عمليات الإفراج سارت كما هو مخطط لها إلى حد كبير، إلا أن عائلات الرهائن الإسرائيليين أبدت غضبها إزاء إعلان حماس أنها ستعيد جثث أربعة فقط من الرهائن المتوفين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيجري فحوصات الطب الشرعي قبل تأكيد هوياتهم وإبلاغ عائلاتهم.
ويُعتقد أن في غزة رفات ما يصل إلى 24 رهينة آخرين. ويبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية، أقر بأن حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى قد لا تتمكن من تحديد مكان رفات جميع الرهائن المتوفين، ضمن الإطار الزمني المحدد.

كجزء من الاتفاق، أُطلق سراح نحو 1700 معتقل فلسطيني كانوا محتجزين لدى إسرائيل دون تهمة.
وقالت سيدة فلسطينية التقت بابنها إن قلبها قد عرف السكينة أخيراً.
وقال رجل فلسطيني: "بصراحة، السعادة والفرحة لا توصفان، فرغم المعاناة. جئنا اليوم لنحتفل".
كما أفرجت إسرائيل عن نحو 250 سجيناً فلسطينياً كانوا يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد، حيث أُطلق سراح نحو 100 منهم إلى الضفة الغربية المحتلة. ورُحِّل آخرون، وأُطلق سراح عدد قليل إلى القدس الشرقية.
وعندما خرج السجناء من حافلة الصليب الأحمر في رام الله، وكان العديد منهم يرتدي الكوفية الفلسطينية، قوبلوا بتصفيق حار، لكن بدا الكثير منهم شاحبين ونحيفين، وكان بعضهم يكافح كي يسير على قدميه.
وقال خليل محمد عبد الرحمن القطروس، الذي حضر إلى مستشفى ناصر في خان يونس ليكون في استقبال ابنه الذي قال إنه معتقل لدى إسرائيل منذ نحو ثلاثة أشهر: "هناك فرح، وهناك ألم، هناك سعادة، وهناك حزن".

وزار ترامب الكنيست، ليلقي أول خطاب لرئيس أمريكي منذ عام 2008، حيث استقبله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال أمام الكنيست في خطاب مطوّل: "أخيراً، ليس فقط للإسرائيليين، بل للفلسطينيين أيضاً، انتهى الكابوس الطويل والمؤلم". وهتف بعض السياسيين "ترامب، ترامب، ترامب".
وانقطع الكلام لفترة وجيزة عندما رفع أحد أعضاء المعارضة ورقة كُتب عليها "اعترفوا بفلسطين".
ثم توجه ترامب إلى شرم الشيخ في مصر، حيث التقى بأكثر من 20 زعيماً عالمياً، بينهم رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقادة العديد من الدول الإسلامية والعربية.
والتقطت له صور مع قادة آخرين على منصة كُتب عليها "السلام في الشرق الأوسط".
وكان من بين الحاضرين أيضاً رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الذي من المقرر أن يلعب - بموجب خطة ترامب - دوراً رئيسياً في "مجلس السلام" في غزة الذي سيرأسه الرئيس الأمريكي.
وتنص الخطة على أن تدير غزة في البداية لجنة انتقالية مؤقتة من التكنوقراط الفلسطينيين، بإشراف "مجلس السلام"، قبل أن تنتقل الإدارة في نهاية المطاف إلى السلطة الفلسطينية بعد خضوعها للإصلاحات.
ومع ذلك، هناك حاجة لمفاوضات شاقة للمضي قدماً في المراحل الأخيرة من الخطة، لاسيما فيما يتعلق بمدى وجدول انسحاب القوات الإسرائيلية، ونزع سلاح حماس، والحكم المستقبلي لقطاع غزة.
وسبق أن صرّحت حماس بأنها لن تنزع سلاحها إلا إذا أُقيمت دولة فلسطينية، ورفضت فكرة الحكم الأجنبي في غزة. في حين رفض نتنياهو أي تدخل مستقبلي للسلطة الفلسطينية.
وعندما سُئل ترامب عن موعد بدء المرحلة الثانية من مفاوضات اتفاق السلام، أجاب: "لقد بدأت"، مضيفاً أن "المراحل متداخلة بعض الشيء".
وشنت إسرائيل حربها على غزة بعد هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2003، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واختطاف 251 آخرين كرهائن في غزة.
ومنذ ذلك الحين، قُتل نحو 68 ألف فلسطيني جراء الحرب الإسرائيلية، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. وهي أرقام تعدها الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى موثوقة. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن من بين كل 10 مبانٍ سكنية، هناك 9 مبانٍ على الأقل تضررت أو أصابها الدمار.