انت الان تتابع خبر إغلاق مصنع دريسدن... لماذا تتهاوى اسطورة فولكسفاغن؟ والان مع التفاصيل
ما الذي يحدث خلف المشهد؟
لسنا نتحدث فقط عن إغلاق مصنع، بل عن عوامل أعمق غير مرئية للعامة. هناك قوى أو ضغوط تجتمع معاً وتدفع شركات السيارات التقليدية مثل فولكسفاغن إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها. هذه الضغوط تعيد تشكيل مستقبل صناع السيارات التقليدين. ما يعني بصياغة مبسطة أن ما يحدث ليس مجرد قرار منفصل، بل نتيجة لثلاثة ضغوط رئيسية تتراكم في الخلفية لتغيير قواعد اللعبة في صناعة السيارات التقليدية:
1- اقتصاديات السيارات الكهربائية مختلفة جذرياً
ما تزال أرباح الهوامش في السيارات الكهربائية هشة للغاية بسبب:
- التكلفة العالية لسلاسل توريد البطاريات والمعادن النادرة.
- تباطؤ تبني المستهلك مقارنة بالتوقعات.
- المنافسة الصينية المتصاعدة في فئة السيارات الكهربائية المتوسطة السعر.
- الإنفاق الرأسمالي الضخم على منصات الكهرباء والبرامج.
كذلك أشير الى أن قوة فولكسفاغن التاريخية المتمثلة بالإنتاج على نطاق واسع تحولت إلى عبء عندما يكون الطلب أسرع من قدرة الشركة على تعديل هيكل تكاليفها.
2- انهيار نموذج اليقين الصناعي الألماني
كلنا ندرك تماماً أن ألمانيا كانت ترمز دائماً إلى:
- أمان وظيفي طويل الأمد.
- دورات طلب يمكن التنبؤ بها.
- تحسينات صناعية تدريجية.
والآن هذه الركائز تتصدع. حين تبدأ علامة بحجم فولكسفاغن بتقليص قدرة التصنيع داخل ألمانيا، فهذا مؤشر على أن العقد الاجتماعي بين الصناعة والعمال والدولة يواجه ضغطاً غير مسبوق.
3- انضباط رأسمالي قاسٍ يفرض نفسه على الصناعة
مما لا شك فيه بأن الأسواق المالية العالمية تعاقب الاستراتيجيات البطيئة والمكلفة للانتقال الكهربائي. لذلك تُجبَر الشركات على:
- تأجيل دورات تطوير المنصات.
- دمج مواقع الإنتاج وتقليل البصمة الصناعية.
- الاستعانة بمصادر خارجية للأنظمة غير الأساسية.
- تسريع خفض التكاليف على مستوى المصانع.
وفي هذا السياق، لا يمكننا اعتبار أن دريسدن حالة معزولة بل بداية سلسلة.

دلالات إستراتيجية لفولكسفاغن
النقطة الأهم التي أريد أن أتوقف عندها بأن قرار الإغلاق يكشف تساؤلات أعمق:
- هل تستطيع فولكسفاغن التحول من نهج تصميم الأجهزة إلى تطوير البرمجيات بالسرعة المطلوبة؟
- هل سيبقى انتشارها التصنيعي العالمي قابلاً للدفاع أمام ضغط السيارات الكهربائية الصينية؟
- هل يبقى تصنيع سيارات كهربائية شعبية مجدياً دون اختراق كبير في تكاليف البطاريات؟
على فولكسفاغن إعادة تصميم نموذجها التشغيلي بمنصات أخف، وهندسة معيارية، وقدرات إنتاج مرنة قبل أن تفرض الأسواق تصحيحاً أقسى.

الدرس لرواد الأعمال وصناع القرار
تجربة فولكسفاغن تشير بجدية الى أن الحجم ليس درعاً إستراتيجياً، بل قد يتحول إلى عبء خصوصاً حين ترتفع تكاليف رأس المال أسرع من هوامش الربح، وتتحول الأصول الثابتة إلى قيود على المرونة، وتنفصل هياكل التكلفة الموروثة عن مصادر الربح الجديدة.
لذلك، وفي بيئة التنقل الحالية،حلت القدرة على التكيّف بدل الحجم كمحدد رئيسي للبقاء.

في النهاية، لا يعد إغلاق مصنع دريسدن قراراً محلياً، بل رسالة إنذار إلى قطاع السيارات العالمي وكل مؤسسة تواجه تحولات عميقة، والعبرة التي يمكن استنتاجها من ذلك:
إذا لم يتطور نموذجك التشغيلي مع واقع السوق، فالسوق سيتولى تعديله عنك عاجلاً أم آجلاً.

