اخبار العالم

طيار بريطاني مسجون في كازاخستان قد يُفرج عنه بعد اعتراف صادم من زوجته السابقة

  • طيار بريطاني مسجون في كازاخستان قد يُفرج عنه بعد اعتراف صادم من زوجته السابقة 1/3
  • طيار بريطاني مسجون في كازاخستان قد يُفرج عنه بعد اعتراف صادم من زوجته السابقة 2/3
  • طيار بريطاني مسجون في كازاخستان قد يُفرج عنه بعد اعتراف صادم من زوجته السابقة 3/3

الرياص - اسماء السيد - "الخليج 365" من لندن: "لقد قتلتها… كسرت عنقها عندما كنت أغسلها".. بهذه الكلمات الصادمة والمُسجلة، انهارت رواية استمرت خمس سنوات، وربما انهار معها سجن الطيار البريطاني محمد بركات في كازاخستان. فبعد ظهور اعتراف صريح وموثق من زوجته السابقة، مدينا عبد اللاييفا، بأنها هي من قتلت طفلتهما صوفيا البالغة من العمر عاماً واحداً، فُتح تحقيق جديد في القضية، بينما تكشف والدة بركات في مقابلة حصرية مع ""الخليج 365"" عن تفاصيل مروعة عن معركة ابنها المريرة لإثبات براءته من داخل أسوار السجن، وتفاصيل استدراجه لزوجته للحصول على هذا الاعتراف، وتخاذل الحكومة البريطانية المقلق.

وكانت نشرت صحف بريطانية بارزة، من بينها ذا صن (The Sun) وذا ميرور (The Mirror)، خبراً مثيراً حول قضية الطيار البريطاني محمد بركات، المسجون منذ خمس سنوات في كازاخستان بتهمة قتل طفلته، بعد ظهور اعتراف صادم من زوجته السابقة بأنها هي من قتلت الطفلة.

تهمة صادمة وسجن طويل
تعود فصول المأساة إلى 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، داخل فندق خمس نجوم في مدينة ألماتي الكازاخستانية. محمد بركات (46 عاماً)، وهو قائد طائرة من طراز إيرباص 330 مولود في لندن، كان يقضي وقتاً مع زوجته مدينا (28 عاماً) وابنتهما صوفيا. فجأة، ووفقاً للرواية التي تبنتها المحكمة لاحقاً، وقع ما وصفته بـ"الجريمة البشعة".

محمد بركات في احدى رحلاته
محمد بركات في احدى رحلاته

زعمت المحكمة حينها أن بركات، الذي كان تحت تأثير الكحول والمخدرات، قام بضرب رأس طفلته بالحائط حتى تهشمت جمجمتها، كما وُجهت له تهمة الاعتداء على زوجته. في تلك الليلة، وثقت كاميرات الفندق لحظة خروج زوجته مدينا وهي تصرخ طلباً للمساعدة، قائلة: "لقد قتل ابنتي… لقد ضربها". بناءً على هذه الشهادة والأدلة المقدمة، حُكم على بركات عام 2019 بالسجن لمدة 20 عاماً مع الأشغال الشاقة.

اعتراف من السجن يقلب الطاولة
لكنّ تطوراً دراماتيكياً حدث مؤخراً. أعلنت النيابة العامة في كازاخستان عن فتح تحقيق جديد بعد ظهور تسجيلات ورسائل من مدينا تعترف فيها بوضوح: "لقد قتلتها… كسرت عنقها عندما كنت أغسلها".

المفاجأة الأكبر كانت في كيفية الحصول على هذه الاعترافات. فبحسب ما تكشف والدة الطيار محمد بركات لـ""الخليج 365""، فإن ابنها هو من حصل عليها بنفسه من داخل السجن، عبر محادثات مباشرة استمرت لسنوات مع طليقته على وسائل التواصل الاجتماعي. في إحدى الرسائل، كتبت له مدينا: "لقد قتلتها"، فرد عليها بركات قائلاً: "أعرف أنكِ فعلتِ".

وتوضح الأم لـ""الخليج 365"" سبب استمرار ابنها في التواصل مع المرأة التي اتهمته بقتل طفلته: "لأنه كان يرغب بمعرفة حقيقة ما حدث تلك الليلة، فكل ما يذكره أنه وجد نفسه مغمىً عليه وملقى في 'بانيو' الحمام، أفاق وهم يقولون له: 'أنت قتلت ابنتك!'". وتضيف: "ابني ظل يجاريها حتى يأخذ منها اعترافاً بما حدث، خاصة أنها كانت تطلب منه السماح، وعندما يسألها عن السبب كانت تسكت".

كما أظهرت الرسائل تفاصيل غريبة، حيث طلبت مدينا من بركات مراراً أن يسامحها، بل وأبدت رغبتها في إنجاب طفل آخر منه. وحول كيفية رد ابنها على هذه الطلبات، تقول الأم: "بالتأكيد هو رافض داخلياً، ولا يمكن أن يثق بامرأة اتهمته بقتل ابنته. كل ما في الأمر أنه كان يستدرجها لإثبات الحقيقة". ويبدو أن هذا الاستدراج أتى بثماره، فبحسب الأم: "كونها أخذت الأمان من ابني وأخبرته برغبتها في إنجاب طفل آخر منه، فوضع لها شرطاً أنه سيفعل ذلك إذا أخبرته بالحقيقة، ولهذا اعترفت بأنها كسرت عنق ابنتها. وهذا ما تم تسجيله، وكان يسجل أقوالها دائماً حتى يصل إلى هذا الدليل".

ولزيادة مصداقية هذه الأدلة، أجرت السلطات الكازاخية تحليلاً جنائياً للصوت، وأكد خبراء الطب الشرعي أن التسجيلات أصلية وصوت مدينا حقيقي دون أي تلاعب.

شهادة متقلبة ومحكمة متشككة
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتراجع فيها مدينا عن روايتها. فبعد صدور الحكم الأولي ورفض الاستئناف عام 2021 – وهي الجلسة التي وصفتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية بأن بركات بدا فيها "مذهولاً" عبر "زووم" بينما انهارت زوجته بالبكاء – تراجعت مدينا عن شهادتها الأولى. أكدت لاحقاً أن وفاة الطفلة كانت "حادثاً"، وأن بركات "أب محب"، وأن ما حدث لم يكن سوى "نوبة صرع" أصابت الطفلة. لكن المحكمة رفضت أقوالها الجديدة آنذاك، واعتبرتها مجرد محاولة يائسة لإنقاذ زوجها من عقوبة السجن الطويلة.

تفاصيل الحادثة وفق المحكمة
بحسب رواية المحكمة، غادرت مدينا غرفة الفندق بعد تعرضها للضرب، بينما بقي بركات مع الطفلة. وعند عودتها، وجدت صوفيا بلا حراك، فحملتها إلى بهو الفندق وهي تصرخ طلباً للمساعدة، غير أن الأطباء أكدوا وفاتها.
كما أضافت المحكمة في حكمها أن بركات كان مخموراً وتحت تأثير المخدرات أثناء الجريمة، وهو ما اعتُبر ظرفاً مشدداً أدى إلى إدانته بعقوبة مشددة بلغت 20 عاماً في السجن.

عدالة معيبة؟ ثغرات فاضحة في الإدانة
تُطرح اليوم أسئلة جدية حول عدالة المحاكمة الأولى، خاصة في ظل وجود ثغرات قانونية وعلمية واضحة في ملف الإدانة الأصلي، وهي الثغرات التي يسلط عليها محامي الدفاع الضوء الآن:

- تهمة المخدرات الواهية: لم يُعثر على أي أثر للمخدرات في دم أو بول بركات، رغم أن الحكم شدد على أنه كان تحت تأثيرها. الدليل الوحيد المزعوم كان آثار مادة THC (المكون الفعال في الحشيش) في قيء عُثر عليه بالفندق، وهو دليل وصفه الخبراء بأنه "غير موثوق" ولا يثبت التعاطي لحظة وقوع الحادثة.

- كاميرات الفندق تناقض الادعاء: وثّقت كاميرات المراقبة دخول بركات إلى الفندق وهو يحمل ابنته ويعطيها بالونات، ولم تظهر عليه أي علامات سكر أو تأثير للمخدرات.

- تشريح غير مكتمل: الطفلة صوفيا كانت تحمل الجنسية البريطانية، وكان من المفترض قانوناً أن يشارك ثلاثة خبراء في عملية تشريح جثتها. لكن العملية أجراها خبير كازاخستاني واحد فقط، مما يثير شكوكاً حول دقة النتائج.

هذه "الإخفاقات القانونية الجسيمة"، كما يصفها محامي الطيار، دين-محمد ناريمبيتوف، هي ما تعطيه اليوم "أسباباً قوية للأمل" في تبرئة موكله استناداً إلى الأدلة الجديدة.

أما بركات نفسه، فيتمسك ببراءته من داخل السجن قائلاً: "مدينا تعرف أنني بريء، عائلتي تعرف أنني بريء، ومحاميي يعرفون أنني بريء".

موقف الزوجة
عند سؤالها للتعليق على هذه الاعترافات، رفضت مدينا الإدلاء بأي تصريح مباشر، مكتفية بالقول: "لن أجيب على هذه الأسئلة".


الجدة مع حفيدتها

والدة بركات لـ""الخليج 365"": ابني ضحية مؤامرة وتخاذل بريطاني

في شهادتها الحصرية لـ""الخليج 365""، لا تخفي والدة محمد بركات مشاعر الألم والغضب والمرارة التي تعتصر قلبها منذ خمس سنوات. هي لا ترى ابنها مجرد ضحية لزوجة كاذبة، بل ضحية لنظام قضائي فاسد وتخاذل من حكومة بلاده. وفي ما يلي، تعرض "الخليج 365" المقابلة المصورة:

1. من غير المألوف أن يبقى رجل على تواصل مع المرأة التي اتهمته بقتل طفلته. هل يمكن أن تصفي لنا طبيعة هذه العلاقة طوال السنوات الخمس الماضية؟ لماذا استمر في محادثتها؟
لأنه كان يرغب بمعرفة حقيقة ما حدث تلك الليلة، فكل ما يذكره أنه وجد نفسه مغمىً عليه وملقى في "بانيو" الحمام، أفاق وهم يقولون له: "أنت قتلت ابنك!"وفي كازاخستان لا توجد براءة في تهمة القتل بالخطأ، بل توجد عقوبة سجن تصل إلى أربع سنوات. لهذا خافت زوجته، واعتقادها أن ابنتي توفيت جعلها تقول إنه من قتلها للشرطة. وبعدما علمت أنه ما زال حياً أرادت تغيير أقوالها، لكن المحكمة رفضت. وابني ظل يجاريها حتى يأخذ منها اعترافاً بما حدث، خاصة أنها كانت تطلب منه السماح، وعندما يسألها عن السبب كانت تسكت.

2. برأيك، ما الذي دفع مدينا للاعتراف الآن تحديداً؟ هل كان ضغطاً نفسياً، أم ندم، أم هناك دافع آخر؟
كونها أخذت الأمان من ابني وأخبرته برغبتها في إنجاب طفل آخر منه، فوضع لها شرطاً أنه سيفعل ذلك إذا أخبرته بالحقيقة، ولهذا اعترفت بأنها كسرت عنق ابنتها. وهذا ما تم تسجيله، وكان يسجل أقوالها دائماً حتى يصل إلى هذا الدليل.

3.كيف كان ابنك يرد على هذه الطلبات الغريبة بخصوص رغبتها في الرجوع له وإنجاب طفل آخر؟
بالتأكيد هو رافض داخلياً، ولا يمكن أن يثق بامرأة اتهمته بقتل ابنته. كل ما في الأمر أنه كان يستدرجها لإثبات الحقيقة.

4. المحامي تحدث عن "إخفاقات قانونية جسيمة" في المحاكمة الأولى (عدم وجود أدلة مخدرات، خبير تشريح واحد). من وجهة نظركم كعائلة، هل تعتقدون أن ابنكم وقع ضحية مؤامرة أم مجرد نظام قضائي فاسد؟
كلاهما. الحكومة فضّلت سجن الأجنبي البريطاني على مواطنتهم الكازاخستانية. حتى أنهم نشروا في جرائدهم الحكومية قبل التحقيق لإثارة الرأي العام.

5. ما هو الدور الذي لعبته الحكومة البريطانية في قضية مواطنها محمد بركات؟ هل شعرتم بالدعم الكافي منهم؟
لا يوجد أي دعم من الحكومة البريطانية حتى بعد ظهور الدليل الجديد بصوت الزوجة واعترافها. لم يحدث أي إجراء سوى إرسال السفير البريطاني، الذي علم أن ابني تعرّض للضرب والتعذيب بالكهرباء، مما أجبرنا على دفع رشاوى — أنا آسفة لقول هذا — ولكن فقط لجعل الشرطة تحميه في السجن.
وإلى الآن لا أفهم موقف الحكومة البريطانية، وأشعر أن هناك تفرقة في التعامل مع حقوق المواطنين البريطانيين من أصول عربية. فقد طرقت كل الأبواب، سواء وزارة الخارجية أو الداخلية أو حقوق الإنسان، وكل ما فعلوه هو تزويدنا بمحامية فقط.

6. بعد هذا الدليل القاطع، ما هي الخطوة التالية؟ هل تم تحديد موعد لإعادة المحاكمة؟ وما هي أكبر مخاوفكم الآن؟
نحن نحاول بأقصى جهد طلب إعادة المحاكمة، وأكبر مخاوفي ألا يُعاد النظر في القضية، وأن يستمر ابني في السجن لمدة 20 عاماً كما حُكم عليه.

7.عودي بنا إلى عام 2019. كيف تلقيتِ خبر مقتل حفيدتك صوفيا واتهام ابنك في اللحظة نفسها؟
عندما أخبرني أولادي، كنت قد اشتريت لها هدية عيد ميلادها وأجهز نفسي للسفر لقضاء عيد ميلادها مع والديها. انفعلت وقتها جداً، وذهبت للمسجد للصلاة والدعاء.
ثم أخبروني أن ابني قيد التحقيق وليس محكوماً عليه، ليخففوا عني صدمة الخبر. شعرت أنها حكمة إلهية ليحافظ الله على ابني من نفسه، فقد يتهور ويرغب في قتل نفسه من هول الصدمة.
وبعد أن صدر قرار الحكم عليه بعشرين سنة، ذهبت أيضاً وصليت، وما زلت أدعو في قيام الليل كل ليلة بأن يظهر الله الحق ويفرج عن ابني، وأن ينتقم ممن ظلمه. إيماني يقول لي إن هذه حكمة إلهية لا أعرف معناها حتى الآن، لكن ما أدعو له هو أن أرى ابني قبل أن أموت.

8. صفي لنا حالة ابنك محمد النفسية الآن داخل السجن بعد ظهور هذا الاعتراف. هل يشعر بالأمل أم بالمرارة؟
لا توجد له حالة ثابتة، فأيام ترتفع معنوياته وأخرى تنخفض حسب ما يسمعه من نتائج التحقيقات. لكن ما يثبّته هو قوة إيمانه وصلاته وصيامه.

9. عندما تتواصلين معه، عن ماذا تتحدثان؟ ما هو أكثر شيء يطلبه أو يتمناه؟
أنا لا أستطيع زيارته لأن ابني يخاف من القضاء الكازاخستاني أن يزجّ بي بتهمة.
يقول: "لقد فقدت كل شيء: وظيفتي، وابنتي، وحياتي". هو مهزوم من الداخل، انهزم من الزمن ومن زوجته.

10. كأم وجدة، ما هي رسالتك اليوم للقضاء في كازاخستان وللرأي العام الذي قد يكون حكم على ابنك مسبقاً؟
أقول إن نظام البلد فاسد، وإن ابني بريء، وأطالب بالعدل في إعادة المحاكمة والنظر إلى الأدلة الجديدة. الحمد لله على كل شيء، وإن شاء الله سيظهر الله الحق.

Advertisements

قد تقرأ أيضا