الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من الرباط: أعادت التحديات الرقمية رسم ملامح التعاون الدولي في مواجهة الجريمة السيبرانية، وبرز المغرب كصوت فاعل ومدافع عن ضرورة توحيد الجهود لمكافحة هذه الجريمة العابرة للحدود، التي باتت تهدد استقرار الدول واقتصاداتها ومجتمعاتها.
في سياق ذلك، شارك وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي السبت في هانوي في مراسيم التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والرئيس الفيتنامي لوونغ كُوونغ.
وأكد وهبي التزام المملكة المغربية بهذه الاتفاقية التي اعتبرها "مرجعا عالميا لحماية الأمن الرقمي"، وأداة لتكريس التعاون الدولي في فضاء تتقاطع فيه التكنولوجيا بالقانون والسيادة والأمن.
وقال وزير العدل المغربي إن "التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية يمثل محطة تاريخية في مسار الجهود الدولية الرامية إلى مواجهة الجرائم الحديثة التي باتت تهدد استقرار الدول ومجتمعاتها". وأضاف إن "هذا اللقاء يجسد إرادة جماعية لإرساء تعاون دولي متين في التصدي للجرائم المعلوماتية، التي تجاوزت أبعادها حدود الأفراد لتطال استقرار الدول السياسي والاقتصادي".
الامين العام للامم المتحدة والرئيس الفيتنامي قبيل مراسيم التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية، في هانوي
ووجّه الوزير المغربي شكره للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ولجمهورية فيتنام على حفاوة الاستقبال وحسن التنظيم، مشيدا بالعلاقات الثنائية التي تجمع الرباط وهانوي، والتي وصفها بـ "النموذجية والمتوازنة"، خصوصاً في مجالات التعاون القضائي ومكافحة الجريمة.
وأشار وهبي إلى أن شبكة الإنترنت أصبحت اليوم فضاء خصبا لانتشار الممارسات الإجرامية، وأن الجرائم السيبرانية باتت تمس المعطيات الرقمية والحياة الخاصة والأمن الوطني للدول، مما يستدعي، حسب قوله، "إطارا دوليا موحدا يشكل مرجعا عالميا لمكافحة هذه التهديدات".
وأوضح الوزير وهبي أن المملكة المغربية ساهمت بفعالية في صياغة الاتفاقية منذ مراحلها الأولى، من خلال مشاركاتها في الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية للجنة الحكومية الدولية، وصولا إلى بلورة النسخة النهائية التي وصفها بأنها ثمرة "روح الحوار والتوافق بين الدول".
وأشار وهبي إلى أن التوصل إلى هذه الوثيقة لم يكن أمرا يسيرا في ظل التجاذبات السياسية والتقنية التي رافقت المفاوضات، لكنها اليوم تمثل "مرآة للفهم المشترك للجرائم المرتكبة عبر الفضاء الإلكتروني" و"عنوانا للتعاون القضائي والتقني بين الدول".
وأشار وهبي إلى انخراط المغرب المبكر في الجهود العالمية لمكافحة الجريمة المعلوماتية، عبر اعتماد تشريعات وطنية متقدمة، أبرزها قانون الأمن السيبراني وتحيين القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، إلى جانب استراتيجيات تهدف إلى حماية الاقتصاد الرقمي وتيسير الولوج الآمن للتكنولوجيا.
وفي سياق إقليمي يشهد تنامي أنشطة الجماعات المتطرفة التي تستغل الفضاء الإلكتروني لنشر العنف والتحريض على الكراهية، شدد الوزير على أن تعزيز الأمن السيبراني أصبح رهانا مركزيا لحماية الأفراد وصون الاستقرار. مبرزا أن "الوصول إلى الأدلة الرقمية أصبح تحديا عالميا". ودعا إلى تجاوز الأساليب التقليدية في الأبحاث الجنائية، وتعزيز التعاون الدولي لتفعيل مقتضيات الاتفاقية الجديدة، مؤكدا أن "المملكة المغربية ستظل، كما عهدها المجتمع الدولي، شريكا موثوقا ومبادرا من أجل أمن سيبراني شامل يخدم جميع الدول".
