الرياص - اسماء السيد - وصل الملك تشارلز والملكة كاميلا إلى روما في مستهل زيارةٍ رسمية تاريخية إلى الفاتيكان، حيث سيلتقيان البابا ليو ضمن عرض رمزي للوحدة بين كنيسة إنجلترا والكنيسة الكاثوليكية.
وقال بيان صادر عن المتحدث باسم الملك إن العلاقة الأقوى بين الطائفتين المسيحيتين تُعدّ "سداً منيعاً في وجه من يروّجون للصراع والانقسام والاستبداد".
وسيصبح الملك، الذي هبط في مطار تشامبينو مساء الأربعاء، أول ملك بريطاني يُصلي مع بابا الفاتيكان منذ حركة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر.
غير أن الزيارة تأتي في ظل الأخبار المتعلقة بالأمير أندرو.

إذ أُعلن يوم الجمعة الماضي أن الأمير أندرو سيفقد ألقابه، ولن يُدعى بعد الآن "دوق يورك"، وكان أحد الأسباب المهمة وراء ذلك هو رغبة القصر في أن لا تطغى الأسئلة حول أندرو على الأحداث الملكية الأخرى.
وكانت رحلة الفاتيكان على وجه الخصوص مصدر قلق للقصر، الذي أراد إنهاء سيل العناوين السلبية المستمرة عن الأمير أندرو، التي كانت تهدد بتقويض جهود الملك وأفراد العائلة الملكية الآخرين.
لكن بدلاً من ذلك، ظهرت سلسلة جديدة من الأخبار حول أندرو وعلاقته بالمدان في جرائم جنسية جيفري إبستين.
وتزايد الضغط على أندرو بعد نشر المذكرات التي صدرت بعد وفاة فرجينيا جوفري، التي تزعم فيها أنها أُجبرت على ممارسة الجنس مع الأمير في منزل غيسلين ماكسويل عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها، وقد نفى أندرو دائماً ارتكاب أي خطأ.
ويحرص القصر على تحويل الأنظار إلى هذه الزيارة التي وصفها بأنها "محطة بارزة"، إذ لم يتطرق بيان المتحدث باسم الملك إلى أي صعوبات عائلية، بل ركز على "هذه الأوقات التي يشهد فيها العالم تحديات كبرى".
وقال المتحدث باسم الملك: "نادراً ما كانت هناك حاجة أكبر لأن تتحد المجتمعات المسيحية حول العالم في الإيمان والأخوة مع شركائنا. هذا يشكل سداً منيعاً أمام من يروّجون للصراع والانقسام والطغيان، ويدعم عملنا المشترك في وئام لحماية الطبيعة، خلق الله."
وبصفته الحاكم الأعلى لكنيسة إنجلترا، وناشطاً منذ زمن طويل في بناء جسور التواصل بين الأديان، تُعد هذه الزيارة ذات أهمية شخصية كبيرة للملك.
وقال الكاردينال فنسنت نيكولز، رئيس أساقفة وستمنستر، الذي سيكون حاضراً في الفاتيكان خلال الزيارة الرسمية، إن الملك والبابا لديهما أسلوبان مختلفان لكنهما "سيجدان أرضية مشتركة".
وأضاف الكاردينال في حديثه لبي بي سي أن "البابا ليو شخص منصت جداً، يستوعب تماماً ما يقوله الناس، ويمكن أن يكون مباشراً جداً في التعبير عن آرائه. أما الملك تشارلز، فربما يكون أكثر دقة في طريقته في الحديث."
وقدم الكاردينال نيكولز تأملاً روحانياً عند سؤاله عن المشكلات الحالية التي تواجه العائلة الملكية قائلاً: "ليس لدي أي شك في أن الصعوبات العائلية ستكون حاضرة في قلب كل من البابا والملك، بينما يقفان أمام الله يطلبان النعمة والقوة لتجاوز جميع التحديات التي نواجهها نحن جميعاً في الحياة".

ويوم الخميس، سيلتقي الملك بالبابا ليو في الفاتيكان، قبل أن يشاركا معاً في قداس داخل كنيسة سيستين، يهدف إلى التأكيد على دفء العلاقات بين الكنيستين.
وتحت السقف الشهير الذي رسمه مايكل أنجلو، سيُقام قداس يجمع بين رجال الدين الكاثوليك والأنغليكان، إضافةً إلى جوقات ملكية وفاتيكانية.
وسيصلي الملك والبابا ليو معاً — وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ انفصال كنيسة إنجلترا عن الكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عشر.
وسيكون هناك أيضاً مشهد غير مألوف، إذ تُعتبر الصلاة عملاً شخصياً وخاصاً، ومن المتعارف عليه أن الملوك لا يُصوَّرون عادة أثناء تأملهم أو صلاتهم — لكن هذا التقليد سيم تجاوزه هذه المرة في عرض علني للوحدة والتقارب.
وفي إشارة أخرى للمصالحة، سيحضر الملك قداساً في كنيسة ترتبط بفترة ما قبل الإصلاح الديني، وهي كنيسة القديس بولس.
وتُعد هذه الكنيسة والدير الذي يضم ضريح القديس بولس من المواقع التي كانت تقليدياً على صلة وثيقة بالملكية الإنجليزية، إذ تعود هذه العلاقة إلى العصور الوسطى والعهد الأنجلوساكسوني، عندما ساهم بعض الحكام الإنجليز القدامى في صيانة هذا المبنى في روما.
كما أن شعار وسام الرباط (Order of the Garter) معروض هنا منذ قرون، مما يعكس الروابط التاريخية مع العائلة الملكية الإنجليزية.
وسيتولى الملك أيضاً لقباً فخرياً وروحياً مرتبطاً بالدير، حيث سيُمنح لقب "الأخ الملكي "(Royal Confrater)، ليصبح عضواً فخرياً في أخوية الدير.
وستكون هذه أول مرة يلتقي فيها الملك بالبابا ليو المولود في الولايات المتحدة.
وكان الملك والملكة كاميلا قد زارا سلفه البابا فرنسيس في لقاء خاص بمناسبة الذكرى العشرين لزواجهما، وذلك قبل أسابيع قليلة من وفاة البابا الراحل.
وتُجرى مثل هذه الزيارات الرسمية نيابة عن الحكومة البريطانية، وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية: "الكنيسة الكاثوليكية هي أكبر طائفة في أكبر ديانة في العالم."
وأضافت أن زيارة الملك والملكة "ستُعزّز علاقة المملكة المتحدة مع هذا الشريك المهم والمؤثر".