اخبار العالم / أخبار السودان اليوم

ضروب القلق في الحياة

ضروب القلق في الحياة

سعي الإنسان الدائم للتحرُّر من القيود، يبدو سعيًا عبثيًّا، في ظلِّ الأقدار التي تكتنف حياته، كالفقر، والمرض، والحوادث، والموت، هذا القدر الحتميُّ الذي يختم حياة الإنسان.الخوف من الموت، القدر المحتوم المتربِّص بالإنسان، هو القيدُ الحقيقيُّ الذي يعيق الإنسان عن الإحساس بالحريَّة، ذلك أنَّه لا يفتأ يُفكِّر في حياته، وحياة أحبَّتهِ؛ والديه، أبنائه، وغيرهم ممَّن يرتبط بهم برباط وثيق.

يستحيل أنْ يشعر الإنسانُ أنَّه حرٌّ حريَّة مطلقة، طالما أنَّ مفاجآت الأقدار تتربَّص به في الحياة. فالإنسانُ في كلِّ الحضارات يعاني بنوعٍ ما من القلق، سواء حول معاشه، أو مستقبله، ومستقبل أحبَّته.المزارعُ يرقبُ السماءَ بقلقٍ، هل سيهطل المطر؟ وإذا هطل المطر، هل سيسقي زرعه، أم أنَّه يهطل بكميَّات تفوق مزرعته وشجيراته، فيغرق كل ما يملك؟!

نحنُ سكَّان جدَّة -لأنَّها تغرق في شبر «موية»- نظلُّ ندعُو أنْ يهطلَ المطرُ دونَ غزارةٍ، ويكتنفنا الخوفُ والقلقُ خلال موسم المطر على أحبَّتنا، وربَّما مركباتنا ودورنا، هكذَا هو الإنسان لا يعرف العيشَ دون خوف أو قلق.

قلق الأم على أبنائها، خلال مسيرتهم الحياتيَّة، خروجهم من المنزل، عودتهم، الخوف من الطريق، من أذى البشر، كلها دوافع قلق مستمر لا ينتهي مهما كبر الأبناء، وكوَّنُوا أُسرًا منفصلةً، بل ربَّما يزداد القلق عليهم، هل حياتهم تمضي يسيرةً، أم تكتنفها منغصِّات المشكلات؟.

فالخوفُ والقلقُ المسيطران على حياتنا؛ هُما القيدُ الذي يعيق الإحساس بالحريَّة، والتمتُّع بنيل الحقوق، والفرح بالنجاح والثروة والمكانة؛ فلكلِّ إنسان دوافعه الشخصيَّة التي تشعل القلق في قلبه، ليس فقط القلق المطلق للموت، بل القلق النسبي لحوادث وأحداث القدر، فالقلق إزاء الموت ثابت ويندرج تحته القلق إزاء الأقدار!.

الإنسان كلَّما تقدَّم به العمر، وكلَّما كان ما يملكه كبيرًا، أو كثيرًا، فهو لا يستطيع طرد القلق من قلبه، ومن عقله، كأنْ يخاف على تجارتهِ من الكساد، أو الإفلاس، ويخاف على مكانته من الاهتزاز، أو نجمه من الأفول.

لكلِّ إنسان ولكلِّ شيء في هذه الحياة مقدارٌ محدَّد، لكنَّه الإنسان الذي يبحث عن الخلود، وهو يعلم أنَّ دوامَ الحَالِ من المُحالِ.يؤكِّد اصطلاح «القدر» عنصرًا واحدًا مشتركًا بين ضروب القلق، وهو طابعها الطارئ، وعدم قابليتها؛ لأنْ يتم التنبؤ بها، واستحالة إيضاح معناها وهدفها. «في إطار صراع الإنسان مع الأقدار».. المصادفات التي من بينها طبائع البشر، المتعدِّدة والمتغيِّرة، والمتناقضة، كذلك صراع الإنسان مع صور القلق المتعدِّدة، والتي يكمن خلفها المصيرُ الحتميُّ للموت، تظهر تجارب الإنسان مع نفسه، أو لنفسه، ومع الآخرين، ومِن أجلهم كذلك. فالإنسان -جوهريًّا- «حريَّة محدودة».. «بذور العبث» د. نادية البنهاوي.

أمام الإنسان مجالات كثيرة للاختيار، أي أنَّه يمتلك حريَّة: الزَّواج، التكاثر، المجد، الثَّروة، الحُب، وأمور كثيرة في الحياة يمتلك حق اختيارها، لكنَّ القلق يكتنفه وهو مُقدم عليها لإنجازها؛ لأنَّه إذا لم يتوَّج بالتوفيق، أو اعترضه عارض، فتلك هي الأقدار، أو «الخيرة فيما اختاره الله».. طمأنينة المؤمن.

كما «تتجلَّى قدرة الإنسان على التعايش مع الألم بوعي وإدراك لفنائه، تلك هي الشجاعة الحقيقيَّة من أجل الوجود. فالإيمان هو بمثابة تنظيم وفهم عالم الإنسان الداخليِّ والخارجيِّ، حتى لا يبقى كعالم الحيوان، هكذا تقدَّم الإنسانُ ويتقدَّم، فالأسرة هي نواة المجتمع، الذي يصنع أفراده «الحضارة».. البنهاوي.

تكتنف حياة الإنسان مشاعر الخوف والقلق في مواجهة الأمور الطارئة التي تصادفه في حياته، أو الأقدار -كما نطلق عليها-، لأنَّ أمور حياتنا كلها مقدَّرة بإرادة الله -سبحانه وتعالى-، لذلك هي خارجة عن إدراكنا وتوقعاتنا، أو علمنا بها زمانًا ومكانًا.خوف الإنسان والقلق الذي ينغِّص عليه -في كثير من الأوقات- حياته،

نجاحاته، ثراءه، ذريته؛ لأنَّ هناك متربصًا حتميًّا ينتظره في نقطة ما من حياته، هو الموت، أو القلق الدائم على أحبَّته، رغم إيمانه بأنَّ كلَّ شيءٍ بأمر الله، إلَّا أنَّ القلق مِن فَقْدٍ أو مرضٍ أشدُّ ما يخالجه كلَّما زادت محبَّته وتعلُّقه بالأشخاص، أو الأشياء أو الثَّروة، هو الذي يعيق متعته، ويشعره بالقيد مهما كان حُرًّا في قراراته، وحُرًّا في تصرُّفاته، إلَّا أنَّ حريته مقيَّدة بالخوف والقلق.

نبيلة حسني محجوب – جريدة المدينة

كانت هذه تفاصيل خبر ضروب القلق في الحياة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على كوش نيوز وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements

قد تقرأ أيضا