ابوظبي - سيف اليزيد - هالة الخياط (أبوظبي)
يشكل المعرض والمؤتمر العالمي للسكك الحديدية والنقل والبنية التحتية «جلوبال ريل 2025»، الذي تختتم فعالياته اليوم في أبوظبي، منصة محورية تجمع نخبة من كبريات الشركات العالمية والإقليمية العاملة في قطاع النقل والبنية التحتية، حيث يواصل المعرض ترسيخ مكانته كأحد أبرز الفعاليات المتخصصة على مستوى المنطقة والعالم.
ويأتي الحدث في وقت تشهد فيه صناعة السكك الحديدية في دولة الإمارات ومنطقة الخليج تطوراً متسارعاً، مدفوعة بالاستثمارات الضخمة في المشاريع الاستراتيجية، ما يعزز مكانة الدولة سوقاً واعدة تجذب كبريات الشركات العالمية.
وأكد عدد من ممثلي شركات عالمية وعربية مشاركة في المعرض، أهمية السوق الإماراتي، وحرص شركاتهم على استعراض أحدث ابتكاراتها وحلولها، بما يتماشى مع طموحات الدولة في بناء منظومة نقل مستدامة وعصرية.
أشار المهندس أحمد أبو ديشيش، المدير الأول لمشاريع النقل في شركة حسن علام للإنشاءات، إلى الأهمية الاستراتيجية لسوق النقل بالسكك الحديدية في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط بالنسبة للشركة، مشيراً إلى أن السوق في هذه المناطق يشهد ديناميكية كبيرة، ويعد محوراً رئيسياً لخطط التوسع والنمو.
وقال أبو ديشيش، إن الشركة تضع قطاع النقل في صدارة أولوياتها على مستوى المنطقة، مشيراً إلى أنها تنفذ حالياً مشروع «حفيت ريل» الذي يربط بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان، بالشراكة مع شركة سيمنز، حيث تتولى مسؤولية أنظمة الطاقة والاتصالات ضمن المشروع.
وأضاف: «نستهدف المشاركة في مزيد من المشاريع الاستراتيجية داخل دولة الإمارات، بما في ذلك مشروع قطار الاتحاد، ومشروع القطار السريع بين أبوظبي ودبي في جانب البنية التحتية والنقل».
وأوضح أبو ديشيش، أن الشركة تولي اهتماماً كبيراً بملف الاستدامة، حيث أنشأت قسماً متخصصاً في هذا المجال، ونفذت بالفعل العديد من المشاريع التي تواكب متطلبات الاستدامة العالمية، مؤكداً: «وجودنا في سوق الإمارات ينسجم تماماً مع هذه التوجهات، فنحن نتعامل مع الاستدامة كأولوية قصوى ونتكيف مع مختلف الاشتراطات المرتبطة بها لضمان تقديم حلول مسؤولة ومبتكرة».
وحول مشاركة الشركة في «جلوبال ريل»، وصف أبو ديشيش، الحدث بأنه منصة عالمية رائدة تجمع أبرز اللاعبين في صناعة النقل والبنية التحتية، مضيفاً: «يعد (جلوبال ريل) فرصة مثالية لمناقشة الشراكات والمشاريع المستقبلية، ونحن سعداء للغاية بوجودنا في هذا الحدث الكبير».
وأكد أبو ديشيش المكانة الحيوية لدولة الإمارات كسوق واعد للشركات العالمية والإقليمية، قائلاً: «الإمارات كانت ولا تزال وستظل واحدة من أهم الأسواق في المنطقة، بما تتمتع به من مشاريع ضخمة ورؤية طموحة؛ ولذلك فإنها تمثل أولوية رئيسية لشركة حسن علام في خططها المستقبلية».
شراكات استراتيجية
من جانبه، أكد إيريك بروفوست، مدير الابتكار في شركة SYSTRA، الأهمية الاستراتيجية لسوق النقل بالسكك الحديدية في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط بالنسبة للشركة، مشيراً إلى أن السوق في هذه المناطق يشهد ديناميكية كبيرة، ويعد محوراً رئيسياً لخطط التوسع والنمو.
وقال: «نحن نعمل مع شركاء محليين وإقليميين في مجالات السكك الحديدية، حيث يشكل السوق الإقليمي أهمية بالغة، سواء على مستوى المدن أو في ربط الدول والمناطق المختلفة ببعضها بعضاً؛ ولذلك فإن وجودنا هنا يمثل قيمة كبيرة لنا».
وأضاف بروفوست أن SYSTRA تركز على تطوير حلول ابتكارية تتماشى مع احتياجات المنطقة، موضحاً: «نطرح ضمن مشاركتنا ابتكاراً يتعلق بتقنية المسار الخرساني (Slab Track) لمعالجة مشاكل تراكم الرمال على السكة التي قد تؤدي إلى تلوث طبقة الحصى والتسبب في أعطال خلال تشغيل القطارات. هذا الابتكار يمثل مثالاً على حلول عملية تستجيب للتحديات الخاصة بالمنطقة».
وأشار إلى أن الشركة تواصل شراكتها مع شركة قطارات الاتحاد، حيث سبق أن فازت العام الماضي بجائزة الابتكار في «جلوبال ريل» عن تطوير التوأم الرقمي، وقال: «نحن نعمل حالياً على تطوير هذا المفهوم بشكل أوسع عبر مشروعات تجريبية تعزز من كفاءته وتطبيقاته العملية».
وأوضح أن مشاركة SYSTRA هذا العام تشهد حضور فريق موسع يضم خبراء من دول عدة، بينها أستراليا وكندا، بما يعكس أهمية هذا الحدث منصة لتبادل الخبرات، واستعراض أحدث الابتكارات.
بيئة مثالية
سعد خان، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية، المؤسس لشركة «فيوتشر مينتنانس تكنولوجيز»، أوضح أن الشركة التي تأسست قبل نحو أربع سنوات ونصف السنة، بدأت منذ عامين التعاون مع مترو دبي عبر هيئة الطرق والمواصلات وشركتي كيوليس وميتسوبيشي، حيث نجحت في تشغيل مركبة مستقلة بالكامل لفحص السكك الحديدية.
وقال: «هذه المركبة الذكية أسهمت في الاستغناء عن عمليات الفحص اليدوي التي تتطلب سير الموظفين على المسارات، إذ تعمل على رقمنة عمليات الفحص، وجمع بيانات دقيقة حول حالة السكك الحديدية ومعدل تدهورها مع مرور الوقت، الأمر الذي يمكِّن هيئة الطرق والمواصلات من تحسين عمليات إدارة الشبكة وصيانتها بكفاءة أكبر».
وأضاف خان: «نقوم في الشركة بتصميم وتطوير أنواع عدة من الروبوتات، تشمل روبوتات لفحص القطارات، وطائرات مسيّرة مستقلة تماماً لتنفيذ عمليات التفتيش، بما يسهم في دعم عمليات الصيانة والعمليات التشغيلية في قطاع النقل».
وأشار إلى أن سوق الإمارات ومنطقة الخليج يعد بيئة مثالية لتبني هذه الحلول المتقدمة، قائلاً: «الجميع هنا يستثمر في منظومة السكك الحديدية، وهناك اهتمام كبير بتبني أحدث التقنيات لضمان أفضل مستويات التشغيل والصيانة».
وحول مشاركة الشركة في «جلوبال ريل»، أوضح خان أن المعرض والمؤتمر يشكل فرصة استثنائية للتعريف بابتكارات الشركة أمام جمهور واسع، وقال: «تواجدنا في هذا الحدث منحنا فرصة لعرض مركبتنا التي تعمل بالفعل على مسارات مترو دبي، وهو ما يتيح للزوار رؤية حجم تقنياتنا بشكل مباشر، حيث يصعب أحياناً إدراك ذلك من دون التجربة الفعلية».
حلول ذكية
حل مبتكر أعلنته شركة إينوفيشن فاكتوري البريطانية خلال مشاركتها في منصة الابتكار في «جلوبال ريل»، باستخدام الذكاء الاصطناعي لتنبيه الجمال، ومنعها من الاقتراب من السكك الحديدية، لحماية الحيوانات، وضمان سلامة القطارات.
وأكد أنور المجركش، الرئيس التنفيذي، المؤسس للشركة، أن مشاركتهم في «جلوبال ريل» تهدف إلى تعزيز التعاون مع الشركاء في المنطقة، والتعرف بشكل أعمق على السوق الخليجي، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تعد بيئة رائدة في تبني المشاريع الجديدة وابتكار الحلول المستدامة في قطاع النقل.
وكشفت الشركة عن أحدث ابتكاراتها القائمة على الذكاء الاصطناعي، والمصممة لحماية مسارات القطارات من أخطار الحيوانات السائبة، مثل الغزلان والخراف والجمال، عبر أجهزة متطورة تعمل بالطاقة الشمسية، وتوفر حماية مستمرة على مدار الساعة.
وتعتمد التقنية الجديدة على كاميرات ذكية وأصواتاً تنبيهية للتعرف على الحيوانات وإبعادها عن خطوط السكك الحديدية، إلى جانب جهاز متخصص لاكتشاف الجمال على مسافة تصل إلى 50 متراً، فيما يمتد الصوت التحذيري لمسافة 150 متراً لتنبيه الحيوان، وإفساح المجال أمام القطار لتجنب الاصطدام. كما يرسل النظام تحذيرات مباشرة لسائق القطار في حال وجود جمال على المسار، بما يتيح له خفض السرعة، واتخاذ الإجراءات اللازمة.