كتبت: ياسمين عمرو في الجمعة 17 أكتوبر 2025 06:59 صباحاً - أطفال وشباب اليوم يعيشون عالماً مليئاً بالشاشات والمغريات، لدرجة أصبح من الطبيعي أن يجد الآباء -أنفسهم- في معركة يومية لإقناع طفلهم بالجلوس إلى طاولة المذاكرة أو ترك الهاتف والتحرك قليلاً لممارسة بعض ألوان الرياضة! فهل الكسل طبع يولد به الطفل؟ أم أنه سلوك يمكن تغييره؟ وكيف يستطيع الآباء جعل التعلم والنشاط البدني أمرين محببين لأبنائهم خاصة أيام التحصيل الدراسي؟ مع تذكر أن الهدف ليس أن يصبح الابن طالباً مثالياً أو رياضياً متميزاً، بل أن يكتشف متعة التعلم والحركة بنفسه. اللقاء والدكتور سعيد عبد الرحمن أستاذ طب نفس الطفل الذي يقدم خطوات عملية مبنية على دراسات تربوية حديثة، تساعد على فهم أسباب الكسل لدى الأطفال، وكيفية تحويله إلى طاقة إيجابية وحافز للنجاح.
أولاً: نصائح عملية لجعل المذاكرة محببة:
طفل كسول
افهمي سبب الكسل قبل مواجهته من المهم أن نفهم السبب الحقيقي وراء الكسل، فالكثير من الأطفال لا يكونون كسالى بل يشعرون بالملل، أو يشعرون بقلة الثقة، أو الخوف من الفشل. وأحياناً يكون رفضهم للمذاكرة أو الرياضة تعبيراً عن التوتر. تشير بعض الدراسات إلى أن ثلث الأطفال تقريباً حول العالم يعانون من مشكلات تتعلق بالمدرسة؛ بسبب الضغط النفسي أو الروتين الدراسي الصارم، لذا أول خطوة في رحلة التغيير هي الحوار والاستماع للطفل. اسألي طفلكِ بهدوء: ما الذي يجعلك لا تحب المذاكرة؟ أو ما الذي يزعجك في حصة الرياضة؟، أحياناً الإجابة تكشف عن أمر بسيط مثل خوفه من رسوب سابق أو من معلم صارم، وأحياناً تكون أعمق من ذلك. اجعلي المذاكرة تجربة ممتعة لا واجباً الدراسة ليست مجرد ساعات من الحفظ، بل يمكن أن تتحول إلى رحلة اكتشاف شيقة؛ تشير الأبحاث إلى أن مشاركة الأهل الفعالة في تعليم الطفل تزيد من دافعيته للتعلم بنسبة تقارب 40٪. بمعنى أن جلوسكِ مع طفلكِ، وسؤالكِ عما تعلّمه اليوم، ومدح جهوده الصغيرة، له تأثير أكبر بكثير من توبيخه أو التهديد بالعقاب؛ قسّمي الوقت إلى جلسات قصيرة (20–30 دقيقة) تتخللها استراحة قصيرة. اختاري وقتاً ثابتاً للمذاكرة حتى يصبح عادة يومية قدّمي مكافآت صغيرة بعد إنجاز المهام (نزهة، وجبة مفضلة، وقت لعب إضافي) اربطِي الدروس بالحياة اليومية، مثل استخدام الرياضيات لحساب النقود أو وصفات الطعام شاركيه التعلم، اجلسي بجانبه لتقرئي معه قصة أو تجرّبا تجربة علمية بسيطة معاً.
ثانياً: أفكار بسيطة لجذب طفلك للرياضة:
طفل رياضي
كوني قدوة في حب الحركة والنشاط الأطفال لا يتعلمون بالكلمات فقط، بل يقلّدون ما يرونه، فإذا كان طفلكِ يراكِ تمارسين رياضة خفيفة في المنزل أو تمشين كل صباح، سيبدأ ببطء في تقليدك. ينصح الخبراء بأن يحصل الأطفال والمراهقون على ساعة على الأقل من النشاط البدني يومياً، لأن ذلك لا يحسّن فقط من صحتهم الجسدية، بل أيضاً من قدراتهم الذهنية والتركيز والتحصيل الدراسي. كما أن الأطفال الذين يشاركون في أنشطة حركية منتظمة يُظهرون أداءً دراسياً أعلى بنسبة تفوق 10٪ عن أقرانهم الأقل نشاطاً. اجعلي النشاط العائلي عادة أسبوعية: المشي في الحديقة، ركوب الدراجة، أو الرقص في غرفة المعيشة.
اختاري نوع الرياضة الذي يفضله، وليس الذي تفضلينه أنتِ.
استخدمي الموسيقى لتحفيزه على الحركة.
شاركيه التحديات البسيطة: من يجري أسرع؟ من يقفز أكثر؟
تجنّبي المقارنة بينه وبين أقرانه، فكل طفل لديه وتيرته الخاصة.
وقت اللعب ليس مضيعة للوقت، اللعب الحر في الخارج يساعد على تنشيط الجسم والعقل معاً؛ حيث تشير دراسات الطفولة الحديثة إلى أن الأطفال الذين يقضون ساعة يومياً في الهواء الطلق يتمتعون بتركيز أعلى وقدرة أفضل على حل المشكلات.
ثالثاً: امدحي الجهد لا النتيجة:
كثير من الأمهات يركزن على الدرجات والعلامات، وينسين أن الجهد هو ما يجب أن يُكافأ، تؤكد الدراسات أن المدح الذي يركّز على الجهد وليس النتيجة يزيد من ثقة الطفل بنفسه ويعزّز لديه الدافعية الداخلية للتعلم؛ قولي له: أنا فخورة لأنك حاولت بجد، وليس فقط أحسنت لأنك نجحت. هذا الفرق البسيط يصنع فرقاً كبيراً في طريقة تفكير الطفل تجاه المذاكرة والرياضة.
رابعاً: اربطي التعلم بالحياة الواقعية:
طفلة تشكو من الضغط الدراسي
لكي يتحفز الطفل، يجب أن يرى فائدة ما يتعلمه؛ فإذا كان يدرس العلوم، اربطي الدرس بتجربة منزلية بسيطة. إذا كان يتعلم اللغة، شاهدي معه فيلماً مترجماً وناقشي المفردات. تشير الدراسات التربوية إلى أن الأطفال الذين يربطون ما يتعلمونه بتجارب حياتهم اليومية، ترتفع نسبة استيعابهم بمقدار ربع تقريباً مقارنة بمن يتعلمون بشكل تقليدي.
خامساً: لا تهملي الجانب النفسي:
الطفل الكسول أحياناً يكون طفلاً متعباً نفسياً أو فاقداً للثقة. الضغط الزائد أو المقارنة قد تخلق بداخله شعوراً بالعجز، امنحيه الدعم العاطفي، وذكّريه دائماً أن قيمته لا تقاس بدرجاته أو مهاراته الرياضية فقط، بل بما هو عليه كإنسان محب ومجتهد، الدعم النفسي للأبناء هو أساس نجاحهم في المدرسة والحياة، أكثر من أي عامل آخر.
سادساً: خطوات عملية سريعة للتحفيز:
طفل قلق حائر
استمعي له وافهمي سبب الكسل الحقيقي.
اجعلي المذاكرة ممتعة من خلال المشاركة والأنشطة.
كوني قدوة في حب التعلم والحركة.
ضعي جدولاً يومياً متوازناً بين المذاكرة والراحة.
امدحي جهده لا نتيجته.
اربطي الدراسة بالحياة الواقعية.
وفّري بيئة هادئة ومريحة للمذاكرة.
استخدمي المكافآت البسيطة والتشجيع المستمر.
خصصي وقتاً للعب والنشاط الخارجي.
كوني صبورة، فالتغيير يحتاج إلى وقت ومحبة عندما يشعر أن المذاكرة والرياضة تمنحانه القوة والسعادة، سيتحول الكسل تدريجياً إلى حماس، والمقاومة إلى حب للتحدي، فأنتِ المفتاح الأول في رحلته نحو النمو المتكامل جسداً، وعقلاً وروحاً.
سابعاً:اقتراح بسيط ليوم متوازن لطفلك:
طفل يغلق الساعة ليستمر في النوم
أثبتت دراسات تربوية عديدة أن وجود روتين يومي منظم يمنح الأطفال شعوراً بالأمان والسيطرة، مما يعزز لديهم الالتزام، لا يجب أن يكون الجدول صارماً، بل متوازناً يجمع بين المذاكرة والراحة والنشاط: 7:00 صباحاً: استيقاظ وفطور صحي. 8:00 – 13:00: مدرسة أو دراسة. 14:00: غداء وراحة قصيرة. 16:00: ساعة رياضة أو نشاط بدني. 17:30: مذاكرة خفيفة أو مراجعة الدروس. 19:00: وقت عائلي أو قراءة حرة. 21:00: نوم مبكر. *ملاحظة من "الخليج 365": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.
محررة بقسم الشؤون العربية والدولية بجريدة أخبار اليوم حاصلة على بكالوريوس إعلام – جامعة القاهرة بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف وحاصلة على دبلومة الترجمة الصحفية من الجامعة الأمريكية