شكرا لقرائتكم خبر عن الدولار الأمريكي يعاود الارتفاع بعد هدوء التوترات التجارية والان مع بالتفاصيل
دبي - بسام راشد - أخبار الفوركس اليوم وافقت منظمة “أوبك+” أمس على زيادة جديدة في الإنتاج، وإن كانت محدودة هذه المرة عند 137 ألف برميل يوميًا. ورغم أن أسعار النفط ارتفعت قليلًا عقب الإعلان، إلا أنها لا تزال تتحرك في نطاق ضيق، حيث بلغ سعر خام برنت قليلًا فوق 65 دولارًا للبرميل.
هذا التطور يحمل وجهين: فهو خبر جيد للدول المستهلكة للطاقة – ومن بينها الولايات المتحدة، لكنه في الوقت نفسه خبر سيئ للدول المنتجة – ومن بينها أيضًا الولايات المتحدة.
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الاستراتيجية السعودية في قيادة التراجع عن تخفيضات الإنتاج تُعد بمثابة “هدية لترامب”، لأنها تحافظ على انخفاض أسعار الوقود في محطات البنزين وتُخفف الأثر الاقتصادي للرسوم الجمركية، كما أنها تضر بإيرادات صادرات الطاقة الروسية، مما يسهّل على ترامب التوسط لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بحسب تحليل الصحيفة.
وفي بعض الجوانب، كان التحول السعودي نحو زيادة الإنتاج مفيدًا للولايات المتحدة، خصوصًا من حيث أسعار الوقود بالتجزئة. فقد بلغ متوسط سعر الجالون على المستوى الوطني 3.133 دولارات يوم الأحد، وفقًا لبيانات AAA، بانخفاض طفيف عن العام الماضي (3.176 دولارات للجالون). لكن هذا الرقم يبقى مؤشّرًا عامًا غير دقيق بسبب الفروقات بين الولايات في الضرائب المحلية، إذ تبقى كاليفورنيا مثلًا الأعلى في أسعار الوقود بغض النظر عن سياسات “أوبك+”.
لكن في المقابل، تثير الأسعار المنخفضة قلق قطاع النفط الصخري الأميركي، وهو أمر قد يكون أو لا يكون مقصودًا من جانب السعودية وشركائها في “أوبك+” عند اتخاذ قرار تفكيك التخفيضات التي تم الاتفاق عليها في عام 2022. وتشير معظم التقارير الإعلامية إلى أن المنظمة تسعى لاستعادة حصتها السوقية من الولايات المتحدة وغيانا والبرازيل.
غير أن المسألة تتجاوز مجرد منافسة على البراميل بين هذه الدول. فمثلًا، صادرات النفط الأميركية إلى الصين انخفضت بنحو 50% العام الماضي، حتى قبل بدء ترامب في فرض الرسوم الجمركية، التي فاقمت الوضع وأجبرت النفط الأميركي على التوجه نحو أوروبا.
وفي السياق ذاته، تُصدّر غيانا نفطها أيضًا إلى أوروبا، مما يجعلها منافسًا مباشرًا للولايات المتحدة، رغم أن إنتاجها اليومي لا يتجاوز 700 ألف برميل، أي بعيد تمامًا عن منافسة واشنطن أو الرياض. أما البرازيل، فهي بالفعل تزيد صادراتها النفطية بشكل ملحوظ، ويذهب جزء كبير منها إلى الصين.
وهنا يكمن مسرح المنافسة الحقيقي بين مصدّري النفط: الصين وآسيا الأوسع، حيث يتنامى الطلب بشكل أسرع من أي منطقة أخرى، ومن المتوقع أن يستمر نموه القوي حتى بعد أن يبلغ ذروته في أماكن أخرى، بحسب غالبية المحللين. ومع ذلك، لا يزال الطلب الأوروبي أيضًا ينمو، والدليل هو أن العديد من الدول الأوروبية تواصل استيراد النفط الروسي رغم العقوبات والخطط المعلنة لوقف واردات الطاقة من موسكو خلال الأشهر المقبلة.
ورغم ما تطرحه “وول ستريت جورنال” من فرضية أن السعودية تحاول كسب ود ترامب، فإن سلوك الرياض منذ تعثر إدارة بايدن في الحفاظ على العلاقات الوثيقة معها يشير إلى أولويات مختلفة، أبرزها تأمين التمويل اللازم لمشروعات “رؤية 2030” في ظل أسعار نفط stubbornly منخفضة لا تعكس اتجاهات الطلب الحقيقية، بحسب “أوبك”.
أما ترامب، فيجد نفسه أمام معضلة مزدوجة: فهو بحاجة إلى إرضاء قطاع النفط الأميركي الذي غضب من الرسوم الجمركية ومن انخفاض الأسعار، وفي الوقت نفسه يريد الحفاظ على أسعار وقود منخفضة للمستهلكين. غير أن الهدفين متناقضان؛ إذ لن يستطيع تحقيق “هيمنة الطاقة الأميركية” إذا توقف الحفر بسبب ضعف الجدوى الاقتصادية.
ورغم تركيز الإعلام الاقتصادي على الزاوية السياسية المرتبطة بترامب في سياسات “أوبك+”، فإن المنظمة تتصرف بثقة بأنها تعرف أن الحديث عن تراجع الطلب العالمي على النفط مبالغ فيه.
فبعض أعضاء “أوبك+” لم يتمكنوا بعد من زيادة الإنتاج إلى المستويات المتفق عليها، مما ساعد على إبقاء الأسعار مستقرة. كما أن العودة إلى رفع الإنتاج تهدف أيضًا إلى استعادة الحصة السوقية المفقودة، وليس إلى خدمة أجندات طاقوية لدول أخرى.
في الواقع، ما يفيد منتجًا كبيرًا يخدم جميع المنتجين: أي أسعار “مثالية” لا تُضعف الطلب ولا ترفع السوق بشكل مفرط يؤدي إلى انهيار لاحق. ولهذا السبب، كما يقول أحد المحللين، لم تُغرق “أوبك+” الأسواق بالنفط كما في السابق — فأيام سياسات الإغراق انتهت.