يواجه الاقتصاد الصيني صعوبات جمة في هذه الفترة، وذلك لعدة أسباب منها أزمة العقارات وتراجع الطلب على السلع الصينية في الأسواق الخارجية بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فضلاً عن ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وانخفاض دخل الفرد. ويرى الخبراء أن الوضع الحالي قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات داخلية مما سيصعّب على الرئيس الصيني شي جينبينغ الفوز بولاية رابعة مالم يتمكن من إحداث تحول اقتصادي وتغيير سياسات التحكم المركزي في الاقتصاد التي تتبعها الحكومة حالياً.
تصدرت الشؤون الاقتصادية جدول أعمال الجلسة العامة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، التي عُقدت في بكين لمدة أربعة أيام ابتداءً من 20 أكتوبر/تشرين الأول. وكان البند الرئيسي في جدول الأعمال هو مناقشة واعتماد التوصيات الخاصة بالخطة الخمسية الخامسة عشرة للصين. لكن بالنظر إلى أحدث الأرقام الاقتصادية، كان من الحتمي التركيز في بعض المناقشات على خيارات التحفيز قصير المدى. ووفقًا لبيانات الاقتصاد الكلي الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء في اليوم نفسه الذي انطلقت فيه الجلسة، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للصين بمعدل سنوي بلغ 4.8% في الربع الثالث، بانخفاض عن 5.2% في الربع الثاني. ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق هو غياب بيانات سبتمبر/أيلول عن البطالة بين الشباب، والتي ارتفعت إلى 18.9% في أغسطس/آب.
جوانب نجاح وفشل الحكومة الصينية
كان الهدف الرئيسي للجلسة العامة الرابعة هو مناقشة القضايا الهيكلية طويلة الأجل ومناقشة الخطة الخمسية المقبلة. وشمل ذلك تقييمًا لنتائج الخطة الحالية، التي شارفت على الانتهاء. وفي بيانه الصادر في 20 أكتوبر/تشرين الأول، أدرج المكتب الوطني للإحصاء تقييمًا لتقدم الصين في إطار الخطة الرابعة عشرة.
وفقًا لما أُعلن منذ عام 2021، فقد حققت الصين ما يلي: (1) تعزيز قوتها الاقتصادية ونفوذها العالمي، (2) تعزيز اعتمادها على الذات وقوتها التكنولوجية، (3) تحديث هيكلها الصناعي، (4) تحسين التوازن بين التنمية الحضرية والريفية، (5) فتح الأسواق الصينية بشكل أكبر، (6) التحول نحو الاقتصاد الأخضر، (7) تعزيز البرامج الاجتماعية ورفع مستويات المعيشة، و(8) تعزيز الأمن الاقتصادي في مجالات أساسية مثل الغذاء والطاقة.
جدير بالذكر أن البند الأول، وهو تعزيز القوة الاقتصادية للصين ونفوذها الدولي، ذو أهمية خاصة للنظام الحالي، إذ إنه يرتبط ارتباطًا مباشرًا بحلم شي جينبينغ باستعادة عظمة الصين - الرؤية التي سعى من خلالها إلى توحيد الأمة حول هذا الهدف. لكن التقييمات الكمية، كتلك التي يصدرها المكتب الوطني للإحصاء، ليست كافية لطمأنة الشعب إذا لم يلاحظوا أي تحسن ملموس في حياتهم اليومية.
ماذا يحدث للاقتصاد الصيني
لطالما شكّك الخبراء خارج الصين في موثوقية إحصاءات الاقتصاد الكلي الصادرة عن بكين. لكن مهما كان معدل النمو الفعلي، فإن الاتجاه العام خلال العام الماضي كان جليًا. فمن معدل سنوي بلغ 5.4% في الربع الأول، تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الرسمي بشكل طفيف (إلى 5.2%) في الربع الثاني قبل أن ينخفض إلى 4.8% في الربع الثالث. فما سبب هذا التباطؤ في النمو الاقتصادي الصيني؟
منذ عدة سنوات، يعاني الاقتصاد الصيني من الآثار المترتبة على تداعيات الجائحة والركود المستمر في قطاع العقارات. ومنذ النصف الثاني من عام 2025، بدأ الاقتصاد يتأثر بالرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فبينما أدت تداعيات الجائحة وأزمة العقارات إلى كبح الطلب المحلي داخل الصين، تسببت رسوم ترامب الجمركية في تراجع الطلب على السلع الصينية في الأسواق الخارجية. وقد سجلت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة انخفاضًا سنويًا بنسبة 33% في أغسطس/آب و27% في سبتمبر/أيلول. صحيح أن الصادرات إلى دول مثل أفريقيا وأمريكا الجنوبية قد ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة نفسها، إلا أن السلع ذات القيمة المضافة المنخفضة نسبيًا التي يميل الجنوب العالمي إلى شرائها من الصين لا يمكنها تعويض خسارة المبيعات الأمريكية.
وحرصًا منها على تحفيز الطلب المحلي، قامت الحكومة الصينية بتعبئة السياسات المالية لتشجيع الاستثمار، بينما شرع بنك الشعب الصيني في اتباع سياسة التيسير الكمي (حتى مع الحفاظ على أسعار الفائدة الرسمية ثابتة). لكن هذه الإجراءات التوسعية فشلت في تنشيط الاقتصاد. وتكمن المشكلة الأساسية في أن العرض المحلي يفوق الطلب بكثير. في ظل هذه الظروف، فإن الإجراءات الرامية لتشجيع الاستثمار تزيد من حدة الاختلال. ورغم أن البنك المركزي يضخ السيولة عبر التيسير الكمي، إلا أن أزمة الائتمان الناجمة عن أزمة العقارات جعلت البنوك مترددة في منح القروض. في مثل هذا المناخ، لم تؤد التوسعة النقدية إلى الزيادة المرجوة في الإنفاق المحلي.
يتضح كل هذا بسهولة عند دراسة الأرقام الاقتصادية بالتفصيل. لكن المكتب الوطني للإحصاء يتجاهل هذه القضايا، ويقوم بانتقاء البيانات بعناية وتقديمها بطريقة توحي بأن التعافي يسير على المسار الصحيح. هذا التعتيم يجعل من الصعب صياغة وتنفيذ السياسات اللازمة لعكس الوضع الاقتصادي.
مدى جدوى الخطط الخمسية
في السابق، قمنا بتلخيص تقييم الحكومة الصينية الرسمي للتقدم الاقتصادي والاجتماعي للبلاد في إطار الخطة الخمسية الرابعة عشرة. في الجدول أدناه، أقدم تقييمي الخاص للأهداف الرئيسية المحددة في الخطة الرابعة عشرة، إلى جانب أهداف الخطة الخامسة عشرة المؤقتة (بناءً على المعلومات التي نشرتها اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح). تشير الدائرة إلى أن الهدف تم تحقيقه بالكامل أو إلى حد كبير، ويشير المثلث إلى أن التقدم الذي تم إحرازه غير كافٍ، أما رمز x فيشير إلى الفشل في تحقيق الهدف المعلن.
الأهداف الاقتصادية للخطتين الخمسيتين الرابعة عشرة والخامسة عشرة للصين
الخطة الخمسية الرابعة عشرة
الخطة الخمسية الخامسة عشرة (التوصيات)
المصدر: من إعداد الكاتب بالاستناد إلى المواد المنشورة من قبل اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح.
من الواضح أن النمو الاقتصادي خلال الفترة التي تغطيها الخطة الرابعة عشرة قد تأثر بجائحة كوفيد-19، التي استمرت لثلاث سنوات، بدءًا من عام 2020. كانت هذه انتكاسة لا مفر منها، لكن الحكومة فاقمت الوضع بإجراءات الإغلاق الصارمة وإجراءات التحفيز غير المدروسة بعد الجائحة، من هنا جاء تقييمي المتوسط لأداء النمو الاقتصادي. وبالمثل، كان التقدم نحو هدف بناء الاعتماد على الذات في مجال التكنولوجيا متواضعًا في أفضل الأحوال. أما السياسات البيئية وسياسات الطاقة خلال السنوات الخمس الماضية، فتستحق تقييمًا عاليًا لنجاحها في وقف تدهور البيئة. من ناحية أخرى، باءت جهود استقرار التوظيف بالفشل الواضح. لقد منحتُ الحكومة تقييمًا متوسطًا للتنمية الإقليمية والتحضر، ومنحتها تقييمًا راسبًا لاستراتيجيتها الخارجية، نظرًا للتدهور الحاد في العلاقات الصينية الأمريكية الناتج عن تحول بكين إلى ”دبلوماسية المحارب الذئب“.
بالانتقال إلى الخطة الخامسة عشرة، يجب الإشادة بصانعي السياسات في الصين لتركيزهم على الانتعاش الاقتصادي والتحول الصناعي، إلى جانب اتخاذ تدابير لدعم البحث والتطوير والابتكار التكنولوجي. تُظهر التوصيات وعيًا بضرورة تعزيز الاستهلاك والطلب المحلي، إلا أنها تفتقر إلى إجراءات سياسية محددة لتحقيق ذلك. وبالنسبة للهدف المتمثل في إحراز تقدم أكبر نحو خفض الكربون فينبغي أن يستفيد من نقاط القوة التي تتمتع بها الصين. أما فيما يتعلق بتكامل التنمية والأمن، فلا تزال هناك حاجة إلى تدابير ملموسة. وبالحديث عن الهدف النهائي المتمثل في دعم المجتمعات الريفية، والحد من التفاوت الإقليمي، وزيادة الدخل، فيُفترض أن يكون هذا مرادفًا لمفهوم شي جينبينغ عن ”الازدهار المشترك“، أي توزيع الدخل بشكل أكثر عدالة. وما لم يحدث تغيير كبير في السياسات، فقد يظل هذا الهدف بعيد المنال.
تحرير آليات السوق
تشير المكانة البارزة التي يحتلها التحول الصناعي في الخطة الخامسة عشرة إلى إحدى الضرورات الاقتصادية الرئيسية لنظام شي جينبينغ في المستقبل. فقد كان الاقتصاد الصيني حتى الآن يعتمد على سياسات مالية ونقدية توسعية لدعم الاستثمار والنمو المستمرين. لكن هذا أدى إلى تفاقم أوجه القصور التي جعلت هذا النموذج غير مستدام على المدى الطويل. يظهر فكر شي جينبينغ وحلمه باستعادة عظمة الصين بوضوح في توصيات الخطة الخامسة عشرة. لكن لتحقيق الهدف طويل المدى المتمثل في نهضة وطنية، يجب على نظام شي أولاً إعادة تحريك الاقتصاد، وهذا يتطلب خلق بيئة تمكّن آلية السوق من العمل بشكل طبيعي. إلا أن التوصيات الأخيرة لا تذكر شيئًا عن إطلاق العنان لقوى السوق. كما أنها لا تشير إلى فتح أسواق الصين بشكل أكبر، وهذه الإغفالات مثيرة للقلق.
إن تراجع الكفاءة الاقتصادية للصين ناتج عن سوء تخصيص الموارد في بيئة تعجز فيها آلية السوق عن العمل بشكل طبيعي. وما يزيد الوضع تعقيدًا الدعم المستمر لحصّة الحكومة الكبيرة في الصناعة، وتحكمها المركزي في الاقتصاد. كما أن الخطة الخمسية الخامسة عشرة لا تُظهر أيّ مؤشر على حدوث تغيير في هذا الموقف، وفي غياب هذا التغير، تُصبح آفاق التحوّل الاقتصادي موضع شك. إذا قررت حكومة شي جينبينغ تجاهل التباطؤ الحالي، وإعطاء الأولوية للأهداف طويلة المدى على مدى السنوات الخمس المقبلة، فمن المُرجّح أن يتفاقم الركود الاقتصادي في البلاد.
تحديات داخلية وخارجية
إنّ وصفة العودة إلى مسار نمو اقتصادي مستدام بسيطة: تحرير الأسواق ومواصلة انفتاح الاقتصاد. وهذا يتطلب التزامًا بالحفاظ على القواعد القائمة المنظمة للتجارة الدولية والتفاعل الدولي.
تجدر الإشارة إلى أن التنفيذ الناجح للخطة الخمسية الخامسة عشرة قد يُحدد ما إذا كان شي جينبينغ قادرًا على ترسيخ قاعدة سلطته بما يكفي لضمان ولاية رابعة. في ظل الخطط السابقة، ركّزت الحكومة على التقدم السطحي، متجاهلةً المشاكل الكامنة تحت السطح أو مُحاولةً التغطية عليها. إذا اتبعت النهج نفسه خلال دورة التخطيط القادمة، فقد يُؤدي تزايد الاستياء من التفاوت الاقتصادي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية. إن الهدف الأساسي من صياغة خطة خمسية هو معالجة القضايا الهيكلية، لا مجرد تغطيتها. لذا فقد حان الوقت لكي يواجه نظام شي اللاعقلانية المتأصلة في النظام الاقتصادي الصيني ويجتثها.
أخيرًا، كلمة عن مستقبل العلاقات اليابانية الصينية. فعلى الرغم من أن التعاون الاقتصادي مع اليابان يجب أن يكون أولوية قصوى بالنسبة لنظام شي جينبينغ في هذه المرحلة الحرجة، تبدو بكين حذرة في التعامل مع الحكومة اليابانية الجديدة ذات التوجه اليميني برئاسة رئيسة الوزراء تاكايتشي ساناي، حيث تكمن المشكلة الكبرى هنا في أن انسحاب حزب كوميتو المؤيد للصين من الائتلاف الحاكم قد حرم الحكومة من شبكة العلاقات الشخصية والسياسية التي كانت تساعد في إدارة المخاطر في العلاقات الثنائية. مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، قد يكون من الصعب تجنب فتور العلاقات اليابانية الصينية. وهو ما يُمثل صداعًا إضافيًا لنظام شي في وقت يشهد تحديات غير مسبوقة في الداخل والخارج.
(النص الأصلي باللغة اليابانية، الترجمة من الإنكليزية. صورة العنوان الرئيسي: الرئيس شي جينبينغ يزور مركز شنغهاي النموذجي للابتكار، وهو حاضنة رئيسية للذكاء الاصطناعي، في 29 أبريل/نيسان 2025. © وكالة أخبار شينخوا/كيودو)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | هل تتراجع الصين اقتصاديًا؟ نظرة على تباطؤ النمو والخطة الخمسية الجديدة لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
