اخبار العالم

مئة عام على ميلاد تاتشر.. قصة المرأة الحديدية التي غيرت وجه بريطانيا

  • مئة عام على ميلاد تاتشر.. قصة المرأة الحديدية التي غيرت وجه بريطانيا 1/8
  • مئة عام على ميلاد تاتشر.. قصة المرأة الحديدية التي غيرت وجه بريطانيا 2/8
  • مئة عام على ميلاد تاتشر.. قصة المرأة الحديدية التي غيرت وجه بريطانيا 3/8
  • مئة عام على ميلاد تاتشر.. قصة المرأة الحديدية التي غيرت وجه بريطانيا 4/8
  • مئة عام على ميلاد تاتشر.. قصة المرأة الحديدية التي غيرت وجه بريطانيا 5/8
  • مئة عام على ميلاد تاتشر.. قصة المرأة الحديدية التي غيرت وجه بريطانيا 6/8
  • مئة عام على ميلاد تاتشر.. قصة المرأة الحديدية التي غيرت وجه بريطانيا 7/8
  • مئة عام على ميلاد تاتشر.. قصة المرأة الحديدية التي غيرت وجه بريطانيا 8/8

الرياص - اسماء السيد - يوافق 13 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري ذكرى مرور مئة عام على ميلاد السياسية البريطانية مارجريت تاتشر، التي تركت بصمة لا تُمحى في تاريخ البلاد الحديث، فقد كانت إرادتها الصلبة وشجاعتها السياسية سبباً في إحداث تحوّل جذري في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمملكة المتحدة.

تاتشر، أو ثاتشر كما يُلفظ اسمها في بريطانيا، غيرت وجه حزب المحافظين، وأعادت تعريف العلاقة بين الدولة والفرد، ما أكسبها لقب المرأة الحديدية.

ورغم مرور عشرات السنوات على فترة حكمها من 1979 إلى 1990، تظل سياساتها ومواقفها محل دراسة وتحليل مستمر، سواء من مؤيد يرى فيها رمزاً للقوة والصرامة في مواجهة التحديات، أو من منتقد يعتبر سياساتها سبباً في تعميق الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، ويأتي الاحتفاء بمرور قرن على ميلادها فرصة لتقييم إرثها السياسي والفكري.

وتقول دائرة المعارف البريطانية إن تاتشر وُلدت في 13 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1925 في غرانثام في لينكولنشير بإنجلترا، وتوفيت في 8 أبريل/ نيسان من عام 2013 في العاصمة البريطانية لندن، وكانت سياسية بريطانية عن حزب المحافظين ورئيسة وزراء بريطانيا في الفترة من 1979 إلى 1990، وكانت أول امرأة تتولى رئاسة وزراء دولة أوروبية.

وهي الوحيدة بين رؤساء وزراء بريطانيا في القرن العشرين التي فازت بثلاث ولايات متتالية، وعند استقالتها كانت الأطول خدمة مستمرة كرئيسة وزراء بريطانية منذ عام 1827، وقد ساهمت في تسريع تطور الاقتصاد البريطاني إلى الليبرالية الاقتصادية، وأصبحت عند مناصريها، بشخصيتها وإنجازاتها، أبرز زعيمة سياسية بريطانية منذ وينستون تشرشل، وكانت نموذجًا يحتذى به لرئيسة وزراء لاحقة وهي ليز تراس.

البدايات والصعود لرئاسة المحافظين

كانت تاتشر في شبابها باحثة في الكيمياء
Getty Images
كانت تاتشر في شبابها باحثة في الكيمياء

مارجريت تاتشر هي ابنة ألفريد روبرتس، البقال وعضو المجلس المحلي (ولاحقًا عمدة غرانثام)، وبياتريس إيثيل ستيفنسون، وقد نشأت تاتشر وهي تحمل رغبة مبكرة في أن تصبح سياسية.

وكان لوالدها تأثير كبير على حياتها وعلى السياسات التي كانت تتبناها فيما بعد، وفي حديثها عن والدها ذات مرة، قالت تاتشر: "يرجع الفضل بالطبع إلى أبي في كل شيء، لقد عمل على تنشئتي وغرس لدي كل القيم التي أؤمن بها الآن".

وأدت قدراتها الفكرية إلى التحاقها بجامعة أكسفورد، حيث درست الكيمياء وشاركت في النشاط السياسي، لتصبح واحدة من أولى النساء اللاتي ترأسن رابطة حزب المحافظين في جامعة أكسفورد.

وبعد تخرجها في عام 1947، عملت لمدة أربع سنوات كباحثة في الكيمياء، وكانت تدرس القانون في أوقات فراغها. ومنذ عام 1954 بدأت العمل كمحامية متخصصة في القانون الضريبي، وخاضت تاتشر أول انتخابات برلمانية لها في عام 1950 لكنها لم تنجح، وفي عام 1959 دخلت مجلس العموم بعد فوزها بمقعد حزب المحافظين في منطقة فينتشلي بشمال لندن، التي كانت من معاقل الحزب.

وبرزت مكانتها تدريجياً داخل الحزب، حيث شغلت منصب سكرتيرة برلمانية في وزارة المعاشات والتأمين الوطني (1961–1964)، ثم كانت وزيرة التعليم في حكومة الظل للمعارضة (1969–1970)، ومن ثم شغلت منصب وزيرة التعليم والعلوم (1970–1974) في حكومة المحافظين برئاسة إدوارد هيث.

وأثناء عضويتها في حكومة هيث (كانت تاتشر ثاني امرأة فقط تتولى حقيبة وزارية في حكومة المحافظين)، أقدمت على إلغاء برنامج كان يوفّر الحليب مجاناً للأطفال في المدارس، مما أثار عاصفة من الجدل وجعل خصومها في حزب العمال يسخرون منها بصيحات مثل: "تاتشر، سارقة الحليب".

كما أنشأت مدارس شاملة أكثر من أي وزير تعليم آخر في التاريخ، وهي المدارس التي دشنها حزب العمال في الستينيات من القرن الماضي لإتاحة التعليم الأكاديمي المكثف للأطفال من الطبقة العاملة، رغم أن هذه المدارس تراجعت خلال فترة رئاستها للوزراء.

وبعد أن خسر هيث الانتخابات مرتين متتاليتين في عام 1974، كانت تاتشر، رغم مركزها المتواضع في هيكلية الحزب، الوزيرة الوحيدة المستعدة لمواجهته على زعامة الحزب.

وبدعم من جناح اليمين في حزب المحافظين، انتُخبت زعيمة للحزب في فبراير/شباط من عام 1975، وبهذا بدأت صعودًا استمر 15 عامًا وغيّر وجه بريطانيا.

رئاسة الحكومة

تاتشر لدى فوز حزب المحافظين في انتخابات 1979 والتي جاءت بها رئيسة للوزراء
Getty Images
تاتشر لدى فوز حزب المحافظين في انتخابات 1979 والتي جاءت بها رئيسة للوزراء

قادَت مارجريت تاتشر حزب المحافظين إلى انتصار انتخابي حاسم في عام 1979، وذلك عقب سلسلة من الإضرابات الكبرى خلال الشتاء السابق، المعروف بـ "شتاء السخط"، في ظل حكومة حزب العمال بقيادة جيمس كالاكان.

ودعت تاتشر إلى تعزيز استقلال الفرد عن الدولة ووضع حد للتدخل الحكومي المفرط في الاقتصاد. وشملت سياساتها خصخصة المؤسسات المملوكة للدولة، وبيع المساكن العامة للمستأجرين، وتقليص النفقات على الخدمات الاجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم والإسكان، وفرض قيود قانونية على النقابات العمالية.

وأدت سياساتها الاقتصادية الصارمة إلى معارضة واسعة من النقابات العمالية وأحزاب المعارضة، حيث انتقد الكثيرون ما اعتبروه تقليصاً لحقوق العمال وزيادة حدة الفوارق الاجتماعية.

وأصبح مصطلح "التاتشيرية" يشير ليس فقط إلى هذه السياسات، بل أيضًا إلى جوانب معينة من رؤيتها الأخلاقية وأسلوبها الشخصي، بما في ذلك المطلقية الأخلاقية، والنزعة القومية المتشددة، والاهتمام الحماسي بمصالح الفرد، ونهجها القتالي وغير المتساهل في تحقيق الأهداف السياسية.

وكان الأثر الرئيسي لفترتها الأولى اقتصادياً، إذ ورثت اقتصاداً ضعيفاً، فقامت بتقليص أو إلغاء بعض اللوائح الحكومية والدعم المقدم للأعمال التجارية، مما أدى إلى تصفية العديد من الشركات غير الفعّالة في قطاع الصناعة التحويلية ورغم ذلك شملت بعض الشركات التي لم يكن أداؤها سيئاً.

وكانت النتيجة زيادة حادة في معدلات البطالة، من 1.3 مليون في عام 1979 إلى أكثر من ضعف هذا الرقم بعد عامين فقط. وفي الوقت نفسه، تضاعف معدل التضخم خلال 14 شهراً فقط، ليصل إلى أكثر من 20 بالمئة، وانخفض الإنتاج الصناعي بشكل حاد. وعلى الرغم من أن التضخم انخفض والإنتاج ارتفع قبل نهاية فترتها الأولى، استمرت البطالة في الارتفاع، لتصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص في عام 1986.

وبدأت تاتشر برنامجاً طموحاً لخصخصة الصناعات والخدمات العامة المملوكة للدولة، بما في ذلك قطاعات الطيران والفضاء، والتلفزيون والإذاعة، والغاز والكهرباء، والمياه، وشركة الطيران الوطنية، وشركة "بريتيش ستيل"، وبحلول نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، تضاعف عدد الأفراد المساهمين في الأسهم ثلاث مرات، وباعت الحكومة 1.5 مليون وحدة سكنية مملوكة للدولة لمستأجريها، ومع بدايات عام 1982، بدأ الاقتصاد البريطاني في التعافي.

إلا أنه وفي نفس العام، اتخذت تاتشر قرارا بالمواجهة مع الأرجنتين في حرب جزر فوكلاند الخاضعة للإدارة البريطانية والواقعة في جنوب المحيط الأطلسي.

جماهير تلوح بالأعلام البريطانية أثناء وداعها للقوات التي تبحر على متن السفينة كوين إليزابيث الثانية أثناء مغادرتها إلى جزر فوكلاند
Getty Images
جماهير تلوح بالأعلام البريطانية أثناء وداعها للقوات التي تبحر على متن السفينة كوين إليزابيث الثانية أثناء مغادرتها إلى جزر فوكلاند

وقد أصبحت تاتشر بطلة بالنسبة للكثيرين عندما أرسلت القوات البريطانية في عام 1982 إلى جزر فوكلاند، بعد أن هاجمتها الأرجنتين، هذه الجزر الصغيرة الواقعة على بعد 8 آلاف ميل في جنوب المحيط الأطلسي. وعلى الرغم من فقدان المئات من الأرواح، احتُفل بالنصر في الشوارع داخل بريطانيا بعد أن استسلمت القيادة الأرجنتينية في نهاية المطاف لمطالب البريطانيين في يونيو/حزيران من نفس السنة.

ورغم التعافي الاقتصادي، إلا أن ارتفاع معدلات البطالة وتفاقم التوترات الاجتماعية خلال فترة ولايتها الأولى جعلها لا تتمتع بشعبية كبيرة.

ولولا عاملان، لكانت هذه الشعبية المنخفضة قد ضمنت هزيمتها في الانتخابات العامة عام 1983: الأول هو حرب جزر فوكلاند، والثاني هو الانقسامات العميقة داخل حزب العمال، الذي خاض الانتخابات وفق برنامج راديكالي أطلق عليه النقاد اسم "أطول رسالة انتحارية في التاريخ".

وفازت تاتشر بولاية ثانية بأغلبية ساحقة، وكان أكبر نصر انتخابي تشهده البلاد منذ النجاح الكبير لحزب العمال عام 1945، حيث حصلت على أغلبية برلمانية قدرها 144 مقعداً بنسبة تصويت بلغت أكثر من 42 بالمئة.

عندما تولت تاتشر السلطة، تعهدت بتقييد سلطة النقابات العمالية، التي أظهرت قدرتها على شل البلاد خلال ستة أسابيع من الإضرابات في شتاء 1978–1979. وأصدرت حكومتها سلسلة من الإجراءات المصممة للحد من قدرة النقابات على التنظيم وخوض الإضرابات، بما في ذلك قوانين حظرت نظام الورش المغلقة، وألزمت النقابات باستطلاع رأي أعضائها قبل إعلان الإضراب، ومنعت الإضرابات التضامنية، وجعلت النقابات مسؤولة عن الأضرار التي يتسبب بها أعضاؤها.

وفي عام 1984، بدأ الاتحاد الوطني لعمال المناجم إضراباً على مستوى البلاد لمنع إغلاق 20 منجم فحم، زعمت الحكومة أنها غير منتجة. واستمر هذا الإضراب، الذي دام ما يقرب من عام، ليصبح رمزاً للصراع على السلطة بين الحكومة المحافظة والحركة النقابية، ورفضت تاتشر بحسم تلبية مطالب النقابة. وفي النهاية، انتصرت الحكومة حيث عاد العمال إلى العمل دون أن يحصلوا على أي تنازل.

وتعرض مؤتمر حزب المحافظين في برايتون عام 1984 لتفجير إرهابي نفذه الجيش الجمهوري الإيرلندي، وكاد أن يقتل تاتشر وعددًا من كبار أعضاء حكومتها.

وبعد صراع طويل مع السلطات المحلية للعاصمة لندن، التي كان يقودها حزب العمال برئاسة كين ليفينغستون، ألغت تاتشر مجلس لندن الكبرى في عام 1986. وبحلول نهاية ولايتها الثانية، لم يكن هناك جانب من جوانب الحياة البريطانية إلا وقد شهد التحول الأكثر شمولاً في البلاد منذ إصلاحات ما بعد الحرب التي نفذها حزب العمال.

تاتشر وريغان

ريغان وتاتشر يلوحان للمصورين وهما في عربة الغولف الخاصة بالرئيس الأمريكي في صورة تعود لديسمبر من عام 1984
Getty Images
ريغان وتاتشر يلوحان للمصورين وهما في عربة الغولف الخاصة بالرئيس الأمريكي في صورة تعود لديسمبر من عام 1984

وفي الشؤون الخارجية، سلطت حرب جزر فوكلاند الضوء على أهم علاقة دولية لتاتشر، مع رونالد ريغان، رئيس الولايات المتحدة (1981–1989). فقد شاركت تاتشر وريغان، اللذان جعلا من الثمانينيات عقد المحافظة السياسية، رؤية للعالم تعتبر الاتحاد السوفيتي عدواً شريراً لا يستحق أي تسوية. وقد ضمنت شراكتهما استمرار الحرب الباردة حتى صعود القائد السوفيتي الإصلاحي ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة في عام 1985.

وتماشياً مع معارضتها الشديدة للشيوعية، أكسبها خطابها عام 1976 الذي أدان الشيوعية لقب "السيدة الحديدية" في الصحافة السوفيتية. كما دعمت تاتشر بقوة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والردع النووي المستقل لبريطانيا، وهو موقف لاقى استحسان الناخبين، خصوصًا في ظل رفض حزب العمال لسياسات الدفاع التقليدية لبريطانيا.

وفي أفريقيا، أشرفت تاتشر على إقامة زيمبابوي المستقلة (التي كانت تُعرف سابقًا بـروديسيا) بشكل منظم في عام 1980، بعد 15 عامًا من الانفصال غير القانوني عن الحكم الاستعماري البريطاني تحت سيطرة أقلية بيضاء. ومع ذلك، واجهت انتقادات كبيرة داخلياً وخارجياً بسبب معارضتها للعقوبات الدولية ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وتميز النصف الثاني من فترة ولاية تاتشر الثانية بجدل لا ينقطع حول علاقة بريطانيا بالمجموعة الأوروبية (EC). ففي عام 1984، نجحت، وسط معارضة شرسة، في تقليص مساهمة بريطانيا في ميزانية المجموعة الأوروبية بشكل كبير. وبعد فوزها الانتخابي في عام 1987، اعتمدت موقفًا أكثر عدائية تجاه التكامل الأوروبي، حيث قاومت الاتجاهات "الفيدرالية" القارية نحو عملة موحدة واتحاد سياسي أعمق. وقد انقسم حزبها، الذي كان تقليديًا مؤيدًا لأوروبا، واستقال عدد من كبار الوزراء من الحكومة بسبب هذه القضية.

وأدى تطبيق الضريبة الثابتة على البالغين في عام 1989 إلى اندلاع أعمال عنف في الشوارع، وأثار قلق صفوف حزب المحافظين، الذين خشوا أن تاتشر لن تتمكن من قيادة الحزب إلى ولاية رابعة متتالية. مدفوعين بالرفض الشعبي لضريبة الرأس وبلهجة تاتشر المتصاعدة، تحرك أعضاء حزب المحافظين في البرلمان ضدها في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1990.

وعلى الرغم من فوزها على أقوى منافس لها، وزير الدفاع السابق مايكل هيسلتين، بفارق 204 أصوات مقابل 152، لم تحصل تاتشر على الأغلبية المطلوبة لضمان استمرارها في زعامة الحزب دون الحاجة لجولة تصويت ثانية. ونتيجة لذلك، قررت عدم خوض الجولة الثانية، وأعلنت في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1990 استقالتها من زعامة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء، ليخلفها جون ميجور بعد ستة أيام.

السنوات اللاحقة والوفاة

النائبة تاتشر وطفليها في صورة تعود لعام 1961
Getty Images
النائبة تاتشر وطفليها في صورة تعود لعام 1961

في فترة التقاعد، ظلت مارغريت تاتشر قوة سياسية مؤثرة، إذ واصلت التأثير على السياسة الداخلية لحزب المحافظين، وظلت عضوة في البرلمان حتى انتخابات عام 1992. وقد مُنحت لقب "بارونة كيستيفن بمقاطعة لينكولنشاير"، وهو ما منحها عضوية مدى الحياة في مجلس اللوردات.

واستمرت في إلقاء المحاضرات والخطابات، ولا سيما في الولايات المتحدة وآسيا، وأسست "مؤسسة تاتشر" لدعم المبادرة الحرة والديمقراطية، خصوصاً في دول أوروبا الوسطى والشرقية التي تخلت عن الشيوعية. وفي عام 1995، أصبحت عضواً في وسام الرباط (Order of the Garter)، وهو أرفع الأوسمة البريطانية.

وبعد سلسلة من الجلطات الدماغية الطفيفة، اعتزلت تاتشر الحياة العامة عام 2002. وفي 8 أبريل/نيسان 2013، توفيت في العاصمة البريطانية لندن إثر إصابتها بسكتة دماغية، عن عمر ناهز 87 عامًا.

وقد أُقيمت لها جنازة رسمية بمراسم عسكرية كاملة في 17 أبريل/نيسان.

أما على صعيد حياتها الخاصة، فقد تزوجت تاتشر من رجل الصناعة الثري دينيس تاتشر عام 1951، وكان داعماً قوياً لطموحها السياسي منذ البداية. وأنجب الزوجان توأمين عام 1953، هما كارول ومارك تاتشر. وقد لعبت حياتها الأسرية دورًا مهمًا في استقرارها الشخصي رغم انشغالها الشديد بالسياسة.

ورغم ضغوط العمل السياسي وحياتها العامة المليئة بالتحديات، حافظت تاتشر على علاقة قوية مع زوجها وأبنائها، مما أتاح لها التوازن بين حياتها الأسرية ومسؤولياتها كرئيسة لوزراء بريطانيا.

وفي مذكراتها الصادرة عام 2008 بعنوان "A Swim-On Part in the Goldfish Bowl"، كشفت ابنتها كارول أن والدتها بدأت تظهر عليها أعراض الخرف التدريجي منذ عام 2000.

الإرث

تاتشر
Getty Images

كان يُقال إن مارغريت تاتشر لا تنام سوى أربع ساعات في الليلة، وقد اكتسبت لقب "المرأة الحديدية" من صلابتها وإصرارها على قراراتها. وبعد أحد عشر عاماً في السلطة وثلاثة انتصارات انتخابية، أصبحت أطول من شغل منصب رئاسة الوزراء في القرن العشرين، قبل أن تترك حزبها في نهاية المطاف، بعدما رأى كثيرون أنها مكثت في السلطة أكثر مما ينبغي.

ويُجمع كثير من المراقبين على أنها غيّرت وجه بريطانيا، إذ قادت تحوّلاً اقتصاديًا واسعاً تمثل في تقليص دور الدولة، وخصخصة الشركات العامة، وتقييد نفوذ النقابات، وترسيخ أسس الليبرالية الاقتصادية الحديثة. لكن هذه السياسات نفسها أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة وتفاقم الفوارق الاجتماعية، ما جعلها محبوبة لدى أنصار السوق الحرة ومكروهة لدى المدافعين عن العدالة الاجتماعية.

وفي السياسة الخارجية، عززت تاتشر التحالف مع الولايات المتحدة في عهد رونالد ريغان، وساهمت في مواجهة الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، كما استعادت جزر فوكلاند ورفعت مكانة بريطانيا الدولية، رغم انتقادات طاولتها بسبب موقفها المتساهل مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

525bb2bd9d.jpg

Advertisements

قد تقرأ أيضا