اخبار العالم

الإمارات: اخترنا نهج الحكمة وتبنينا دبلوماسية إنسانية صادقة

الإمارات: اخترنا نهج الحكمة وتبنينا دبلوماسية إنسانية صادقة

ابوظبي - سيف اليزيد - نيويورك (وام)

أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة، التزامها بنهج الدبلوماسية والحوار وخفض التصعيد، ودعم مساعي السلام العادل والشامل القائم على «حل الدولتين»، ووقف إطلاق النار الفوري في غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن، مشددة على رفض استهداف المدنيين أو الاعتداء على سيادة الدول، كما أدانت الهجوم الإسرائيلي على قطر، مجددة مطالبتها بإنهاء احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، وأكدت دعمها لسيادة المغرب على الصحراء.
 وأبرزت الإمارات جهودها في الوساطة، ودعم السودان، ومبادراتها في المناخ، والمياه، والذكاء الاصطناعي، مع تعزيز مشاركة المرأة، بما يجسد رؤيتها لنظام دولي أكثر عدلاً واستدامة.
وقالت الإمارات في بيان ألقته معالي لانا زكي نسيبة، وزير دولة، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ80: «حين وقف العالم على أنقاض الحرب قبل ثمانين عاماً، وجد نفسه أمام لحظة مفصلية، تحتم الانتقال إلى نظامٍ جديد، بعد أنْ أثبتت النُظم الدولية السائدة آنذاك فَشَلَها في تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وحينها، اختار العالم السلام، فاتِحاً ذِراعَيه لعهدٍ جديدٍ من التعاون والتكاتف الدولي، وهو ما تجسد في إنشاء هذه المنظمة».
وأضافت: «اليوم، نَجِد أنفسنا مجدداً أمام لحظة فارِقة، في مَشهدٍ تسوده الاضطرابات والنزاعات، والأزمات الإنسانية، وتستَمِرُّ فيه تهديدات سيادة الدول، ومخاوف الانتشار النووي، فضلاً عن الأُطروحات المتطرفة التي تستهدف تهديد أسس الاستقرار والتنمية».
وتابعت: أمام هذا المشهد، اختارت بلادي نهج الحكمة، وخفض التصعيد، وتسخير كافة إمكانياتها لِبِناء الجسور، وتَجَنُّب الصراعات، ووَضع مصالِح الشُعوب فوقَ كل اعتبار، كما سعت لتدعيم آليّات التعاون الدولي، والعمل متعدد الأطراف، وقواعد ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، وتعزيز احترام مبادئ حُسن الجوار، وسيادةِ الدول، إلى جانِب النُهوض بمَسعى جاد وفاعِل لِخَلق الفُرَص، وتحقيق التَقَدم في كافَة المجالات.
وأوضحت معاليها «تَبَنَّي الإمارات دبلوماسية إنسانية صادِقة تهدِف لِصَون كَرامَة الأفراد في أسوأ الظروف، كما سعت كذلك لتقريب وُجهات النَظَر، التي نتج عنها تَبادُل آلاف الأَسرى بين روسيا وأوكرانيا، واستِضافَة محادثات السلام بين أذربيجان وأرمينيا، بجانِب مساعي التهدِئة في جنوب آسيا وغيرها».
وأكدت أنه في مُواجَهَة التَّحديات، تَلتَزِم الإمارات بالدبلوماسية، والحلُول السلمية، والحِوار، وتَسعى لِحَل النِزاعات بشكلٍ مُستَدام بدلاً من الاكتفاء بإدارَتِها، لافتة إلى أنه أيْنَما حَلَّت أنظارُنا، سَواءً في قِطاع غزة، أو أوكرانيا، أو السودان، أو في اليمن وليبيا والساحل، تَتَجَلّى أمامَنا الحاجَة للعَودةِ لهذا المسار.
وقالت معاليها: «وقد تَفاقَمَت العَديد من الأَزَمات حَولَنا بِفِعل الفِكر المتَطرف، وخِطاب الكَراهِية، والتحريض؛ ولذلك نَقود الجهود للدفع قُدُماً بأجِندَة (التسامح والسلم والأمن)، إعلاءً للقِيَم الراسخة في ميثاق الأمم المتحدة، ولكسر دَوَّامات النزاع».
 وأضافت، أنه لا شك بأن ما نراهُ اليوم في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يُجَسِّد مَساعي دُعاة الحرب والتطرف لتَقويض مسارات الحلول السلمية، مشددة على أنه لا يُمكن لأي ذريعة أن تبرر اسِتهداف عَشَرات الآلاف من المدنيين ومحاصرتهم وتجويعهم، وتهجيرهم قسراً، أو الدفع بأَطماع توسعية مرفوضة، بما في ذلك التهديد بِضَم الضفة الغربية. وبالمِثل، فلا يمكن لأي حُجَّة أنْ تُبَرر اختطاف المدنيين، أو استخدامهم كأهداف للصراع، مؤكدين ضرورة حِمايتِهِم الكامِلة بموجب القانون الدولي الإنساني.
أكدت معاليها ضرورة عدم استِغلال هذا الوضع كَمُبَرر للاعتِداء على دول المنطقة، وهو ما شَهِدناهُ مؤخراً في الهجوم الإسرائيلي الغادِر والمُدان ضد دولة قطر الشَقيقة، والذي شَكّل انتهاكاً صارِخاً لسيادَتِها، ولأمن منطقة الخليج العربي، وخَرقاً للمبادئ الأساسية للنظام القانوني الدولي، ونؤمن بأنَّ الُممارسات العُدوانية لن تَجلِب الاستقرار للمنطقة.
وبالمقابل، أكدت معاليها إيمان الإمارات دوماً بمركزية حَل الدولتين، وضَرورة تَجسيد دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، عاصمَتُها القدس الشرقية، تَعيشُ جنباً إلى جَنب مع دولة إسرائيل، كَمَطْلَب أساسي لتحقيق حَل دائم وعادِل وشامِل لهذِه القضية، بوجود حكومةٍ فلسطينيةٍ كَفؤَة وقادِرة على تلبية تَطَلُّعات الشعب الفلسطيني، وحَصر السلاح بيَدِها، وضَمان الأمن والاستقرار وسيادة القانون، في وطنٍ لا مكانَ فيه للجماعات الإرهابية والمتطرفة.
 ورحبت نسيبة، خلال البيان، بتنامي الاعترافات بدولة فلسطين، موجهة دعوة صادِقة إلى بقية الدول للانضِمام لهذا المسار، استثماراً في مستقبل أفضل للمنطقة.
وقالت معاليها: «لا يزال مَطْلَبُنا الأول والعاجِل هو التوصُّل لوقف إطلاق نار فوري ودائم في غزة، وإنهاء الحصار، وإطلاق سراح الرهائن والُمعتَقَلين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بشكلٍ عاجل، وعلى نطاق واسع، ودونَ عوائِق»، مؤكدة مواصلة دولة الإمارات دورَها كأكبر مانِح للمُساعدات لغزة، مُسَخِّرةً لذلك كُل ما لديها من علاقات وموارِد وإمكانيات، وسنستمِر بالقيام بهذا الدور بالرغم من القُيود والعَراقيل.
وأضافت: «وفي تَوَجُّهِنا بتغليب الحُلول الدبلوماسية وإرساء العدالة في النظام الدولي، ما زالت بلادي تضع قضية الجُزُر الإماراتية الثلاث الُمحتَلة، طُنبِ الكبرى وطُنبِ الصُّغرى وأبو موسى، في صَدارَةِ أولوياتِها الوطنية، حيث نستمر في مُطالَباتِنا لإيران بإنهاء احتلالِها لهذهِ الجُزُر، التي تُعَد جُزءاً لا يتجزأ من أراضي دولة الإمارات، وأن تستجيب لدعواتِنا المتكررة لحَل هذا النزاع، عن طريق المفاوضات المباشرة، أو اللجوء إلى محكَمَة العدل الدولية».
وحينَ نتحدث عن السيادة، جددت معاليها دعمَ الإمارات الكامِل للسيادةِ المغربية على الصحراء المغربية، مع تأييدِنا لمُبادرة الحُكم الذاتي في إطار الوحدة التُرابية المغربية.
وقالت: «إنَّ همومَ منطقتنا ليست مَحصورة في المشهد الدامي في غزة، فَفي السودان كذلك، يواجه الشعب معاناةً إنسانيةً هائلة، وصَلت إلى حد الـمَجاعة»، مؤكدة وقوف الإمارات مع الشعب السوداني الشقيق في تَطَلُّعاتِه لانتهاء هذهِ الحرب الأهلية وتداعياتِها الإنسانية العميقة. 
وتابعت: وإذ نؤكد على أهمية البيان الصادر عن المجموعة الرباعية بشأن السودان، والدعوة لهدنة إنسانية، فإنَّنا نُشَدد على أهمية تحقيق وَقْف إطلاق نار فوري، وضَمان وصول المساعدات الإنسانية دونَ عوائِق إلى أنحاء البلاد.
وأوضحت معاليها أن السلام الُمستدام لا يتحقق بالحُلول العسكرية، ولا بُد من الدَّفْع نحوَ عملية انتقالية في السودان تُفْضي إلى حكومة مدنية مستقلة، لا تخضع لهيمَنَة أي من الأطراف الُمَتحارِبة، ولا مَكانَ فيها للتطرف والإرهاب.

دعم أدوار المنظمات الدولية 
وأكدت نسيبة حرص الإمارات على دعم أدوار المنظمات الدولية والآليات مُتَعَددة الأطراف. ومقابل هذا الالتزام، تتجَلّى أمامنا الحاجة المُلحَّة لتطوير وإصلاح آليات العمل المشترك، وعلى رأْسِها الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن، مشيرة إلى أن الإمارات تَنْظُر لمبادرة الأمم المتحدة الثمانين كفُرصَةٍ لتعزيز قُدرات المنظمة، مع أهمية أن تَتَضَمن هذه المبادرة رُؤية مستقبلية واضِحة لعملها في العُقود المقبلة.
وأوضحت أن هذه الرؤية الإصلاحية للأمم المتحدة تَنْسَجِم مع النَهج الوطني الطَموح لدولة الإمارات، في ظِل التوجُّهات الحَكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حَفِظَهُ الله، القائِمة على نظام دولي فاعِل وعادِل وقادِر على خدمة البشرية، والعمل الجماعي لتحقيق نتائج شامِلة ومُستَدامة. ونوهت معاليها بأن ذلك يَنعَكِس على جوانِب عَديدة من سياساتِنا، ففي مجال الاقتصاد والتنمية، عَمِلْنا على مُضاعَفَة استثماراتِنا الاقتصادية الخارجية في مشاريع مُتنوعة، وتوسيع نطاق الشَراكات، وبالأَخص مع دول الجنوب، بما فيها دول القارَّة الأفريقية، والتي امتدت استثماراتنا فيها لِمُختلَفِ القِطاعات، إيماناً مِنّا بأهمية الانفِتاح والتواصُل لتحقيق التنمية والازدهار والاستقرار المشترك. وتابعت: في مجال العُلوم، والتِكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، فقد حَرِصَت الإمارات على تَسْخيرِها لدعم التنمية المستدامة على مستوى العالم، عبر بناء قدرات الدول في هذا المجال، مع احترام قِيَمِها وأولوياتِها الوطنية، ومُراعاة الاستخدام المسؤول والأخلاقي لهذه التقنيات، بما يتماشى مع القانون الدولي.

العمل الُمناخي
في سياق جُهودنا المستمرة لحماية البيئة، أشارت نسيبة إلى مواصلة الإمارات استثماراتها المتنامية في العمل الُمناخي الدولي، بما يدعم الحُلول الُمبْتَكَرَة في هذا المجال، ويعزز الطاقة النظيفة، مؤكدة الالتزام الكامل بتنفيذ نتائج «اتفاق الإمارات» الُمنبَثِق عن مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين الذي انعقدَ في دبي عام 2023.
وقالت: «كما استثمرت بلادي الكثير للتصدي لتحديات ندرة المياه، بما في ذلك من خلال مُبادرة محمد بن زايد للماء، التي تدعم تطوير وتطبيق التقَنيات الرائدة لتعزيز الوصول المستدام لهذا المَورِدِ الأساسي»، منوهة باستعداد الإمارات لاستِضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمِياه العام الُمقبِل مع جُمهورية السِنغال، والذي سنَسعى من خلالِه لتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، وتحفيز الاستثمار في الابتِكار.

التزام مشترك
وأكدت معاليها، أنه في كافَة مشاريعِنا وتوَجُّهاتِنا، نسعى لتعزيز الُمشارَكة الكامِلة والهادِفة والمتساوية للمرأة، بوَصْفِها شريكاً أساسياً، وروح المجتمع.
 وفي ختام البيان، أكدت معاليها أنه في الوقتِ الذي تتعرض فيه المؤسساتُ الدولية للإضعاف، ويتعرض فيه القانون الدولي للتقويض، يَتعيّن علينا الالتزام بمسؤوليتنا المشتركة، لِضمان استمرارية نظامنا الدولي، واسترجاع مصداقيته، ولضمان الوصول لمستقبلٍ أفضل للأجيال القادمة.

Advertisements

قد تقرأ أيضا