ابوظبي - سيف اليزيد - أبوظبي (الاتحاد)
اختُتمت أمس الأول في العاصمة أبوظبي، فعاليات المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025، التي شهدت مشاركة أكثر من 10,000 من قادة الحكومات والمجتمع المدني والمنظمات البيئية والقطاع الخاص والباحثين وممثلي الشعوب الأصلية، بالحضور المباشر أو الافتراضي، من أكثر من 189 دولة حول العالم.
وأجمع المشاركون على أن الطبيعة ما زالت تواجه تحديات واضحة، على الرغم من الجهود البيئية المبذولة منذ عقود. فلا تزال أزمات التغير المناخي، وفقدان التنوع البيولوجي، وانهيار النظم البيئية، والتلوث، والأزمات الصحية العالمية، تتفاقم بفعل الاستغلال المفرط لموارد الكوكب، وتصاعد الاضطرابات على مستوى العالم، وهو ما يخلّف آثاراً سلبية على النُظم الطبيعية والبيئية التي تهدد مستقبل البشرية. وفي ضوء هذه التحديات، شدد المشاركون في المؤتمر على أن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ إجراءات فورية في جميع القطاعات لتغيير هذا المسار، وتأمين مستقبل أفضل للإنسان والطبيعة.
ومع تبقّي 5 سنوات فقط على الموعد المحدَّد عام 2030 لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والإطار العالمي للتنوُّع البيولوجي، شدّد المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة في دولة الإمارات على الحاجة الملحّة لاتخاذ إجراءات جريئة وفورية.
ضمان مستقبل إيجابي
ومن الإمارات، أكدت المجتمعات المعنية بالحفاظ على البيئة عزمها على رفع سقف الطموحات، وتسريع العمل الجماعي، وتوحيد الموارد لضمان مستقبل إيجابي للطبيعة، وقادر على الصمود في وجه التغير المناخي وعادل للبشرية جمعاء.
وقالت معالي الدكتورة آمنة بنت عبد الله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة: «من خلال استضافة هذا المؤتمر في دولة الإمارات، عملنا على دعم الجهود الرامية إلى تحويل الطموح العالمي إلى إنجازات ملموسة تنعكس على ازدهار الطبيعة والإنسان، كما حرصنا على إيصال أصوات الجميع من حكومات ومؤسسات المجتمع المدني والشباب والشعوب الأصلية وغيرهم، لضمان الوصول إلى حلول عملية تضع الطبيعة والبيئة في قلب رؤية العالم التنموية الآن وفي المستقبل. إن النداء العالمي للعمل من أجل الطبيعة الذي أُطلق خلال المؤتمر، يكتب فصلاً جديداً في سجل مسيرة العالم نحو إعادة تأهيل واستعادة الطبيعة. وسيُقاس إرث هذا المؤتمر بمدى الأفعال الملموسة التي سنُقدم عليها معاً، بدءاً من اليوم، لضمان بناء مستقبل مستدام للطبيعة من أجل البشرية جمعاء».
وأضافت معاليها: «تجسد التزامنا في تحويل الحوار خلال المؤتمر إلى نتائج ملموسة من خلال المبادرات النوعية التي كشفت عنها الإمارات أثناء الحدث. إن إطلاق وزارة التغير المناخي والبيئة النسخة العربية من المعيار العالمي لتحديد مواقع التنوع البيولوجي المهمة، كان له أثر كبير وحيوي في تمكين الباحثين والمتخصصين في الدول العربية من توظيف الأدوات العلمية اللازمة لحماية إرثنا الطبيعي المشترك في المنطقة».
الإنسان والطبيعة
وقالت معالي رزان خليفة المبارك، رئيس الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة: «أثبت المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة في دولة الإمارات أن توحيد الجهود بين الحكومات والمجتمع المدني وقطاع الأعمال والشعوب الأصلية يمكن أن يرسم مساراً جديداً للإنسان والطبيعة. إن هذا النداء لا يُعدّ مجرد بيان ختامي، بل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من العمل الجماعي، يُنظر فيها إلى المسؤولية البيئية ليس كعبء أو تكلفة، بل باعتبارها استثماراً حيوياً في مستقبلنا المشترك، وأعظم ربح يمكن أن نحققه للأرض والإنسان».
العمل الجماعي
من جهتها، قالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة - أبوظبي: «يمثّل النجاح الذي حققه المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 محطة فخر واعتزاز لدولة الإمارات، ولكل من يؤمن بأهمية العمل الجماعي لحماية الطبيعة وصون مواردها. إذ جسّد هذا المؤتمر التزام دولة الإمارات الراسخ بحماية التنوع البيولوجي، مؤكداً في الوقت نفسه أن التقدم المنشود يصبح ممكناً عندما تتكامل المعرفة مع الابتكار والتعاون».
148 مقترحاً
واعتمد المؤتمر 148 مقترحاً بشأن مجموعة واسعة من القضايا الملحّة. تضمن المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 مجموعة متنوعة من القمم رفيعة المستوى، شملت قمة الأعمال الخيرية، وقمة الأعمال، وقمة الشعوب الأصلية، وقمة الشباب، وقمة المحيطات للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي أسهمت جميعها في دفع عجلة الالتزامات العالمية الرامية إلى حشد الموارد، وتحفيز الابتكار، وتمكين المجتمعات المحلية من قيادة جهود الحفاظ على الطبيعة.
زيادة الموارد
نوه المؤتمر بضرورة مواءمة الموارد وتوجيهها لتحقيق الأهداف العالمية المشتركة، بعيداً عن المشاريع القائمة على استغلال الحياة البرية والموارد الطبيعية، والتي تحقق مكاسب للبعض دون سواهم، وإنما تركيز هذه الموارد نحو إرساء اقتصاد متجدد وعادل ومستدام يحمي الطبيعة على امتداد الكوكب، ويحقق مصالح الجميع.
كما نجح المؤتمر في تحويل الأفكار إلى خطوات عملية من خلال: تبنّي رؤية استراتيجية جديدة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لمدة 20 عاماً، تنص على الالتزام «بإلهام وتشجيع ومساعدة المجتمعات حول العالم للحفاظ على سلامة الطبيعة وتنوعها، وضمان الاستخدام العادل والمستدام للموارد الطبيعية في جميع الحالات».
وتتمثل الخطوات العملية لتحقيق هذا الالتزام في الحماية الفعالة للتنوع البيولوجي، ومعالجة الترابط الوثيق بين التنوع البيولوجي والمياه والغذاء والصحة والتغير المناخي، لضمان قدرة الطبيعة على مواصلة دورها في دعم الحياة على الكوكب، ودعم إرساء مجتمع أكثر عدالة ومساواة. وتكمن الحلول المطلوبة لهذه الرؤية في تضافر الجهود وتكاملها لمكافحة تراجع التنوع البيولوجي، ومعالجة آثار الأزمات الأخرى.
وإقرار برنامج جديد وجريء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة للفترة بين 2026 - 2029 لمواصلة قيادة الأجندة البيئية العالمية وتوجيهها، لتقديم مخرجات ونتائج قابلة للتنفيذ والقياس تسهم في مساعدة جميع أعضاء الاتحاد على تحقيق أثر ملموس في حماية الطبيعة.
«موائل عبر الحدود»
إطلاق مبادرة «موائل عبر الحدود»، لإنشاء ممرات بيولوجية جديدة عابرة للحدود في أوروبا وأميركا اللاتينية. إصدار«إرشادات إعادة توحيد الجهود والمبادرات» للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة. توسيع برنامج تدريب مرشدي القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، بهدف تسريع بناء القدرات في إدارة المحميات الطبيعية على مستوى العالم. الإعلان عن اختيار دولة بنما لاستضافة النسخة المقبلة من المؤتمر العالمي للمحميات الطبيعية التابع للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
المجتمع الدولي
في ضوء القدرات الكبيرة التي يحظى بها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في التأثير والتحفيز، والعمل الجماعي لأعضائه بعزيمة وإصرار، فقد أخذ المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة على عاتقه مسؤولية تعزيز وتوسيع علاقات التعاون متعدد الأطراف لتسريع العمل المشترك في مجال حماية الطبيعة. ودعا المشاركون في المؤتمر جميع الدول والجهات المعنية إلى الانطلاق من دولة الإمارات، يداً بيد، والمضي قدماً نحو إحداث التغيير الإيجابي في مسار العمل البيئي، بهدف إرساء مستقبل آمن وعادل ومستدام للبشرية جمعاء.